نفذّت الجريمة البشعة من قبل أشخاص متوحشين معروفين بأنهم ينتمون الى تنظيم القاعدة الإرهابي ضد “ 14” جندي وهم مسافرون على حافلة مدنية متجهة من حضرموت إلى صنعاء وهم يلبسون ملابس مدنية ونشرت مواقع صحفية اليكترونية الصور البشعة لعملية الذبح ومقاطع فيديو كما نشرت صور لحالات ذبح مشابهة، والعملية الإجرامية لقت من الإدانة والشجب والتنديد الكثير من البيانات والمفردات والعبارات ، و لكن ماذا بعد الإدانة والشجب والتنديد؟. العملية الإجرامية «ذبح الجنود بالسكاكين» بعد اختيارهم وفرزهم بالبطاقة ومكان الميلاد نفذت بدم بارد ومع سبق الإصرار والترصّد وتمت العلمية البشعة «ذبحهم» ونشر صورهم وتسجيلات مصورة لعمليات الذبح لتعمد توجيه رسائل واضحة لا لبس فيها، أولها ترهيب أفراد المؤسستين العسكرية والأمنية وخصوصاً أبناء مناطق محددة ومن أسماء الجنود المذبوحين ومناطقهم تعرف الأهداف والمقاصد بل نقل عن المجرم جلال بلعيدي، قائد القتلة المجرمين من تنظيم القاعدة أنه برر بأنهم “متحوثون”. العملية إجرامية وتهدف إلى صناعة فتنة مذهبية طائفية في البلاد والدليل هو أنها نفذت وتم تصويرها وتوزيع صورها فتوغرافية وتسجيلات صوت وصورة على مراحل وتبدو صورة المجرم جلال بلعيدي وهو يمسك رأس أحد الضحايا بعد ذبحه وأخرى لعملية ذبح جندي كأنه «كبش» بهدف خلق الرعب في نفوس أفراد الجيش والأمن وكذلك توجيه رسائل واضحة الهدف منها إثارة أهالي ومناطق وقبائل هؤلاء الجنود للحصول على ردة فعل. إن هناك عمليات ذبح بشعة للبشر تمت في مناطق مختلفة سواء في البوسنة والهرسك أو في افريقيا أو في الجزائر في أوقات سابقة أو ما يجري حالياً في كل من العراقوسوريا وليست جريمة قتل وشق صدر وبطن مواطن أو جندي سوري وإخراج كبده وأكلها نهاراً جهاراً وتصوير الجريمة ببعيدة عنا وما نشاهده ويبثه اليوتيوب بالصوت والصورة من عمليات قتل وذبح في كل من العراقوسوريا إلا نماذج وحشية لها اهدافها المحددة، أولها الإقتتال بين الطوائف والمذاهب والمناطق المختلفة للوصول الى مشاريع تقسيم للبلدان أو التدخل المباشر للسيطرة عليها خصوصاً المناطق الغنية بالنفط وتلك التي تقع في مساحات جغرافية استراتيجية تشرف على بحار ومحيطات وممرات مائية هامة أو حدودية لمناطق هامة غنية بالنفط أو تتحكم بالطرق التجارية وممرات النفط العالمية. والجميع يعلم أن تاريخ البشرية كله لم يشهد ظاهرة محاطة بغموض وإبهام كظاهرة “الإرهاب” وحروبه وجرائمه ومسمياته والإصرار على إلصاقه باسم الإسلام، فقد تم صناعة الإرهاب وشخوصه ورموزه بإتقان وولد الإرهاب وزعمائه وأفراده خلال ذروة الحرب الباردة بين الكبار في العالم ونفذت عمليات الإرهاب وتم تلميع زعمائه وتحويلهم إلى أساطير مع تغيُّر قواعد الصراع بين القوى الكبرى وتم في البداية توظيف القاعدة باسم الإسلام في مواجهة المعسكر الاشتراكي والتصدّي للشيوعية. وكلنا قرأ وتابع التجييش والتجميع والإرسال إلى أفغانستان والشيشان كان الهدف حينها استخدام الإسلام لمواجهة التمدُّد السوفيتي واقترابه من نفط الخليج والجزيرة العربية ومن المياه الدافئة في المحيط الهندي وكلنا يعرف قصص تصفية النفوذ السوفيتي في المنطقة من طرد الخبراء السوفييت من مصر حتى تدمير أخر حليف سوفياتي في جنوب الجزيرة العربية «اليمنالجنوبي» بشن حرب صيف 94م لمسح كل ما كان يذكر العالم بدولة حليفة للسوفييت والمعسكر الإشتراكي في المنطقة. ثم انتقلت عملية صناعة الإرهاب والإرهابيين بعد ذلك إلى الصراع بين الكبار على مستوى الأقاليم ثم أصبحت قاعدة تحت الطلب وقت الحاجة يستخدمها فرقاء الصراعات على مستوى الدول فيتم تحريكها ضد هذا الخصم أو ذاك من قصور الحكام و القادة العسكريين وقادة مراكز القوى ولا أحد يستطيع أن ينكر أن القاعدة أصبحت تصنع لوقت الطلب لتحقيق أهداف محددة. واليمن مثلما كان له إسهاماته الكبيرة في حشد المتطوّعين للقتال في أفغانستان والشيشان فقد كان اليمن أكبر دولة عربية عاد إليها ما اطلق عليهم “«الأفغان العرب» من اليمنيين وجنسيات أخرى وتم توظيف هؤلاء الأفغان العرب في الصراعات السياسية بعد تحقيق الوحدة عام 90 ومن لا يعرف دورهم في حرب تدمير الوحدة في صيف 1994م. واليوم بعد أن أصبح للقاعدة أو «داعش» سواء في سوريا أو العراق دور آخر ملخصة تفخيخ الشعوب وإدارة وتنفيذ حروب طائفية ومذهبية بهدف تقسيم المقسم وتجزئة المجزّأ وبالتالي فاليمن ليست بمعزل عن مخططات التقسيم والتجزئة وحروب بالوكالة وما مذبحة الجنود في حضرموت بهذا الشكل البشع وتصوير عمليات الذبح الوحشية وتوزيعها على نطاق واسع إلا بهدف إشعال فتن طائفية ومذهبية. وفي الختام: الحرب ضد الإرهاب تحتاج إلى استراتيجية عسكرية وأمنية وطنية مكتملة وشاملة تُحارب الإرهاب بكل مظاهره ومصادره بدءاً من تجفيف منابعه في مناهج التعليم والمدارس والجامعات وكشف الغطاء العقائدي الذي يقدّمه باسم الإسلام إلى الجماعات الإرهابية وفضح الداعمين والمموّلين والمتستّرين واتخاذ قرار واضح وصريح بضرورة وأهمية اجتثاث العصابات الإرهابية الإجرامية والقضاء على أوكارها والأسماء والقوائم معروفة لدى أجهزة الأمن والاستخبارات والشركاء الإقليميين والدوليين وأول خطوة هي الحزم والقوة لإبادة العناصر الإرهابية الخطرة على الأمن القومي والسلم الأهلي والاجتماعي و لا صوت يعلو فوق صوت اجتثاث الإرهابيين أولاً. [email protected]