ها قد حلّ علينا أجمل الضيوف وأعز الشهور، فكل عام وأنتم واليمن والأمة العربية والإسلامية بخير وسلام وأمن وأمان. قبيل الشهر الكريم تبدأ التجهيزات التي يجب أن لا ترتبط بهذا الشهر الفضيل، حيث تمتلئ الأسواق والمحلات بالناس الذين يتصرفون وكأن هذا الشهر موسماً للأكل والتسوق وليس للزهد والعبادة. ويتصرف القائمون على القنوات الفضائية وكأن هذا الشهر موسم لعرض المسلسلات والبرامج التلفزيونية وليس موسماً للصلاة والإكثار من قراءة القرآن والقيام والعبادة. اللافت في الأمر هو تعمّد بعض القنوات العربية بل وتنافسها لعرض مسلسلات لا تتناسب مع شهر هو أفضل الشهور وأحبها إلى المسلمين وربما هذا ما جعل الداعية محمد العريفي يقود حملة ضد قنوات ال «إم بي سي» ولا سيما بعد عرضها لإعلانات مسلسل«زنا المحارم» هذا المسلسل الجريء الذي يتحدث عن ظاهرة انتشرت وبقوة في الآونة الأخيرة. إن اختيار المسلسلات بكيفها وكمّها لتطغى على تفاصيل يومياتنا التي يجب أن نستغلها في العبادة هي حرب ثقافية تستهدف المسلمين الذين ينبهرون بكمية المسلسلات الضخمة بإنتاجها المكلف ملايين الدولارات، فهذه المسلسلات والبرامج هي ما تعدّه بعض القنوات للمسلمين في شهر الصيام عن الأكل والشرب والمعاصي. إنه المخدر الذي تتحفنا به القنوات الفضائية لتبعدنا وتلهينا عن أجواء رمضان الروحانية. أصبح شهر رمضان موسماً للتسوق والدراما بدلاً أن يكون موسماً للعبادة والتسامح. هلّ شهر الخير، ولم يجدنا بانتظاره وإنما بانتظار المسلسلات والبرامج والمسابقات. عاد رمضان ليجد الوطن حزيناً على جنود وشباب قضوا في حروب مصغرة هنا وهناك، عاد ليجدنا لا نتحدث عن الإسلام وإنما نتحدث عن السنة والشيعة، عن الحوثيين والقاعدة، وعن سيئون وعمران عن حضرموت وأرحب وعن أبين وهمدان تلك المناطق التي يتقاسمها الصراع بين القاعدة والوطن من ناحية والحوثيين والوطن من ناحية أخرى. جاء رمضان ليجدنا إما فئات متصارعة وإما فئات مخدرة، وفي كلا الحالتين لا يمكن أن نحتفي بقدومه كما يجب. رمضان جاء محملاً بالرحمة والخير لنستقبله بجثث الموتى ورائحة الدماء. أتى رمضان ليجد مساجد كانت تشهد صلاة التراويح وصلاة التهجد قد فُجرت، وشباباً كانوا يحرصون على الإفطار في الجوامع قد استشهدوا. كم ستكون حزيناً يا رمضان وأنت تشاهد من تزورهم وقد تحطّمت قلوبهم وأدمت الدموع مآقيهم، كم ستكون حزيناً يا رمضان عندما تأتي إلينا مهرولاً تدعونا للتسامح والمحبة، فتجد آذاننا صمتت سوى عن الفتنة وعلت صوت الانفجارات عن صوت الأذان والصلاة في المساجد. لن تجد من يستقبلك الاستقبال الذي تستحقه فمنا من انشغل عنك بالقنوات التي تنافس حضورك المبهج، ومنا من انشغل عنك بوطن ما يزال يقاوم كل ما يحاك ضده من مؤامرات ندعو الله أن يحبطها لتظل اليمن شامخة شموخ الجبال. [email protected]