النعرات التي بدأت تُعلن جهاراً نهاراً تعدُّ تحدّياً صارخاً للوحدة الوطنية وانكساراً لمفهوم الشراكة، وليست هناك رغبة عملية أو نية صادقة نحو الوصول إلى أهداف الشعب التي تحافظ على حريته وكرامته وإنسانيته وتمنحه حق الاختيار الحر المباشر عبر صناديق الاقتراع، الأمر الذي يبعث على القلق على مستقبل الأجيال يعيدنا تارة أخرى إلى ما حدث في 2011م من محاولة لوأد الشرعية الدستورية والديمقراطية الشوروية التي وجد فيها اليمنيون حريتهم، ويبرهن على أن الذين تغنّوا بالدولة المدنية لم يكن من باب النية الصادقة في الوصول إلى رضا الناس وإنما من باب المزايدة والشعارات الجوفاء، لأن المشاهد التي قدّمها البعض أعظم برهان على أن الغاية مازالت تبرر الوسيلة، فقط وإن حدث ليس إلا تبادل الأدوار. لقد تحدثنا في 2010م و 2011م وقلنا إن مبدأ الولاء الوطني وأهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر تتعرّض إلى الخطر وأشرنا إلى الأساليب التي كانت تطال مبدأ الولاء الوطني وتسعى إلى الإخلال به وبذلنا مع الشرفاء كل الجهود الوطنية من أجل ترسيخ المبدأ الوطني الشريف الذي لا ينسجم بأية حالة من الأحوال مع التبعية، أياً كان شكلها أو نوعها، ولكن المشهد مازال يعيد نفسه، الأمر الذي ينبغي معه أن نكرّر النداء إلى كافة القوى التي وقّعت اتفاق 21 سبتمبر الحالي أن المبدأ الوطني يتعرّض للاختلال وأن الوحدة الوطنية تتعرّض للانتكاسة وهي مخاطر حقيقية، وقد بات يدركها المواطن البسيط، بل إن الوحدة الوطنية باتت الهمّ الجارف لكل أبناء الشعب، فالمواطن الذي يستشعر الخطر لم يعد يفكر في قوته اليومي وضحّى بكل شيء وصبر على كل صنوف الألم لا لشيء وإنما من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية، ولذلك فهي أمانة في أعناق الجميع وينبغي الاعتناء الشديد بهذا الهم. إن الذي يبعث على الاطمئنان ويعزز الوحدة الوطنية هو الإعلان الواضح والصريح بالالتزام بأهداف الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر والعمل الصادق والأمين من أجل الوصول إلى إنجاز الدستور والاستفتاء عليه والانتقال إلى الانتخابات العامة، الرئاسية والنيابية والمحلية ومهما صعدت من قوى جديدة عبر وسيلة الانتخابات الديمقراطية والحرة والنزيهة فإنها ستحظى بالقبول الشعبي وتتدرّج مع الوصول إلى الرضا الذي يعزّز الأمن والاستقرار ويحقق التنمية الشاملة، فهل تدرك كل القوى هذه الأهداف أم أن الغاية ما زالت تبرر الوسيلة؟ نأمل أن تكون القوى السياسية قد استفادت من الأحداث وأدركت أن ما يحقق الإرادة الشعبية هو الانتخابات التي تمنح المواطن حق الاختيار الحر المباشر بإذن الله.