واقع عصيب نعانيه جميعاً، وكل يوم يزداد ضراوة بسبب استشراء الفساد والفقر والعنف؛ بالتأكيد الأمنيات الجميلة وحدها لا تكفي، بمقابل أن مراكز القوى والميليشيات المسلّحة تخرق كل أمل بيمن جدير بالحياة. إن هؤلاء يعملون بشراسة وبانتقام ضد مطالب الثورة في التغيير والحياة الكريمة، بينما كل الحالمين يقعون اليوم في المأزق ذاته للأسف، بل يزداد الأمر خطراً حين تضمحل أداءات ومهام ما تبقّى من كيان الدولة. كذلك لا ضمات في الأفق إلا من خلال بروز جيل سياسي جديد يستطيع أن يصنع المفارقة المرجوة التي انتظرها الشعب طويلاً؛ على أن يهدف هذا الجيل المبادر في المقام الأول إلى تجنُّب أدوت من سبقوه، ولا يخضع للابتزاز بأي حال من الأحوال. إن هذا الشرط مهم جداً حتى لا نستمر ندور في ذات الحلقة المفرغة، ودون ذلك ستبقى سوءة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للأجيال السابقة هي المتحكمة بالحاضر والمحدّدة للمستقبل أيضاً، المستقبل الذي سيكرّر المآسي نفسها وربما ما هو أخطر بالمحصّلة. ويبدو واضحاً أن النضال من أجل الدولة المدنية والمواطنة والقانون يتقهقر لصالح مهيمنات الاستبداد والتخلُّف والهمجية. كما يمكن الخلوص عموماً إلى أن غالبية مخلّفات الثورة كانت صادمة تماماً: ركام من النُخب الإفسادية أو المتواطئة مع الفساد؛ ما يؤدّي إلى تفاقم حالتي الفوضى والعبث، وبالتالي يتسع اليأس الجمعي يوماً إثر آخر على الرغم من كل التضحيات الشعبية الجسيمة من أجل التغيير. [email protected]