للثقافة أبعاد مفقودة في ساحتنا الاجتماعية سهّلت غياب الوعي الثقافي الداعم للتنمية وبناء الدولة الحديثة، كما أن للثقافة وظائف لابد من حضورها في الحراك اليومي للمجتمع لتساعد في بلورة مفاهيم التعايش والعلاقات المختلفة. الموروثات الثقافية في المجتمع اليمني متخمة لكنها في اتجاه الانقراض والغياب الذي لا يخدم الذاكرة الثقافية اليمنية، بل يحدث فيها فراغاً وجفافاً يُفقد الأجيال صفحات وجدانية من تاريخهم الثقافي. البناء المنطقي للوعي الثقافي في المجتمع يأخذ بالحسبان تلك المفردات الثقافية من دين ولغة وقيم وأخلاق وهويّة كأهم عناصر الإحياء في المراحل التي يتناسى فيها الناشئة صفحات من تاريخهم الاجتماعي؛ الأمر الذي يدعونا إلى مراجعة وجود وفاعلية بعض تلك المفردات التي ستسهم في إذكاء الروح الجماعية وتحقيق التحوّل المنشود في الوعي والسلوك. من المهم جداً قيام وزارتي الثقافة والشؤون الاجتماعية والعمل باستحداث مشاريع إعادة إنتاج المصنوعات اليدوية والمشغولات الحرفية المتناثرة في طول وعرض البلاد، إذ لابد من تخصيص معارض ومراكز عرض وشركات تسويق لتلك المنتجات التي ستشكّل مصدراً مهمّاً للدخل بالنسبة للأسر الفقيرة في الريف والمدينة، وتشجيع الشباب والفتيات على الانخراط في هذه المشاريع التي ستستوعب البطالة المتزايدة بين الحين والآخر. الهويّة الوطنية ترتبط بالثقافة الاجتماعية قوّة وضعفاً؛ لذلك فإن المتتبّع لتلك الظواهر والمنشغل بالقضايا المرتبطة بقيم وأخلاق وهوية المجتمع تتأكد له حاجة الهوية الوطنية للتنشيط والعناية الدائمة حتى لا يتحوّل ارتباط الأجيال ووجدانهم في اتجاه الضعف والتلاشي؛ ومن ثم يسهل انسلاخ الكثيرين من وطنيتهم وانتمائهم الروحي والعاطفي والوجداني للوطن والمجتمع. لذلك فإن إحياء الثقافة في مجتمعنا مسؤولية الدولة والمجتمع؛ لأن ذلك التفاعل المشترك بين الدولة والمجتمع يحمي شبابنا وأجيالنا من الذوبان والتلاشي، ويحقّق في الوقت نفسه امتلاكاً جوهرياً لأدوات التغيير ومتطلبات التحوّل في الوعي والسلوك الاجتماعي. أشعر بالتفاؤل الكبير حيال استجابة وزارتي الثقافة والشؤون الاجتماعية لمعرفتي بالدكتورة أمة الرزاق علي حُمّد والدكتور عبدالله عوبل وسعيهما المتواصل في سبيل تجاوز المعوّقات التي حالت دون نجاح الوزارتين خلال المراحل السابقة. لابد من خروج وزارة الثقافة من نشاطها الموسمي إلى نشاطها الدائم وفعلها المتجدّد حتى تستطيع تحقيق تلك النجاحات المرتقبة. [email protected]