باللسان نتحدث عن قيم.. وباللسان ننميها.. وبنفس تلك اللحمية الصغيرة نستفيض في الحديث عنها حتّى نؤصلها، وعند تنفيذها على مستوانا نعمل بقيم بديلة.. كأن حياتنا مجرد بدائل لقيم رددناها، ولكننا فقدناها مع تكرار القول.. كأن حياتنا مجرد لعبة تقوم على استبدال قيمة بأخرى أهم ما فيها أنها تلبّي الحاجة والطلب وإن تشابهت كلمات تلك القيمة..! *** وهل يفقد الإنسان قيمه مع تكرار قولها..؟ قد يبدو السؤال بسيطاً وتلقائياً كطفل وليد، لكنّ الحيرة تكمن حقاً في أنّ الكلمات.. حاملة مفتاح السر! فالذي يدعو مثلاً وبواسطة لحميته تلك لإرساء قيم العدل والمساواة والكرامة لا يفهم الذي يحمل قيماً تقول نفس الشيء ولكن مع اختلاف طفيف في الكلمات. *** الاختلاف في تفسير الكلمات وإن أدت مدلولاتها إلى ذات القيم لم يمنع اللسانيين من ابتكار أكثر الطرق براعة في جعل كلمة تحمل قيمة ذات معنى من مثل (الحرية) تحمل قيمة مرادفة أخرى تعني (الاستبداد).. كلمة تحمل قيمة مثل (المساواة) تحمل نفس قيمة (الطبقية)! إنها لعبة الكلمات الخطيرة اذاً.. من يجيدها فقط يمكن له أن يحقّق مراميه، ولو كانت على حساب مجتمع بأسره..فمقابل حياة مجتمع يشارف تعداده على الثلاثين مليون نسمة يسعى اللسانيون الرابضون مثل وحش مفترش على مداخل العاصمة لإقناعنا أن (الرفاة) كلمة تحمل قيمة إنسانية ولكن ليس بالضرورة أن تكون عامة.! *** تكاد تشبه قصتنا قصة وقعت لعنتر أثناء جلسة حمراء مع عبلة، إذ أنشد قائلاً: فوددت تقبيل السيوف لأنها ..لمعت كبارق ثغرك المبتسّمِ فردت عليه عبلة: أتمم مهمتك في فراشك وكفى!! [email protected]