بلد يريد أن ينهض, ووجوه تريد أن ترى النور, وثروات وإمكانات تريد أن تقف على أقدامها، هكذا هي صيغ الكلام في أفواه شعب بكامله، فكلها إرادات وطموحات, وستظل كذلك مادامت هناك إرادة مناقضة خفيّة هي التي تفعل بمعزل عن كل تلك الطموحات, بل إن هذه الإرادة الخفيّة هي التي تمتص الأحلام والأهداف وتعيد إخراجها بالأحجام التي تريد والأشكال التي تريد, وتعلن عن تبخّرها متى تريد. ميناء المخا؛ قيمة اقتصادية تنموية ومتنفّس عمره آلاف السنين، لكنه للأسف عاش في انتظار الحداثة, فجاءه «العصر الحديث بعقليات العصور الحجرية» وقال له من قال: كن متنفسًا, لكن من نوع خاص, وموردًا لتجارة خاصة, فأصبح البحر عاملاً عند حفنة من المفسدين بدل أن يكونوا كغيرهم من أهل الأرض فقراء إلى خيرات عمّهم البحر. واليوم هل كنتم تتوقّعون أن تأتي فرصة لتطوير ميناء المخا بتحويله من رصيف مشبوه إلى ميناء حقيقي يدشّن به اليمن الاتحادي عهده التنموي الجديد؛ ثم لا تجد هذه الفرصة إلا الممانعة والتهرُّب والتفريط حتى ينتهي العرض الصيني بالتمويل, وقد انتهى كما يقال, ويتنفس الصعداء «عشاق الإبحار في الظلام على زوارق اللئام» لأن خطرًا رهيبًا كان يتهدّدهم, وزلزالاً عظيمًا كاد أن يخسف بهم في صحراء قاحلة حيث لا مخا ولا تهريب، فلهذا دعواتهم اليوم أن يعود الصينيون بأموالهم غانمين, وكفى الله أبناء تعز شر التطوّر والنهوض والتنمية..؟!. لماذا إذن يُكتب لمشروع تنموي مثل هذا أن تقف دونه العقبات لكي يضيع من بين أيدينا, ثم لا تجد بين المسؤولين من يرف له جفن، أمعقول أن نصبح في نظر الآخرين مجرد «ثقلاء دم» تبسط إليك أيديهم فلا يسارعون ولا يكفّون عن خلق الأعذار؛ لأنهم ألفوا «التصاغر» وتهيُّب صعود الجبال والتمسُّك في البقاء بين الحفر..؟!. ولكن بالله عليكم: هذا النهج في التعامل مع متطلبات المستقبل المنشود, وهذا البطء في التفكير؛ هل يؤهّل لإنجاح التحوُّل الكبير نحو اللا مركزية وفتح مجالات متعدّدة للتطوير الذاتي وخلق إمكانات جديدة للنهوض..؟! لا أظن ذلك, مادمت أرى طرق البناء والتطوُّر محفوفة بالمكاره والعراقيل, بينما طرق الضياع والإنفاق العبثي محفوفة بمذكّرات التنفيذ العاجل والتعامل الاستثنائي. يا هؤلاء المتخافتون المتخاذلون، بحر في تعز, وساحل يقع في خاصرة الوطن، هكذا أرادت الجغرافيا، والمستقبل الذي يتحدّث عنه الجميع لن يعترف إلا بهذه الحقيقة وإن ابتلعت حدقات أعينكم آلافًا من الأميال البحرية, فلا مجال لتخصيب أية فكرة من نوع «عليكم البحر وعلينا الميناء». وأنتم يا من أدمنتم إغلاق الأبواب التي تدركون أن كروشكم لا تستطيع الدخول منها, نقول لكم: كونوا إيجابيين بسرعة استغلال أي باب للتنمية ينفتح؛ فهناك ملايين من الأجساد الناحلة باستطاعتها الدخول. [email protected]