الوفاء لدماء الشهداء الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل قدسية التراب الوطني الواحد، الشهداء الذين رسموا البُعد الوطني والقومي والإنساني للثورة اليمنية الخالدة، سبتمبر واكتوبر عامي 62 1963م الذين سعوا إلى بناء اليمن الواحد والموحّد, والذين قدّسوا الوحدة وعظّموا من شأن الوطن ورفضوا الاغراءات المادية الزائلة, نعم الشهداء الذين رسموا استراتيجية النضال الوطني من أجل بناء الدولة اليمنية الواحدة والموحّدة واعتبروها المدماك الأول في صرح بناء الدولة العربية الواحدة والموحّدة، والمشروع القومي الذي يعيد للعرب كرامتهم وشموخهم, والمشروع الإنساني الذي يمنع العدوان والعربدة الاستعمارية ويحقق السلام العالمي. ولئن كنا اليوم نحتفل بالثلاثين من نوفمبر فإننا نبعث برسائل للعالم بأسره نؤكد فيها أن شهداء الثورة اليمنية قد بذلوا الغالي والنفيس من أجل وحدة الأرض والإنسان والدولة اليمنية الواحدة والموحّدة، القادرة والمقتدرة، وضحّوا من أجل إنجاز هذا الهدف الاستراتيجي بأغلى مايملكون وهي أرواحهم الطاهرة والنبيلة، وأصرّوا على الموت لتحيا الأجيال اليمنية قوية وموحّدة، رافعة رأسها، وتبذل المزيد في سبيل استكمال أهداف الثورة اليمنية الخالدة، سبتمبر وأكتوبر، فإذا كانوا قد ماتوا من أجل ذلك فإن جيل سبتمبر وأكتوبر قد تعلّموا الدرس واستلهموا العبر من آبائهم الذين أجبروا المستعمر البريطاني على الرحيل، وطهّروا الأرض اليمنية من دنس الاستعمار، وواصلوا مسيرة الثورة اليمنية باتجاه تحقيق أعظم أهدافها الاستراتيجية الكبرى، وهو إعادة لحمة الوطن اليمني الواحد، وخاضوا من أجله نضالاً وطنياً كبيراً بعز وكرامة. لقد استطاع جيل سبتمبر وأكتوبر إنجاز هدف الثورة اليمنية، وأعلن إعادة وحدة شطري اليمن ظهر يوم الثاني والعشرين من مايو 1990م الذي تزامن مع الأذان الذي رُفع في كلّ منارات المساجد في كل شبر من أرض الوطن معلناً الله أكبر في لحظة من أعظم وأقدس لحظات التاريخ السياسي في اليمن, ولم يكتف جيل الثورة سبتمبر وأكتوبر بتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي الإنساني بل بذل كل جهده من أجل الوصول إلى بناء الدولة العربية الواحدة من خلال جامعة الدول العربية، ومشروع الاتحاد العربي, وكان لإصرار هذا الجيل الثوري الوحدوي الأثر الذي أشعل النار في صدور أعداء الوحدة العربية الذين دبّروا مشروع ما يُعرف بالربيع العربي، ولمّا أدرك هذا الجيل العظيم أن الهدف هو إسقاط الدولة اليمنية الواحدة من أجل منعها من السعي نحو الوحدة العربية سلّم السلطة ليقطع الطريق على العدوان البربري الذي كان يتوعّد اليمن, فكان ذلك إنجازاً جديداً يُحسب للرجال الأوفياء، واليوم نحتفل بالاستمرار في سبيل الحفاظ على الوحدة اليمنية، وهي أعظم رسالة للعالم, ونؤكد أن جيل الوحدة أشد تماسكاً وأعظم قوة، لأن الوحدة قدر ومصير ,لايمكن التفريط فيها، لأنها المستقبل الأكثر اقتداراً بإذن الله.