وصلت إلي بريدي الإلكتروني رسالة من أحد الأكاديميين يقول لي: «أنتِ كاتبة، أين مقالاتك مما يحدث في اليمن..؟!». لا أخفيكم أن الرسالة قلّبت عليّ مواجع كثيرة منذ 2011م، تداعت أمامي صور المسيرات والشهداء والجرحى ويوم «محرقة تعز» وكل ما دفعناه من ثمن معنوياتنا خلال تلك الفترة ومازال دفع الثمن مستمراً، وذكّرني قوله بكل من كان يلوم الشباب عندما يحدث مالا يعجب الشعب من معارض للثورة أو مناصر لها. بكيت كثيراً أثناء قراءتي للرسالة، بكيت الشهداء الذين رحلوا من أجل يمن أفضل، بكيت الجرحى الذين أصبحوا معاقي الحركة، بكيت اليتامى والثكالى، بكيت الحلم الذي نزفت أوردته وبالرغم ممن مازال يتنفّس الصعداء ليصل إلى ما يتمنّاه. قلت للأكاديمي: ما يحدث في الساحة اليمنية شيء لم يعد بمقدوري توصيفه، ثم استرسل تفكيري في الاغتيالات التي تحدث لرجالات اليمن من دون أن نعلم يوماً عن تحقيق توصل إلى نتيجة أعلنت للشعب أن فلاناً اغتاله «سين أو صاد» أو جماعة معيّنة، كل ما يحدث أنه عندما تقوم جماعة معيّنة باغتيال أو تفجير أو قتل تعلن عن نفسها؛ ليس لشيء غير أن ترهب عدوّها الذي تقصده وترهب كل من تسوّل له نفسه مهاجمتها بالكلمة أو الوعيد الوطني إن صحَّ التعبير. لو كانت حدثت تحقيقات نزيهة في الاغتيالات المتكرّرة لأكاديميين أو ضباط؛ لما تكرّر ما يحدث ولما سالت دماء الأستاذ الدكتور محمد عبدالملك المتوكل على الرصيف وهو أعزل مثله مثل بقية المواطنين المدنيين وقبله كثيرون؛ ولكن لأنه لا توجد مصداقية ستظل كرة الدم تتدحرج لتحصد رحيق الحياة من أوردة الجسد اليمني، ولن نسمع من الجهات المعنية إلا الشجب والتنديد مثلها مثل أية منظمة أو جمعية. وفي كل الأحوال لم نعد نسمع في بلدنا سوى اتفاقات لحلول تدعو إليها جهات يمنية مختلفة تتصارع في أيديولوجياتها، وترغب في الوصول إلى أيديولوجيا استقرار واتفاق، يا سبحان الله؛ كيف لأيديولوجيات الصراع أن تصل إلى حلول مادامت كل منها ترغب في الإمساك ب«الريمونت» لإدارة الحلبة..؟!. إلى كل الجهات التي ترغب في الاستقرار وتنفيذ مخرجات الحوار والوصول إلى مرفأ آمن للوطن؛ تَخلّوا جميعاً عن أيديولوجيا الصراع لتشرعنوا للاستقرار، وثقوا أنكم لن تتفقوا مالم تمسكوا بأدوات السلام وتصلوا إلى إيقاف كرة الدم عن التدحرج مالم تمسكوا جميعاً بأطراف حجر الأساس لبناء اليمن كما أمسك العرب قبلكم ب«الحجر الأسود» ليوصلوه إلى مكانه ويشتركوا جميعاً في الفضل. [email protected]