«88» وحتى الآن لا تسهم الأموال المتركزة بأيادي الأقلية الطفيلية في الإنتاج المحلي ولو حتى بنسبة 1 %؛ ولذلك فإن الصراع القائم هو صراع مزدوج بين الأقلية “الطغمة العسقبلية وشيوخ الإقطاع التقليدي” الذي ينطوي على ازدواجية اجتماعية جهوية أكثر ما ينطوي على الثنائية الطبقية، وبين الفقراء والمعذّبين، وهو صراع ينتمي إلى المرحلة التاريخية المشوّهة الواقعة في مدار المرحلة الانتقالية من الإقطاع القبلي إلى المرحلة التجارية ذات الوظيفة الكمبرادورية؛ وهي الواسطة بين الشركات المنتجة والمستهلك البسيط؛ وبمعنى أكثر دقّة الواسطة بين الأسواق ذات الجودة السيئة والمستهلك غير النوعي. 2 اندلاع أشكال متعدّدة للمقاومة الشعبية السلمية بالمحافظات الجنوبية في مواجهة سلطة صنعاء حينذاك التي استفزّت السكان بتعاليها وغطرستها ومبالغتها بنهب مرافق الاقتصاد في المحافظات الجنوبية "المصانع والمزارع ومرافق السياحة والخدمات العامة المالية والاستهلاكية" واستمرارية الملاحقات الأمنية والتنكيل بأسر الناشطين في الحراك السياسي السلمي. وتصاعدت وتيرة المقاومة الشعبية السلمية بعد اكتشاف استراتيجية السلطة في تحويل مسار الانتفاضة إلى وحل الأعمال العنيفة وربطها بعجلة “الإرهاب” العالمي الذي تقود الولاياتالمتحدةالأمريكية ما تزعم أنها حرباً عالمية ضده، ووصلت سنة 2007م إلى مستوى أعلى من المواجهات بين نشطاء الحراك في عدن والضالع والمكلا؛ إذ ارتفع عدد ضحايا القمع الأمني إلى عديد من الشباب منزوعي السلاح، كما زادت وتيرة الاعتقالات والإخفاءات القسرية. وفي سنة 2007م انعطفت المواجهات السياسية بين مكوّنات الحراك وأجهزة قوة السلطة آنذاك إلى مفترق طرق أكد عدم القدرة السياسية على العودة إلى المربع القديم؛ إذ بدأت السلطة بتنفيذ استراتيجيتها بتدمير أي معلم “للدولة” فأطلقت خلاياها الإرهابية النائمة التي أصبغت عليها لقب “جيش عدنأبين” مفتتحة عملياتها سنة 1998م باحتجاز السيّاح في منطقة أبين، وبقية المسرحية لهذه العملية أضحت معروفة والمنتهية نشاطها بإعدام الضحية البائسة زين العابدين المحضار؛ وبعدئذٍ قامت بالاعتداء على البارجة العسكرية الأمريكية “يو. إس. إس” سنة 2000م وكانت العميلة السرّية للمخابرات المركزية الأمريكية «سوزان لينداور» قد قالت إن عملية “ كول” كانت مدبّرة مسبقاً بعلم رأس السلطة في صنعاء أو أجهزته الاستخباراتية الموالية له شخصياً وتوافقت مع هوى وهوس الإدارة الأمريكية في نقل مزيد من القوات “المارينز” والتمركز الاستخباري في باب المندب والأمكنة الاستراتيجية. واشتد عود المقاومة الشعبية السلمية بخروج علي سالم البيض من معزله السياسي القسري ودخول إيران على خط الصراع السياسي في المنطقة؛ الأمر الذي أضاف بُعداً إقليمياً حادّاً إلى الصراع وجنون عظمة لدن رأس السلطة في صنعاء ما أحدث تراكماً في سياق الاستقطابات الإقليمية والدولية. وقرّرت الطغمة المتسلّطة في صنعاء - حينذاك نكاية بسكان المحافظات الجنوبية وعناداً جاهلياً للطارئ المعارض علي سالم البيض - تطبيق المرحلة الثانية من الاستراتيجية الخبيثة ضد الجنوب أرضاً وشعباً باتباع الخطوات العملية الآتية: (أ) الدفع بجماعات مجهّزة عسكرياً إلى حضرموتوأبين وشبوة وعدن تحت قيادة قادة المنطقة العسكرية الجنوبية، والبدء بعمليات عسكرية نوعية للإعلان عن خصم وهمي للأمريكيين وهو تنظيم «القاعدة» وتقديم الذريعة التي كانت تبحث عنها الاستخبارات الأمريكية لتشغيل الطائرات دون طيار، وقصف أهداف محمّلة على شبكة المخابرات كما حصل في “المجعلة” ومن ثم مواصلة الضرب العشوائي كعملية اغتيال “الشبواني” في مأرب، وهلمّ جرّا.