«83» وترتّبت على الغطرسة والتعالي والحرب النفسية والإعداد العسكري والقبلي الهمجي لغزو تعز والمناطق الشافعية وفقاً لبيان أصدرته الطغمة العسقبلية ردود فعل قوية من ممثلي المناطق الشافعية الموقّعين على بيان الجبهة القومية، وهي من الوثائق التاريخية الشهيرة في سياق العلاقات السياسية بين أصحاب الحق التاريخي المزعوم، شيوخ الإقطاع التقليدي القبلي + الطغمة العسقبلية والمتسمة دوماً بالتوتر والتحفز للمواجهات العسكرية وسكان المناطق التي وقعت تحت الغزو والاحتلال، وصدر بيان شديد اللهجة في تعز ردّاً على تهديد حسن العمري تضمن: أ محاصرة الجنود القادمين من صنعاء. ب مخاطبة الموقّعين من ممثلي الزيدية على التطوّرات والاستفزازات. ج إلقاء القبض على أحمد الرحومي وتقديمه إلى المحاكمة أمام محكمة شعبية. د إعدام هادي عيسى رمياً بالرصاص إذا صحّ وصوله إلى تعز. واختتم البيان قائلاً: «ولتعلم عصابة صنعاء أن شعبنا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينقسم إلى زيدي وشافعي، وأن شعبنا يعرف أن سياسة العمري وجماعته القائمة على أساس “فرّق تسُد” قد أصبحت مفضوحة مهما حاول سترها وإخفاءها». وأسدل الستار عن هذه الاتفاقية بوصفها مستحيلة التنفيذ لأسباب تتعلّق بظروف المواجهات العسكرية في الشمال، وتعنُّت الطغمة العسقبلية في صنعاء نكث العهد كالإرياني عبدالرحمن وغيره بحسب البيان واستعيض عن تطبيقها ببعض الإجراءات كسحب أحمد الرحومي من قيادة تعز، وتثبيت أمين عبدالواسع نعمان محافظاً لتعز، وتعيين أحمد محمد نعمان رئيساً للوزراء ولفترة قصيرة، والشروع في إنشاء إذاعة تعز والتي فجّرت التضادات بين طرفي المشكلة؛ وبذلك أعيدت السيطرة على تعز بالتقاسم السياسي الشكلي. 2 اتفاق القاهرة وبيان طرابلس، في سبتمبر 1972م انطلقت العمليات الحربية المعادية للجنوب من صنعاء، والأهداف هي إسقاط النظام السياسي وإلغاء الدولة تحت شعار إلحاق “الجزء إلى الكل” وهلمّ جراء من هذه الذرائع وجمل التضليل الديني والسياسي، وانتهت الحرب بتدخُّل الوساطة الإقليمية وانتصار القوات المسلّحة الجنوبية على القوات المسلّحة والقبائل القادمة من المنطقة القبلية. ونصّت اتفاقية وقف الحرب على سحب قوات الطرفين إلى الحدود وتحت إشراف جامعة الدول العربية، ونفّذت هذه النقطة تحت إشراف مندوب الجامعة وهو ضابط سوري، وأضحى هو المراقب على استقرار الحدود وعمل لجان الوحدة، وتشكيل اللجان للإعداد “للوحدة” بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية، ومن أهم اللجان اللجنة الدستورية، اللجنة العسكرية والأمنية، واللجنة الإدارية. وبدأت أعمال هذه اللجان نشاطها مفتتح سنة 1973م، وإنشاء مكتبي الممثلين الشخصيين لرئيسي الجمهورية أحدهما في عدن ونظيره في صنعاء وكانت مهامها إدارة العلاقات بين الطرفين. وفي فبراير 1972م اندلعت الحرب بين طرفي اتفاقية الوحدة وبيان طرابلس في عمليات حربية محدودة على الحدود ولم تدم طويلاً؛ فقد توسّطت حكومة الكويت لإيقاف إطلاق النار وسحب القوات إلى مواقعها السابقة، واستأنفت اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة أعمالها في مارس 1972م في صنعاء. وفي الكويت استضاف أميرها اللقاء الذي جمع الرئيس عبدالفتاح اسماعيل والرئيس علي عبدالله صالح، وفي هذا اللقاء عرض الرئيس عبدالفتاح الشروع في تنفيذ اتفاق 1972م، وصدر بيان الكويت الذي أكد استئناف أعمال اللجان.