ليلة الجمعة الماضية شعرت بالألم يعتصرني وأنا أقرأ منشورات عن تحديد زعيم الجماعة الحوثية موعد التاسعة مساء للخروج من المنازل والبيوت والمحلات والسيارات لترديد الصرخة.. أكاديميون ومثقفون ومهنيون ورعاع سيخرجون كببغاوات ليهتفون بالموت لأمريكا.. شعار لا ينتمون إليه ولا ينطق باحتياجاتهم ولا يدعو لبناء مستقبلهم... اتخيل صديقي اليساري العتيد وقد خرج من شرفة بيته يصرخ كمن ينفخ في قربة مقطوعة، ثم يعود مبحوح الصوت ومجروح الضمير... أتخيل الناشطة الحقوقية وهي تدع أطفالها وتهرول نحو الشرفة في الموعد المحدد، لتهين عقلها الذي ظننته ذات يوم ليبرالياً منفتحاً، متجدداً.. أتخيل شاباً يأمر من كهف في أقاصي الشمال البروفيسور أحمد شرف الدين “رحمه الله” أن يخرج من بيته عند التاسعة مساءً ليصرخ بالموت لأمريكا.. ماذا سيفعل البروفيسور العظيم، وأستاذ القانون الإداري بجامعة صنعاء لأكثر من عقدين؟! لا أكره أحداً... وفي كل كتاباتي ومقابلاتي التلفزيونية أدعو الاخوة الحوثيين إلى التحول إلى حزب سياسي يعمل وفق أهداف وبرامج سياسية ويحمل رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، يحمل رؤية للحياة، وليس صرخة للموت.. تمنيت عليهم أن يستوعبوا التاريخ، وأن يقرأوا سيرة جماعات العنف، ويرون كيف تأخذ دورة العنف الكاملة ثم تنتهي، كما حدث لطالبان في أفغانستان، والشباب المجاهدين في الصومال. لا أريد لهذه القوة الحوثية أن تنتهي.. أريدها أن تمثل إضافة للساحة السياسية نوعاً، وكماً، أريدها أن تضيف للسياسة ما تفتقد إليه من الأداء السياسي والعمل الشريف، والترتيب المنتظم والملتزم.. أريد للحوثيين مستقبلاً سياسياً لا يتمترس خلف قوة السلاح. أما الدعوة للصراخ عند التاسعة فهي نفس مطلب الخميني في فبراير 1979 حين كان يطلب من المواطنين الصعود إلى أسطح المنازل عند التاسعة مساءً لترديد الصرخة لمدة نصف ساعة، تعبيراً عن تضامنهم مع الثورة!!. وهو أسلوب لا يقل سوءاً وتشويهاً عن مطلب الإمام أحمد من شعبه في خمسينيات القرن الماضي أن يأخذوا بالقطرنة (دهن الوجه بزيوت السيارات المحروقة) خوفاً عليهم من الجن!! فاستخف قومه فأطاعوه. [email protected]