الحلقة « 17» في عددها الخامس نشرت مجلة (الفكر) عام 1997مقالاً مدروساً للزميل الباحث عمر عوض خريصان تناول فيه قصيدة الشاعر صلاح بن أحمد الأحمدي موضوع حلقتنا الماضية والحالية وأطلق عليها (قصيدة الغضب) وإذ أتفق معه في قوله عن القصيدة: (.. أما قصيدة الأحمدي فكانت شمعة مضيئة في طريق الثورة والتغيير، ووثيقة من وثائق النضال ضد الانجليز...) نستعرض قصيدته هنا على النحو التالي: التزم الشاعر الأحمدي بالمطلع الذي تعارف عليه غالبية الشعراء الشعبيين والذي يبدأ عادة بالدعاء لله عزَّ وجلَّ فيقول: ابديت بك وادعوك يا جيد وغيرك ما يجود يا حي يا قيوم يا مطلق من الساق القيود اسألك غفرانك إذا بيتت وحدي في اللحود نلاحظ هنا أنه يحرص على فنية مطلع أو استهلال القصيدة في الإشارة إلى هدفها فنراه يستخدم ذلك بقوله: (يا مطلق من الساق القيود) في إشارة إلى مضان قصيدته الرافضة للعبودية والإذلال كما سنرى، ثم يمهّد لها بوصف حالته عند سماعه خبر التوقيع على الاستشارية البريطانية فيقول: قال القعيطي طول ليلي ما تهنيت الرقود لا هم من دنيا ولا من عشق منسوع الجعود شيبه في التسعين متوجه إلى دار الخلود مؤكداً لنا أن لا همّ له من الدنيا ولا من عشق الغواني مسرحات شعورهن لأنه تجاوز هذه السن بكثير، ويسترسل في وصف حاله بالقول: ولا علي قاصر ولا السلطان يطلبني نقود ساكن في الدكن بلد عثمان سلطان الهنود سلطان بن سلطان بن سلطان ع العزة يذود ثم يعطف على تبيان سبب الهم الذي اعتراه وهو الهم الوطني فيقول: لكنني تأثرت من خفض الشرف بعد الصعود أخبار بلغت ما تسر القلب من أرض النجود راحت جهة لحقاف لحمة فاس سرحت بالبرود راحت مع الصاحب بلا قيمة ولا عسكر يقود وشيدوا فيها الكنائس والبراكس للجنود ويعني ب (الصاحب) هنا بريطانيا، ويطلقها زفرة حرى على وطنه فيقول: آه على الأوطان يا غبني على مثوى الجدود كم صحت كم ناديت قد بينت به قبل الوجود لكننا معذور واحد عود ما مني وقود ثم يتساءل في حسرة عن موقف قبائل حضرموت من معاهدة الاستشارة ويعدّدهم قبيلة إثر قبيلة، مشيراً هنا إلى معرفتهم وعلمهم بهذه البيعة لبريطانيا فيقول: هم حضروا البيعة وهم كانوا على البيعة شهود ويحذر من فعال الاستعمار وتأثيره على أخلاق أبناء حضرموت وإفسادها فيقول: وبايعادون المدارس والمساجد والسجود والخمر في لسواق باتبسط به أفراخ اليهود وتبرجت حرات في لسواق حلوات الخدود ويختتمها بمآل أبناء وطنه من جرّاء الاستعمار القادم وما ينتظرهم من المجهول: يا حر جوفي يا حياة الذل يا مر الكبود قده أحسن المسراح والمسكن يقع بأرض الزيود وإلا إلى مكة ونترعوي لفيصل بن سعود ابن الإمام العادل المنصف على رغم الحسود وجاور الكعبة وزور المصطفى فخر الوجود عليه صلى الله دائم عدِّ حنات الرعود