يصعب على المرء أن يسترسل في الحديث عن مثالب وآلية العمل الإعلامي والصحفي وما وصل إليه من متاهات وحرب طاحنة بين هذا وذاك وأسهم في خلق تشاحن واقتتال وعربدة وفوضى حتى أضحى الحليم لا يُفرق بين الغث والسمين وندعي أننا نملك إعلاماً حراً ونزيهاً ومحايداً، وأظن أن الحياد كذبة إعلامية كبرى كما قيل.. سباق محموم في التعاطي مع الفتن والاتهامات ونشر أكاذيب بقصد النكاية وتشويه إنجازات الآخرين، كله يتم عن طريق آلة الإعلام المدمرة.. هرولة نحو السبق الصحفي الخالي من المهنة والإنسانية هكذا أرادوا أن يتفننوا في الصورة النمطية لإعلامنا في بعض الصحف فأصابوه في مقتل وحالة من عدم الاتزان فهل نعي مخاطر الإعلام أم نظل سادرين في غينا وحينها نخلق تشوهات في مفاصل وطننا ومجتمعنا بمنأى عن المعالجات الحقيقية.. مواقع وصحف ورقية تنشر غسيلها على الملأ دون تريث أو تثبت، يهمها الإساءة والتطبيل أحياناً وبشيء من (اليرهدة) والحمق ولا أحد يساوره القلق أو حتى الخجل مما ينشره في وسائل الإعلام المختلفة، وما يترتب عليه من نتائج سلبية تعود بفرقاء العمل السياسي إلى المربع الأول.. حقيقة إن المرء يتطلع بشغف لأية أخبار وبعجالة وتحليل يشف صدره لكن لا يمكن أن تكون على حساب الحقيقة والمهنية الحقة والخبر الصادق. لا ننكر أن العالم أصبح اليوم فضاءً كونياً مفتوحاً في ظل نيو ميديا (الإعلام الجديد) ولا مكان للإعلام التقليدي وأدواته العتيقة ولاسيما المعقدة منها إلا أنه يلذ للمرء أن يتساءل عن معايير ومهنية النشر في مثل هكذا موقع إلكتروني أو صحافة ورقية وضوابطها حتى لا يكون رجل الإعلام في سوق النخاسة بدراهم رخيصة وكل من حزمته أمه (نشر) غير مبالٍ بأخلاقيات الصحافة وآدابها ولذا سيقع الجميع في المحذور والتطاول وحينها يقع الفأس في الرأس ولعلنا هنا نتساءل وبحرقة: متى يتم تتغير الصورة النمطية لإعلامنا ليشكل وعياً مجتمعياً وتنويرياً بدلاً من احتدام وإشعال الحرائق هنا وهناك على حساب من نازعتني إليه في الخلد نفسي كما قال الشاعر؟. مؤملين في هذه التناولة من أصحاب النفوس المريضة والكتابات النارية المزعجة أن تعي قبل خراب مالطه.