قراءة في عوامل إعتلال العقل المسلم وإشكالية رفضه للأسباب • سنن الله هي الاسباب والأقدار التي بثها رب العزة في الكون والنفس والإجتماع البشري.. هذه الأسباب والسنن من تعامل معها قادته إلى النجاح في الغالب الأعم وهذا ما حصل في الغرب. • الحضارة الإسلامية في القرون الخمسة الأولى من تأريخ المسلمين : أزدهرت وبلغت ذروتها آنذاك بعيدا ً لشهادة الغربيين أنفسهم وكان الغرب ينظر إلى العقل المسلم يومها كما هو حالنا اليوم مشدوهين أمام إنجازات العقل الغربي. • التساؤل المطروح من (200) سنة تقريبا ً ولا يزال في أوساط المسلمين: لماذا تقدم الغرب ؟ لماذا العقل الغربي يتقدم بصورة مضطردة ،وعكسه العقل المسلم كلما حاول النهوض تعثر وظل يراوح مكانه ؟. • تأتي التفسيرات مختلفة حسب تخصص الباحث، تقرب ألتفسيرات وتبعد من الحقيقة ولسنا هنا مع أو ضد ، وإنما سنحاول تقديم قراءة من زاوية دينية زاوية التدين الإسلامي بشقيه الكبيرين : السني والمتمثل في التصوف والمستند إلى المذهب الأشعري والجانب الأخر هو التدين الشيعي المستند إلى المذهب الإعتزالي في أمور ، المنكر للعقل والأسباب في أمور أخرى . المهم هو أن الفكر الصوفي والشيعي ومن ثم التدين لدى الفريقين إتفقا حول ما يضرنا وهو جانب التعامل مع الأسباب المؤدية إلى تقدم الحياة والنهوض الحضاري . عوامل الإعتلال • عوامل إعتلال العقل المسلم وإشكاليته في التعامل مع سنن وأسباب النهوض الحضاري : يمكننا إجمالها في أربعة عوامل: العامل الأول: (الإنحراف بمفهوم القدر) الإنحراف بمفهوم الإيمان بالقدر بدأ مبكرا ً في الثقافة والفكر الإسلامي ...بإختصار جاء مبررا ً للطغيان والظلم الصادر من طغاة الحكام ...غير أنه لاقى مقاومة ، ولم يقل به الا طاغ ٍ أو رجل دين فيه خلق كلبي (آتيناه أياتنا فأنسلخ منها ....إلى قوله تعالى فمثله كمثل الكلب) وآخر لديه فقه حماري (كمثل الحمار يحمل أسفارا) غير أن هذين النوعين لم يكن لهم حضورا ً قويا ً في الوسط الإسلامي. • وبمرور الزمن أجتمع عاملان طغيان سياسي + دخول العقل الفقهي نفق التقليد فاجتمعا ليُثمرا عامل إعتلال أخطر هو العامل التالي: العامل الثاني: (الكفر بالعقل) وإن شئت فقل الكفر بإنسانية الإنسان ؛ ذلك أن ما يميز الإنسان عن غيره هو العقل . هذا العامل امتاز باتفاق فريقي المسلمين سنة وشيعة ، بخلاف . العامل الأول : هذا الإتفاق هو الأخطر ؛ ذلك أن أختلاف الطائفتين سيؤدي بطبيعة الحال الى بعض المراجعات وإستخدام العقل والتفكير و.و.و لكن الذي حصل هو الكفر بالعقل لدى الطرفين ...وبالتالي فالعقل متهم عند الفريقين فالشيعة ركبوا الصعب والذلول في كل مجالات الفكر ليثبتوا الحق الإلهي في الحكم لأولاد علي ولا مجال عندهم للعقل والمناقشة أبدا ً فالدنيا والسماوات والأرض والخلق كلهم خلقوا لأجل أولاد علي يحكمون والدولة يجب قيامها لأجل الدولة فقط . وهذا يعني رفض التعليل العقلي للسلطة وأنها جاءت للعدل ورد الحقوق ...الخ ولهذا رفض الشيعة مقاصد الشريعة وفكرة جلب المصلحة ودفع المفسدة . • أهل السنة رفضوا العقل لإعتبارات أهمها ما يتصل بموضوعنا وهو عدم السؤال حول القدر (ظلم الظالم) ولا داعي في التفكير في العدل ولا ...ولا..إن كان ذلك في عصر الراشدين وانتهى إلى غير رجعة . ووصلت نظرية الإعتلال والعياذ بالله إلى حد القول (الطبيعة ميدان كوارث الخالق ولا يُسأل عما يفعل ) [ وكذلك الإنسان ، هو ميدان طغيان الحاكم ولا اعتراض عليه وأن جلد الظهر وإن قتل وهتك ؟ ويجب ترك العقل هاهنا وهذا هو الشرع بل هذا هو المجمع عليه ؟ وبالتالي فالحاكم لا يُسأل عما يفعل والعياذ بالله . • العامل الثالث: (الكفر بالأسباب) نعم هكذا قالوا لا تنظر إلى الأسباب والتفت إلى خالق الأسباب ؛ وهذه مغالطة ...إذ أن الإلتفات للأسباب هو من شرع الله وتعاليم رسول الإسلام فالرسول صلى الله عليه وسلم نفسه سبب لهداية الناس ، والقرآن سبب لإرشاد العقول إلى التعامل مع الحياة...يأتي الجواب : النظر إلى الأسباب شرك ؟ هكذا إرهاب فكري ديني ...فإذا قيل : هذا رسول الإسلام يقول (إحرص على ما ينفعك وإستعن بالله ولاتعجز) يعني خذ بالأسباب وتوكل على الله ..جاء جوابه نحن في عصر لا يوجد فيه مجتهدون ، وبالتالي : فالنص مظلة الإفهام – النص طريقة الضلال؟!. • الشيعة بالمقابل: لا يجوز تفسير النص إلا من المعصومين فقط. وهكذا التقى الفريقان عند نقطة (إكليروس) إحتكار التفسير الديني ، إذن فنحن أمام نفس ثقافي كنسي. تطور أخطر عند فريق السنة لم يتوقف الأمر عند هذه المهزلة والعبث بالدين والشرع والعقل ، بل وصل إلى حد الجرأة على الذات الإلهية تحت إسباغ التعظيم لله عز وجل ، وقد تكون النية هنا صادقة ، لكن توظيف الفكرة لها آثار مدمرة على الحياة والتشريع و.و.والخ ، نعم ظهرت الفكرة إنتصارا ً وتعزيزا ً للعامل الآنف – إنكار الأسباب ، فكانت أسوأ وأخطر تقول الفكرة ( لا فاعل في الحقيقة إلا الله ) أستغفر الله مليار مرة ؟ فالسكين لا تقطع والقاطع هو الله ، النار لا تحرق الله هو الذي يحرق ، الماء لا يغرق الذي يغرق هو الله ، الظالم الطاغي القاتل ال.ال.ال. ليس هؤلاء الفاعل هو الله ) تعالى الله عن هذا الهراء وأستغفره وأسأله العصمة ؟ وإذن دخل في غيبوبة لكن بإسم الدين . • العامل الرابع [ الخلط بين معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء ] • هذا العامل أتفق عليه فريقا السنة والشيعة . مع زيادة أن بعض فرق الشيعة تقول ببقاء النبوة في أولاد علي . • كما أن هذا العامل جاء لينكر الأسباب وإنما هناك معجزات وكرامات يصل إليها كبار الأولياء – المعصومون في الثقافة الشيعية – يقابلهم الأقطاب والأوتاد وفوقهم الولي الأكبر ( الغوث ) عند الصوفية – فريق السنة ، وهناك روايات صنعت خدمة لهذا الإتجاه ...وسيصل الحال عند الفريقين إلى إعتقاد فاسد – تفضيل الولي على ا لنبي ؟ كيف ؟؟ قال الشيعة أن المهدي المنتظر سيقوم بين الصفا والمروة عند ا لسحر وينادي بصوت هادئ أيها الناس أنا المهدي المنتظر فتأتيه الخلائق في لحظات وتبايعه قبل طلوع الشمس .طيب هذا لم يحصل للرسول؟ الجواب : لا تنكر قدرة الله ، لا تستخدم العقل هنا لا تفكر بالأسباب وفوق ذلك فالمهدي له وضعية خاصة ؟ بالمقابل : عند التصوف : الغوث هو واحد في الدنيا فقط والله لا يفعل شيئا في الدنيا قبل مشاورة الغوث ؟ والكلام طويل وغريب وعجيب . أخيرا ً كرامات الأولياء – التطبيق والممارسة يقول السبكي في كتابه طبقات الشافعية : أهم كرامات الأولياء – إحياء الموتى ، مخاطبتهم إنفلاق البحر ، إنزواء الأرض ، المشي على الماء ، مخاطبة الجمادات والحيوانات وطاعتهم ، إبراء العلل ، طي الزمان ونشره ؟؟جذب القلوب ، الصبر على عدم الطعام والشراب لأيام طويلة. • أكل الطعام الكثير حق العشرات بل المئات ؟ رؤية المكان البعيد من وراء الحجب لكن الرائي يموت في اللحظة ، التصور بأطوار مختلفة ؟ إطلاع الله أياهم على ذخائر الأرض [ههههههه ] نتساءل : لماذا تركوا أمة الإسلام تتسول كل شيئ وهم يعلمون ذخائر الأرض؟ هل هؤلاء عملاء مع الكفار والصهيوصليبية ثم لماذا عاش هؤلاء عالة على الناس يتضورون جوعا ً وبعضهم تمول إلى ناهب الأراضي بإسم النذور والتخريف لم لا يفتحون مناجم الذهب والنفط وغيرهما ويأخذون لهم 50 % كيف يرضون بإذلال الإسلام والمسلمين ؟. • يقول الشعراني صوفي من القرن العاشر في طبقاته : إمرأة كان لها طفل وحيد فمات حضرت إلى سيدي ( فلان )وطلبت عودة ولدها فلحق سيدي بملك الموت وطلبه روح الولد فأبى كأنه مأمور ، فضرب سيدي الزنبيل فتناثرت أرواح كل من مات ذلكم اليوم وعادوا من قبورهم ؟ قال أبو حامد الغزالي : في كتابه منهاج العابدين : أن ضرب الولي بيده في أي مكان تخرج كنز ، وركضه برجله يطلع ماء ، والوجاهة له على باب الله فلا يرد طلب ؟ وقال : ثم عرض شخصية على الحسن البصري : أحدهما قضى الدنيا وعاش عاله على الناس ، والآخر طلب الدنيا ونوى إنفاقها في جميع وجوه البر والعدل ونفذ ذلك عمليا ً ، فقال الحسن : هيهات بين الرجلين ما بين السماء والأرض أفضلها تارك الدنيا . النتيجة – غياب فقه المقاصد • من بعد القرن الخامس كان التصوف هو المهيمن على توجيه الأمة. • من العوامل وإعتلالات التدين الآنف الذكر كما أشرنا رفض العقل والكفر به ، وهذا يعني رفض الأسباب. • غياب المقاصد الشرعية ثمرة طبيعية لرفض العقل ، لأن المقاصد هي التوجه مع العلل والأسباب المعقولة في الشرع وفي الحياة . • نسمع هذه الأيام الدعاء في بعض المنابر (اللهم أرفع بشريتنا وارزقنا بلا سبب) وحسب أحد العقلاء أن رفع البشرية يعني المسخ ؟ تلكم هي الماحة سريعة حول أزمة العقل المسلم مع السنن .