الحلقة «9» سنتناول في هذه الحلقة وما تليها لوناً من ألوان الشعر الشعبي الذي تفردت به حضرموت وهو ( الدان الحضرمي ). جاء في كتاب « الفكر والثقافة في التاريخ الحضرمي » الصادر في العام 1961 للمؤرخ / سعيد عوض باوزير : ( .. وفي حضرموت الداخل نوع من الغناء الشعبي يقال له « الدان » انفرد به أهالي “ حدرى” في وادي حضرموت ، وتناقله عنهم بقية سكان المناطق الأخرى في ساحل حضرموت وداخلها ، وهو فن محلي صرف يمثل البيئة الحضرمية أصدق تمثيل ويُعبِّر عن عواطفها وأفكارها أروع تعبير، ويسجل أحاسيسها وانفعالاتها تسجيلاً أميناً وصادقاً). وأشار له الشاعر / محمد عوض الحباني« أبو ناصر» (1919 – 1997 ) بقوله : سلام ع الجمهور من شاعر على الحدري زفن من عند بو ناصر محمد لي تعلّم ع الزفين ثم لحق به النوع الثاني الذي نشأ في منطقة « الكسر » وسُمي ب ( الكسري ) . وإلى صلة الدان بالأُغنية الحضرمية ، أشار الأستاذ / عمر محفوظ باني في معرض تناولته لمغني الدان الشهير / محمد سكران “ الكالف” ، بالقول : “.... ولذلك شدا الفنان الكبير محمد جمعة خان ، أول ما شدا ، بأغاني الدان لكبار الشعراء، قبل أن يدخل الألحان الهندية، وقبل أن يتم استكتاب عدد من شيوخ الشعراء المبدعين.....) . وعن الشاعر “ محمد محفوظ الكالف” ، قال الأستاذ / باني : (هو شاعر وملحن ومنشد ذو صوت شجي قوي ، ...... وهو شاعر من شعراء الدان وملحن من ملحنيه أولاً وأخيرا) وأورد نماذج من قصائده ، منها المطلع التالي : قال بو محفوظ حالي ضني في المحبة للمحبه مسائل تعيبه وصعبه راح وقتي في الهوى دوب مغلوب اتفاق المحب جنه مع المحبوب [مجلة المكلا إصدار مكتب الثقافة بحضرموت العدد 15]. ما تقدم هو إشارة لمنشأ الدان . أما من حيث بحوره وأوزانه فهو ينقسم إلى ثلاثةِ أقسام ، هي: الرّيض ، والحيقي ، و الهبيش . و يُعرف الريض بأنه ذو المقاطع الطويلة ، وتتكون أشطاره من الرباعي « المربوع » إلى« المثمون » وقد تزيد . وسُمِيَ بالرَّيض لانسيابية أنغامه ، وبطء سرعة اندراجها عند الغناء والطرب. ويكثر هذا النوع في وادي حضرموت وعلى وجه الخصوص في «سيئون ». ومنه قول /عميد الدان « حداد بن حسن الكاف » : قال الفتى قلبي الليلة سِمِع عَنقهْ ونَاحَتِ العصر بالأنغام يا غارة اللَّه حِس في صوتها رِقَّهْ باللَّحن تِشجي ، وبنغمها خَلَّت العاشق ضَوى مغروم . يارب سالك تخلي سرنا مكتوم وقول الشاعر / خميس سالم كندي من الدان “ الرَّيض”: ذا فصل والثاني سمر ياسعيد ذُكر كل عاشق . الدان يومه حرفة العشاق الدان خطتهم ومنبتهم وله زاعق وناعق يتذكر النغمات كل عاشق ومعشوق وقول الشاعر / مستور حمادي من الدان “ الرَّيض” : ذا خرج فصل والثاني تشوقنا الخضيره لي خضَّرت قلبي الميت بها خضَّر قتلتنا خذت عمري بالحيا ياغصن ضيره سبحان ربك اخلقك وانشاك من طين. وإلى الحلقة القادمة وفيها سنواصل التعريف بأقسام الدان وأبرز شعرائه والباحثين المتخصصين فيه.