كهذه الفترة (أواخر مايو –أوائل يونيو) سال الدم اليمني وبلغ ذروة النزيف. فقد كانت حرب الحصبة وأرحب ومحرقة تعز وحادثة النهدين رباعية الرعب والجنون في العام 2011. كانت السلطة السياسية قد فقدت وعيها تماماً والأمور تذهب باتجاه التسوية السياسية حيث المبادرة الخليجية على الطاولة وحيث النظام العائلي لايريد أن يغادر سدة السلطة إلا وقد أنجز ماوعد: حرب أهلية (صوملة اليمن). جرت تلك الأحداث والثورة الشبابية السلمية عند المنتصف وبالنسبة لنظام يشعر أنّ أوانه على وشك كانت فكرة الحرب هي الأكثر رلحاحاً والأقرب إليه، فمازال لديه من السلاح غير المستعمل الكثير و الوقت قليل. من الثابت أن مجزرة جمعة الكرامة وتداعياتها الأمنية والسياسية فرضت واقعاً لم يتوقعه النظام الذي خرج الملايين هاتفين برحيله، وقد قصمت الاستقالات الفردية والجماعية ظهره المتين من منتصف عموده الفقري ، حينذاك كانت الحرب خيار الضرورة وحصان الفرصة الأخيرة ،الرابح كما ظن. ساد هذه الفترة ضباب ودخان ودم ولم تؤتِ فكرة حروب الاستنزاف أُكلها في فم النظام الذي كان يبحث عن حرب ويهرب إلى أخرى كيما تختلط الأوراق ويجرف ريحَ الثورة إعصارٌ من حيث لاتحتسبه. “عليّ وعلى أعدائي” . في حرب الحصبة بدت هذه المقولة أكثر تنفيذاً وواقعية. وكان يمكن للحرب أن تغير اتجاهات الريح وللريح أن يبلعها الإعصار غير أن الله كان موجوداً في الحصبة وأرحب وتعز وكل اليمن. هي أيام الدم وموسم الضراوة وجاءت حادثة النهدين على ذات السياق ،ففي ذلك الظرف كان مسعرو نار الحرب على أقصى درجات النشاط وكلما أوقدوا شرارة انطفأت قبل اكتمال الاشتعال. وتلك الأحداث بمرارتها لايجوز أن تظل حقائقها دفينة الرماد ،فبعد سنوات ثلاث من وقوعها لم يعثر اليمنيون على ضالتهم في معرفة حقيقة ماجرى ومن أجراه. هنا أترك للتاريخ أن يقول كلمته فذلك شأنه وللقضاء العادل أن يبين عن الحقيقة بما تسفر عنه نتائج التحقيقات ،فلا شيء أسوأ من الحروب سوى التكهنات. ولاشك أن بقاء الحقيقة معلقة على مشجب الريح يمنح الراغبين في بقائها على هذا النحو فرص ابتزاز سياسي وتوزيع أصابع الاتهام جزافاً على أكثر من جهة. ثمة من لا يريد لحقائق جرائم الحرب ألا تظهر وهذا مايعني أن هذه الجرائم قيد الاستمرار مالم تقطع الحقيقة قول كل خطيب. [email protected]