في البدء كانت محافظة صعدة مركز الصراع والفكر الحوثي.. وقد تحقق لهم ذلك.. وتوغلوا رويداً نحو عمران للتوسع.. والقضاء على خصومهم من أعدائهم - فكراً ومنهجاً وعقيدةً - وقد تحقق لهم ذلك.. واليوم يطمحون في تحقيق حلمهم الأكبر وهو الاستيلاء على عاصمة اليمن«صنعاء». هم هكذا دائماً يتحسّسون نقاط الضعف في مفاصل الدولة ثم يفرضون شروطهم بقوة السلاح والحديد والنار.. فالحوثيون لا يفكرون إلا في أنفسهم ومصالحهم الآنية.. والمستقبلية والماورائية.. لابد من إنشاء إمارتهم الحوثية على نمط حوزات إيران حتى ولو أدى الأمر إلى إبادة الشعب اليمني عن بكرة أبيه من أجل أن ينتصر المذهب الحوثي ويحكم البلاد. ثانياً: علينا أن ندرك أن الفكر الحوثي له جذور عميقة وراسخة ومتجذرة بالفرقة الجارودية المفرطة في الغلو والتطرّف والتعصب المقيت.. ويرون أن كثيراً من الناس ضلوا الطريق السوي، وكفروا بعدم اقتدائهم بالإمام علي بن أبي طالب «رضي الله عنه وأرضاه» بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.. ولذلك لا يعترفون بولاية أبي بكر ولا عمر. ثالثاً: قضية الحوثيين الأساسية ليست مع شخصية الرئيس هادي.. ولا مع حكومته.. وإنما في إبادة من يخالفهم الرأي أو الفكر أو المعتقد. رابعاً: الحوثيون هدفهم الأساس هو السيطرة الكاملة على جميع محافظات الجمهورية وخاصةً مناطق النفط والغاز.. وما يدور في محافظة الجوف خير دليل وبرهان على ذلك. خامساً: يؤمنون إيماناً جازماً أن الإمامة والحكم والخلافة محصورة في اثني عشر إماماً معصوماً.. أولهم: الإمام علي بن أبي طالب «رضي الله عنه وأرضاه»، وآخرهم محمد بن الحسن العسكري المختفي - حسب زعمهم - في سرداب بسامراء العراق.. يظهر في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلاً بعد أن مُلئت جوراً.. وهو المهدي المنتظر حسب اعتقادهم. سادساً: تطبيق ولاية الفقيه التي أتى بها الإمام الراحل الخميني.. ومن هنا يتضح لنا مدى العلاقة الوثيقة واللصيقة بين الثورة الخمينية وجماعة الحوثي.. فالقضية تاريخية دينية سياسية مؤرّقة ومعقدة سواء اتباع الاثني عشرية أو الهادوية أو الجارودية المتشدّدة الداعية بحصر الإمامة في البطنين: «الحسن والحسين». سابعاً: إن شعار الحوثية «المقدّس»: «الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام».. يؤكد لنا حقيقةً مفادها أن المذهب الحوثي ينطلق من بعد طائفي وسلالي متطرّف.. ويقصدون به كل من يتعاون أو له علاقة بطرق خفية مع الأمريكان أو اليهود وجب قتله قصاصاً.. ولنا أن نتساءل: هل الأمريكان واليهود في صعدة وعمران وهمدان وصنعاء أم ماذا يهدفون من وراء تلك الشعارات؟!. ثامناً: هم الآن يحاولون فرض سيطرتهم بقوة السلاح على محافظات ومناطق اليمن لمحو هوية اليمنيين وصبغها بنمط الفكر الحوثي والمذهب الجارودي.. فيطالبون بإنشاء جامعة لهم لتدريس العلوم الزيدية على نمط المذهب الجارودي والاثني عشرية على غرار جامعة الإيمان السلفية.. وجامعة الأحقاف الصوفية الشافعية. تاسعاً: يطالبون بمدارس ومساجد ومراكز خاصة بمذهبهم على نمط مدارس ومراكز ومساجد السلفيين والصوفيين.. وكل من يعارض فكرهم ومذهبهم هو كافر ويجب قتله فوراً. عاشراً: القوى القديمة من بقايا النظام السابق مازالت تضع العراقيل والعقبات بالتحالف مع الحوثيين، وإيران هي الداعمة لهما لخلخلة النظام، وإقامة الدولة اليمنية الإمامية على نهج الثورة الخمينية «ولاية الفقيه». هذا ما يأملونه اليوم في ظل التحديات والإرباكات الراهنة التي تمر بها اليمن.. فهل يا تُرى يستطيع الحوثي وحليفه من النظام السابق بدعم إيراني أن يصل إلى مبتغاه؟!.. هذا ما تسفر عنه الأيام القادمة لأنها حُبلى بالمفاجآت.