عندما تحل أية مناسبة سعيدة على أي شعب من شعوب الأرض؛ يستبشر أبناؤه بكل خير، ويخيّم عليهم الفرح والسرور، ويشعروا بالسعادة والحبور؛ إلا نحن في اليمن الميمون؛ فما أن يهل خبر قدوم المناسبة السعيدة أياً كانت سواء الشهر الكريم أم عيد الفطر أو عيد الأضحى أو غيره حتى ينشط لوبي الجشع المسعور. فمواسم الاستغلال هلّت، وحان الوقت لابتزاز عباد الله؛ فيعم العبث كل شيء، ترتفع أسعار كافة السلع والبضائع بشكل جنوني وعلى رأسها السلع الغذائية الأساسية الضرورية التي لا يمكن أن يستغني عنها الإنسان سواء الفقير المعدم أم الغني الميسور، والسلع والبضائع القديمة المخزونة تغرق الأسواق وهي إن كانت أغذية فمنها ما انتهت صلاحيتها، ومنها ما أوشك على انتهاء صلاحية الاستخدام، وإن كانت ملبوسات فهي بالية ومهترئة جرّاء تخزينها لسنوات طويلة وشهور. والأسوأ من ذلك وجود سلع وبضائع أخرى معروضة في محلات البيع دون هويّة أو ملامح، فليس عليها ما يوضح بلد المنشأ أو مدة الصلاحية، وذلك غش واضح لا مستور. ولكي يضمن أرباب الجشع بيع السلع والبضائع الفاسدة؛ يستخدمون أساليب الخداع، فإما أن يدسّوها ضمن ما يماثلها من السلع والبضائع السليمة؛ وذلك غش غير منظور، وإما أن يستخدموا الخداع العصري وهو إعداد كل ما أوشك على انتهاء صلاحية استخدامه أو انتهت صلاحيته بالفعل على هيئة عروض مخفّضة الأسعار تغري الجميع وبالأخص محدودي الدخل الذين يقعون ضحية طمع النسور..!!. أما موال كل مناسبة فهو شحّة وجود الغاز أو عدم وجوده نهائياً في منافذ البيع المنتشرة، وأي غاز ..؟! الغاز الطبيعي المنزلي الذي تتمتّع اليمن بوجود مخزون هائل منه في باطن أرضها الطيبة، ليس ذلك فحسب بل إنه يصدّر إلى خارج اليمن السعيد وذلك بالفعل هو الإنجاز، وبالرغم من هذا فإن سعر «أنبوبة الغاز» يصعد فجأة كالصاروخ ليحقّق أعلى سرعة في عالم الابتزاز. وعملية الإطلاق تلك تتم وفق خطوات محدّدة أولها تقليل كمية توزيع «أنابيب الغاز» كما يفيد البائعون؛ وبالتالي يقل المعروض منها في منافذ البيع أو أنها تختفي بفعل فاعل حتى يتم المراد، وتنفّذ هذه الخطوة بشيء من الاحتراز. الخطوة التالية هي إخفاء الغاز وعدم بيعه للمواطنين عدا من التزم منهم بالسعر الجديد الذي يحدّده البائع وإلا فالإجابة: لا يوجد غاز ولا «صليط» ولا «قاز» أما الكم الأكبر من هذه المادة الضرورية فيخصّص إما لمن يدفع أكثر أو لأصحاب عربيات اليد الذين يجوبون الشوارع ليبيعوا «أنابيب الغاز» بأسعار مبالغ فيها، ربما بالاتفاق مع البائعين أصحاب الامتياز. وغالباً ما تزيد الأسعار لتبلغ ضعف السعر المقرّر؛ وقد تصل إلى ما يقارب الضعفين؛ فتلك فرصة الفاسد الغافل عما أمر به الخالق ذو القدرة والإعجاز؛ وذلك الضرر بالتأكيد يشكّل عبئاً كبيراً على الفقراء ومحدودي الدخل من مختلف أوساط المجتمع المتضرّرين في جميع الأحوال جرّاء ذلك العبث الذي يمارسه الفاسدون وأرباب الجشع بكل اعتزاز.وللأسف أن يحدث كل ذلك في ظل وجود الرقابة الناعمة المزعومة لذوي الاختصاص مقيدي الحركة في كل من وزارة الصناعة والتجارة ووزارة النفط، ربما لأنهم يرتدون «نظارات» المكفوفين ويتحرّكون على عكاز..!!. فهل تم تفعيل دور الرقابة السعرية والتموينية، وكذلك الرقابة على تسعيرة الغاز والحد من إخفائه في المناسبات السعيدة لتحاشي الاستغلال والظلم والجور، واستبدلت نعومة الرقابة بشيء من الخشونة عند اللزوم لردع كل مخالف سيطر عليه الطمع والجشع فهما أس المصائب والشرور..؟!. ألا يكفي ما يعانيه الشعب من أزمات تلو الأزمات في الأمن والاستقرار، وفي انعدام الكهرباء وشحّة المياه، وفي شحّة وجود «البترول والديزل» وغيرها من الأزمات التي يواجهها المواطن الصبور..؟!. ثم أليس من مهام الجهات المعنية العمل على منع الاحتكار والتلاعب في بعض السلع، وضبط الأسعار والمواد الغذائية غير المطابقة للمواصفات أو المواد منتهية الصلاحية غير الصالحة للاستهلاك، باعتبار أن من واجب تلك الجهات الحزم والحسم في مثل هذه الأمور..؟!. وهلّا شعر المعنيون في تلك الجهات المسؤولة بمعاناة الناس في معيشتهم وفي صعوبة الحصول على القوت الضروري جرّاء تمادي أرباب الجشع في جشعهم، وعبث المتاجرين بأقوات أبناء هذا الشعب المقهور..؟!. وهل يتذكّر أولئك الذين جمعوا أموال الدنيا أنهم سيغادرونها حين تحل الساعة الموعودة تاركين كل شيء، حاملين معهم أعمالهم فقط إن خيراً فخير وإن شراً فشر، وسبحان الجبار المنتقم العفو الغفور..؟!. وصدق المولى جل في علاه القائل: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره)، فألهم اللهم المسؤولين المعنيين الصواب، وألهم أصحاب الأموال اتقاء الله في أبناء وطنهم لينالوا حسن الثواب يوم النشور، يوم لا ينفع مال ولا بنون، حتى لو امتلكوا أموال الدنيا ونصف الكرة الأرضية، وتلك هي القضية. [email protected]