العيد عيد العافية، أكثر جملة ستلوكها ألسن اليمنيين خلال أيام العيد وما قبل العيد، هي ليست تفاؤلية - كما تبدو - بقدر ماهي تهكمية تعبّر عن سخط كبير وتختصر الواقع السيء للإنسان اليمني الذي طحنه الفقر والحرب. حاولت أن أكتب عن العيد والأفراح والرحلات والملابس الجديدة والتفاؤل ثم تلفَتُّ حولي فوجدت أبناء وطني بين فقير وكسير ومريض، فعن أي عيد أتحدث والشعب يعيش بين مجموعة أزمات، أزمة في الغذاء والدواء والمصالح الأساسية وأخرى نفسيه معنوية فما عاد المواطن يطيق نفسه وثالثة في الأخلاق والضمير الميت والمسئولية الوطنية الشريفة، ويزيد ثقل العيد على الفقير بسبب جشع التجار وغلاء الأسعار واحتكار السلع مع رقابة شبه غائبة على فقراء الضمير والمشاعر والأخلاق. تتسابق الجمعيات الخيرية والمبادرات الشبابية - التي نراها في ازدياد جميل ورائع – خلال رمضان والعيد لرفع بعض المعاناة عن شعبنا الحزين إلا أنها قطعاً لن تستوعب شعباً نصفه تحت خط الفقر والنصف الآخر يعيش الحياة كفافاً لا له ولا عليه، وهنا لا حل إلا بدولة العدالة التي يحلم بها اليمنيون منذ الثورة الأم: سبتمبر العظيمة، فمتى يا تُرى ستشرق؟! الشعب اليمني بار بقادته والنُخب فيه إلى درجة كبيرة إلا أنهم يمارسون عقوقاً كبيراً بحق الشعب بمناقشتهم قضايا هامشة أو كمالية - تُرضي طرفاً معيناً من أصحاب النفوذ الناعم الممثّل ببعض المنظمات العالمية أو أصحاب النفوذ الصلب الممثل بأمراء الحروب وحَمَلَة السلاح - ونسوا الثالوث المرعب الذي يخيم على الشعب (الفقر والجهل والمرض). وما أصدق شاعر اليمن البردوني في وصفه للفقير في رائعته، ليالي الجائعين، حين قال: هذي البيوت الجاثمات إزائي ليلٌ من الحرمان والإدجاء من للبيوت الهادمات كأنها فوق الحياة مقابر الأحياء تغفو على حلم الرغيف ولم تجد إلا خيالاً منه في الإغفاء وإن سألتم عن العيد في اليمن فالجواب بنبرة تهكمية مليئة بالغضب: العيد عيد العافية.