المشاريع الوهمية تُحدث فتحات عظيمة في جدار خزينة الدولة حتى ينساب المال العام بعذوبة إلى أرصدة الفاسدين، مثلاً أمانة العاصمة أزالت الإسفلت من الحارات المجاورة للقصر الجمهوري وهو في حالة جيّدة؛ إذ لا سيارات تمر أو تزدحم هناك عدا الخاصة بأهالي الحي، ولماذا..؟!. حتى يتم رصف تلك الطرقات بالحجارة على غرار أزقّة صنعاء القديمة، خطوة إيجابية، تؤكد أمرين؛ الأول وجود ذائقة فنية عالية لدى أمين العاصمة، والأخرى طفرات مالية هائلة تعيشها الدولة، وإلا كيف لبلد يقول إنه لا يملك لموظفيه رواتب الشهور القادمة أن يفكّر بتلك الطريقة العبثية..؟!. المقرضون والمانحون والخيّرون ضاقوا من سماع مسوغات لا تنتهي، لا أحد سيستمر بتدفق أمواله إليك، ومن يعطيك اليوم سيعتذر غداً وينهرك بعد غدٍ، خاصة إذا قرأوا التقارير الدولية والمحلّية التي تؤكد أن أموال المانحين تذهب إلى مشاريع فساد، ثم تجد طريقها بسلاسة إلى بنوك دبي وأوروبا..!!. ووحده عيد الوحدة من يقف حائراً يقلّب وجهه بين الوجوه المتصلّبة بمسمّيات الوطنية والشرف والنزاهة والنضال والإخلاص والتنوير والتثوير، الوجوه التي تتحدّث دائماً عن الشيء الذي ينقصها، كما كان يقول “برناردشو” توغل في الحديث عن النزاهة لأنها تشتاق إلى اتخاذها سلوكاً. هذا أول عيد يمر على ذكرى الوحدة اليمنية والبلاد على هذا النحو المتردّي أكثر مما كانت عليه في 2011م، وأول عيد وحدة يمر والحروب الداخلية تشتعل بسرعة فائقة ومتلاحقة: في أبين وشبوة وسيئون حرب يقودها الجيش ضد الجماعات الإرهابية، وفي عمران وصعدة حروب عنيفة تخوضها الجماعة الحوثية المتمرّدة ضد الجيش والأمن، وتختلق التبريرات الرعناء لاستمرار القتال ضد منتسبي المؤسستين العسكرية والأمنية. وأول عيد للوحدة يمرُّ في ظل أزمات مادية خانقة، فانقطاع الكهرباء والمشتقات النفطية ساوى بين الفقير والغني لأول مرة، كلاهما في ظلام، ولا ضوء غير في بيوت العصابات الذين أثروا ب«الفساد» وضمنوا احتياجاتهم المختلفة. وأول عيد للوحدة يمرُّ وقد تراجعت البلاد من وحدتها الاندماجية إلى الوحدة الاتحادية بموجب وثيقة مؤتمر الحوار النهائية ومباركة مجلس الأمن؛ فإن اليمن سينتقل من الوحدة الاندماجية إلى وحدة اتحادية، لكن سنستبشر خيراً فربما فعل اليمن كما يفعل الرياضيون الوثابون حين يرجعون إلى الخلُّف خطوة حتى يثبوا إلى الإمام مسافة أبعد، وربما تراجعنا من الاندماجية إلى الاتحادية حتى ننطلق بدولة قوية بصيغة فيدرالية قادرة على البناء والتنمية. [email protected]