وقعت بعض الجرائم لشهود على أيدي المشهود عليهم في قاعات بعض المحاكم وإحداها حدثت في صنعاء قام بها أحد الطرفين ضد شاهد أدى اليمين على أن يقول الحق فقُتل أمام هيئة المحكمة والحاضرين من أصحاب القضايا الأخرى الذين ينتظرون عقد الجلسات بشأنهم، ولم نسمع ما الذي فعلته المحكمة التي استدعت الشاهد واستمعت إلى شهادته بهذا القاتل الذي لا يمكن أن يرتكب جريمة قتل في قاعة محكمة ولم يكن طرفاً في القضية بل لم يكن بينه وبين القاتل أو غريمه أي نزاع سابق ولا معرفة وطيدة. بعض الناس علّقوا على ما حدث بأنه استخفاف بالعدالة بدلاً من القول بالقضاة الذين ربما لاذوا بالفرار خوفاً على حياتهم ومن أن يقوم الجاني وهو في ذروة الغضب بقتلهم إما بسبب التطويل الذي يعتبر استدعاء الشاهد فصلاً من فصول التطويل والروتين الذي يشوّه سير العدالة وصورة القضاء والقضاة. وأياً كان وفي رأي غالبية الناس الذين عرفوا هذه القصة من وسائل الإعلام فإن ما حدث ينبئ عن اضمحلال هيبة الدولة وقوانينها على أيدي الظالمين وبمساعدة بعض الفاسدين في القضاء الذين وبتعاون بعض المحامين وبحماية النافذين يتدخلون في شئون القضاء ولا يجدون من يصدّهم عن مناصرة الطامعين بحقوق الغير ومنهم الأقارب والورثة والشركاء في الأراضي والعقارات والأعمال التجارية. بل إن أناساً آخرين يخشون أن يكون شهود الزور وآكلو حقوق الورثة والأيتام الذين ثبتت إدانتهم لم تطلهم يد العدالة بأي عقوبة شرعية بينة قدوة يتكاثرون بفضلها دون أي تردّد ما لم تفعّل القوانين ويُحاسب القضاة المقصرون في واجبهم ومعهم الأجهزة التنفيذية الأمنية والمدنية، فقد كان تنفيذ الأحكام يواجه صعوبات ويخلق مراحل جديدة إضافية من مراحل التقاضي يتقاسم أدواره القضاة المكلفون بالتنفيذ بمساعدة رجال الأمن والعقال والعدول في تفسير الأحكام التنفيذية. مثلٌ: في الثمانينيات وحين كان المرحوم أحمد محمد الشامي رئيساً لمحكمة استئناف تعز تشاجر اثنان كلٌّ منهما يدعي على الثاني بأنه بسط على أرضيته في حي الروضة وصدر الحكم لأحدهما بأنه لم يخرج عن حدوده، واستأنف الثاني لدى المحكمة العليا بصنعاء التي أرجعت القضية إلى المحكمة الابتدائية للاستكمال وبعد أن فرغت من ذلك رفعت القضية إلى المحكمة الاستئنافية بتعز. وأيّدت الحكم الابتدائي الثاني وكلّفت قاضياً ومساعداً للتنفيذ. وقام قاضي التنفيذ بالخروج إلى مكان النزاع وإجراء المسح للأرضيتين رغم أن أحدهما قد استكمل البناء ويسكن في البيت ومن خلال الاطلاع على البصيرتين تبيّن أن بيت الشاكي قد شيّدت في أرضية شخص آخر مُعاق عن الحركة صنع لنفسه بيتاً من الصفيح وأرضيته كما هو في بصيرته تقع في الجهة الشرقية وتفصل بينه وبينها أرضية شخص رابع ولم تُذكر الحدود أثناء المرافعات لا في المحكمة الابتدائية ولا في المحكمة العليا التي تجاهلت ملاحظات رئيس المحكمة الاستئنافية شخصياً في الحكم الاستئنافي وكان ذلك «العثير» هو المستفيد لحسن حظه في حين كان قد فقد الأمل واستسلم للأمر الواقع، وهكذا كانت العشوائية هي السائدة في ذلك الوقت بسبب تناقض الأحكام والقرارات والسكوت عن الفاسدين والمزوّرين هو السائد.