لا تغضب.. فالغضب يُزيل النعمة ويفتح عليك باباً كونياً لمشكلات جهنمية بلا حل!!. الغضب بمستوياته الاجتماعية لا يقود إلاّ إِلَى هلاك الفرد، أي الغاضب وحده، لكنّ الغضب على مستوى القوى النافذة فهو يقود إِلَى هلاك عدد كبير من الضحايا باستثناء الغاضب! لا مفارقة هنا.. فإذا غضب شخص مثل جار جاري على ابنه الذي لم يتجاوز العامين لأنه افقده التمتع بلذّة تخزين القات فالضحية هو الغاضب فقط.. أمّا إذا غضب قوي من قوى هذا البلد المثخن بأمثالهم فإن الضحية في بعض الأحيان هي منطقة كاملة بناسها وخيرها وشجرها وحجرها، وفي بعض الأحيان المجتمع بأسره!. ومصدر اللا مفارقة هنا بين غضب فرد بسيط وآخر غير بسيط هو أن غضب جار جاري البسيط على ابنه المشاغب بدأ بأن ربط يديه وقدميه بحبل أحكم شدّه وحبسه في غرفة إِلَى حين عودة أمّه الحبلى من المستشفى وواصل تخزينته متجاهلاً أن ربط طفل صغير أصابعه ناعمة أدى إِلَى تسيّح يديه وقدميه ومن ثم إزرقاقها ومن ثم إلى جمودها وفقدانها القدرة على الحركة.. انتهى غضبه بأن فقد طفله القدرة على الحركة.. وصار كرسي المعاقين رفيقه الأبدي وتلك الإجابة الطفولية المتمثلة في (أبي زعل مني وربطني والدكتور بعّد يدي ورجلي) هي ما يتردّد على لسانه الصغير. الضحية الأساسي هنا كان الغاضب.. إذ يكفيه ما فيه من العذاب!! أمّا غضب القوي فهو يؤدي إِلَى إعاقة مجتمع بأسره.. كما حدث سابقاً ويحدث الآن.. ولكنّ المدهش أن لا أثر يبدو على الغاضب نهائياً.. فيا أيتها القوى التي تتميز بالقوة والغضب إذا أعقتم مجتمعاً بأسره فسيأت جيل يرد الآثار السلبية التي ترتبت عن غضبكم على آبائكم إليكم في شكل مدمّر وعاصف ومرعب! ومنعاً لذلك اليوم الذي لا مفر فيه من غضبة المجتمع ككل ..لا ترضوا بالظلم لأن غضب الظلمة لن يقودكم إلاّ إِلَى زقاق مسدود. [email protected]