استهداف أبناء القوات المسلحة والأمن وشخصيات سياسية وأكاديمية لم يأت بشكل عفوي ووليد الصدفة أو نتيجة لانتقام شخصي من طرف معين حاقد على الجيش.. وإنما هذا الاستهداف اليومي لأبناء القوات المسلحة تم الإعداد له سلفاً ونستطيع ان نقول عليه إنه ممنهج يهدف بالأساس إلى إضعاف الجيش اليمني والتخلص من كوادره الوطنية المخلصة.. وفي نفس الوقت إشغال القيادة السياسية بما يحدث من مشاكل هنا وهناك حتى لا تواصل مسيرتها في العمل على تنفيذ مخرجات الحوار ومتابعة إعداد الدستور الجديد الذي بإنجازه سيحقق لأبناء الشعب اليمني كل ما يتطلعون إليه من أهداف وطنية عجزوا عن تحقيقها في الماضي وفي المقدمة بناء دولة وطنية حديثة يسودها النظام والقانون ويعيش كل اليمنيين في ظل رايتها مواطنين متساويين في الحقوق والواجبات لا فضل لأحدهم على الآخر إلا بما يقدمه للوطن من خدمات جليلة تؤدي إلى تقدمه وتطوره وازدهاره. إن القوى النافذة والقوى التقليدية - خاصة تلك التي تعودت أن تهيمن وتسيطر على مقدرات الشعب اليمني وتنهب خيراته وثروته - تخشى على مصالحها التي تشعبت وأصبحت بطول اليمن وعرضها فيما لو تم استكمال هيكلة الجيش لأنها ستفقد نفوذها فيه وسيطرتها عليه.. ولذلك فإن هذه القوى ستعمل المستحيل ولن تسمح لليمنيين أن يحققوا طموحاتهم وتطلعاتهم في العيش بسلام وفي ظل وجود أمن واستقرار لأن معنى ذلك في حال تحققه هو في نظر هذه القوى محاربة لها والقضاء على نفوذها والحد من مصالحها التي تكبر يوماً عن يوم في ظل وجود الفوضى الإدارية والأمنية.. ومن هنا يتضح أنها ستكون اكبر عائق أمام تنفيذ مخرجات الحوار الوطني واكثر المعرقلين.. بل أنها ستجعل اليمنيين يدورون في حلقة مفرغة ليس لها بداية ولا نهاية من خلال افتعالها للمشاكل وتعقيد القضايا.. وأكثر ما تخشاه هذه القوى وتخاف منه بدرجة أساسية هو استكمال هيكلة الجيش وتوحيده وتحويله إلى جيش وطني يكون ولاؤه لله ثم الوطن وتكون مهمته الأساسية الدفاع عن سيادة اليمن والحفاظ على أمنه واستقراره و مكاسبه المتحققة.. ومثل هذا التوجه الوطني الذي لم تعهده هذه القوى النافذة في الجيش اليمني خلال العقود الماضية التي تعودت فيها على تقاسم ولائه لها هو أكثر ما يزعجها لأنه يعني التخلص من الأسماء الوهمية داخل وحدات الجيش والتي تشكل في حد ذاتها جيشاً محسوباً على هذه القوى تخسر الدولة شهرياً مليارات الريالات كمرتبات وعلاوات وغيرها من المستحقات والمصروفات التي تذهب إلى جيوب النافذين. وعليه فلم يكن أمام هؤلاء الواقفين ضد بناء الدولة الوطنية الحديثة منذ قيام ثورة: (سبتمبر وأكتوبر )وحتى اليوم إلا ان يستخدموا نفوذهم السياسي والعسكري والاجتماعي ويخوضوا معركة شرسة مع الشعب اليمني تشكل بالنسبة لهم حياة أو موتاً مستغلين طيبة المواطن اليمني واندفاعه العاطفي بلاوعي للتعصب مع هذا الطرف أو ذاك.. ومن هذا المنطلق استطاعوا ان يجعلوا اليمنيين يتصارعون فيما بينهم سياسياً ومناطقياً ومذهبياً وعاطفياً وقبلياً بهدف إضعافهم وتمزيق وحدتهم حتى لا تحدث منهم ردة فعل قوية ضد من يعمل على عودة الشعب اليمني إلى الخلف فيما الآخرون يتقد مون إلى الأمام بسرعة البرق.. ونعتقد ان الدرس القاسي الذي لقنه الشعب اليمني لهذه القوى يتمثل في خروجه يوم 11 فبراير 2011م إلى الساحات والميادين ممثلاً في شبابه الذين قادوا ثورة تغيير كبرى ضد الظلم والاستبداد ونجحوا فيها وهي ثورة كانت ستقود حتماً إلى التغيير الشامل وتصحيح مسار ثورتي (سبتمبر وأكتوبر ) المجيدتين اللتين تعثرتا في تحقيق أهدافهما العظيمة خلال أكثر من نصف قرن على قيامهما بسبب سوء الإدارة التي شاء لها القدر ان تكون هي المتحكمة والمسيطرة على القرار السياسي في اليمن.. لكن لأن الخوف كان قائماً من ان يحقق شباب الثورة هذا الهدف النبيل فقد سارعت القوى النافذة المتغلغلة في الجيش والأحزاب والجماعات تحت مختلف المسميات والمسيطرة على مفاصل السلطة إلى الالتفاف على الثورة وأهدافها مستغلة عدم خبرة الشباب الإدارية والسياسية وكانت حجة هذه القوى المعلنة لتبرير تدخلها هي :حماية الثورة لتنتهي بالتقاسم والمحاصصة في الحكم وتجيير أهداف ثورة الشباب لصالح الأحزاب والقوى النافذة على حساب خدمة مصالح الشعب والوطن وإقصاء الشباب أصحاب المصلحة الأولى في إشعال الثورة والذين ضحوا بأرواحهم في سبيلها وسفكت دماؤهم الطاهرة من أجلها ومن أجل إحداث تغيير حقيقي ينقل اليمن إلى مصاف الشعوب اللاحقة بركب التقدم والتطور والازدهار.. ولأن استكمال هيكلة الجيش وتوحيده يعد بمثابة ثورة كبرى لا يمكن ان يستقيم أمر الشعب اليمني إلا بتحقيق هذا الهدف العظيم فقد لجأت القوى النافذة بحكم ما تربطها من علاقة مع الجماعات الخارجة عن القانون لاستهداف ضباط وأفراد القوات المسلحة والأمن بشكل يومي لتجعل منهم كبش فداء حفاظاً على مصالحها الخاصة إضافة إلى ما تقوم به الجماعات الخارجة عن القانون من استهداف لشخصيات سياسية مدنية واكاديميين بهدف إرباك المشهد السياسي والأمني في اليمن.. لكن الحقيقة التي لا تقبل الجدل :ان القافلة تسير ولن تتوقف أبداً فالشعب اليمني عرف طريقه وماض فيه إلى نهايته ولن يتراجع أبداً إلى الخلف.. ولا نامت أعين الجبناء. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك