الحكمة التي تقضي بإيقاف نبضات قلوبنا المرتجفة ودموعنا الملتهبة, وألمنا ونحن مشرّدون من بيوتنا, والخوف من الموت وترك أطفالنا أيتاماً في وطن لا يعترف بالأبوّة لأحد مهما كانت النتائج وتحت أي مسمّى, وسواء كان ذلك لصالح فلان وضد علّان لا يستحق ثورة, بل «تسونامي» ليجرف كل شيء, لكن في الأخير نحن كمواطنين مسحوقين لا تهمّنا مقاعد الوزارات ولا الجيوب الممتلئة، فنناضل من أجل العيش بأمان على الأقل, فلا يمكن أن نُحرم من كل شيء, وسواء أكان ذلك الاتفاق حكيماً أم لا؛ دعونا نعيش مع ما تبقّى لنا من نبض حتى يأخذه الله بقدره لا برصاص إخوتنا فنموت مرتين. فكل الأحزاب التي حكمت وستحكم لابد أن تستخدمنا استخداماً جيّداً لتصل إلى الكراسي وبعدها لا يهم, لكن أن يكون مقابل هذا دماءنا وتشردنا وضياعنا فلا يمكن ومهما كان المقابل, مع أن لحكومتنا السابقة السبق المتميّز في كل فشل ومجال, ولا يُحمد لها شيء أكثر من قتلنا وإماتتنا ونحن أحياء, وكل ذلك ليعيشوا بالمقابل قروناً بأحسن حال؛ فما حصدته أقلامهم يكفي لعمل حكومات ودول حتى في عالم الجن. فيكفي بكاء ورثاء وخُطب وشعارات فلسنا شعباً غبيّاً, نحن شعب بسيط لكنه حكيم وطيب وصبور ومعطاء, والدليل أنه لما دوّت طبول الحرب وسمع القصف بكل مكان كان الناس يفتحون البيوت للنازحين من المناطق البعيدة ويتقاسمون معهم قوت أولادهم؛ وهذا دليل على أننا شعب لن يتركنا الله مهما أذنبنا وقصّرنا ودليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وصفنا بالأرقِّ قلوباً وألين أفئدة؛ لأننا نستحق ذلك على الرغم من كل خلافاتنا وتمزّقنا وضياعنا. وبالرغم من هذا فلن نؤمّل كثيراً, حتى ينطبق كل حرف كُتب بذلك الاتفاق, وطبعاً لن تتغيّر البلاد بعصا سحرية ونتحوّل إلى أفلاطون في مدينته الفاضلة, هذا من ملايين المستحيلات؛ لكن على الأقل نمرُّ من المحطات ونشتري دبة البترول بمبلغ نستطيع بعد مسلسل الشقاء أن نعطيه. فما تحويه قلوبنا كيمنيين من دماء وأوجاع وصور مشوّهة وأحلام مبتورة وحروف متقاطعة لا يُسمح لنا حتى بمجرد الأحلام العابرة التي قد لا ندفع أي مقابل لها, لأن ما بداخلنا وما تختزله عقولنا وقلوبنا لا يمكن لأي حياة أن تمحو تفاصيله مهما كانت. لكن لنا أمل بقلوبنا الطيّبة ودعوات عجائزنا اللواتي عشن ما لم ولن يعيشه أحد من قبلهن أو بعدهن من حروب ومآسٍ وعذابات وحرمان, ولنا أمل برب لا يكلنا إلى غيره وهو أعدل من يحكم, ويُمهل ولا يُهمل.