في مارس الماضي اتفق وزراء الداخلية العرب على ضرورة التنسيق بين الحكومات العربية لمحاربة الإرهاب ومكافحته باعتبار الإرهاب العدو المشترك، وأن الوقت قد حان لخوض غمار معركة مشتركة للقضاء عليه وتجفيف منابعه. اتفقوا على ضرورة خوض هذه المعركة المصيرية ضد الإرهاب، كونه يشكّل العدو المشترك الذي أصبح خطراً حقيقياً يهدّد أمن واستقرار البلدان العربية دون استثناء. لقد أكد وزراء الداخلية العرب في ذلك الاجتماع الالتزام بالاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب والتنسيق بين الدول العربية بما يضمن تطويق ومحاصرة الإرهاب وعناصره وقياداته وكل الجهات المموّلة والداعمة له، إضافة إلى إنشاء مركز الأمن الفكري الذي سيتولّى مواجهة الفكر المتطرّف وترشيد الخطاب الديني وحماية الشباب من كل الدعوات المضلّلة وتحصينهم من الانجرار خلف الأفكار المتطرّفة. جاء هذا التوجُّه العربي في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب في أكثر من دولة عربية وبعد أن تكشّفت حقائق تؤكد أن هناك مؤامرة تستهدف الأمن القومي العربي تدعمها جهات دولية وإقليمية وأيضاً عربية، تحت مسمّى دعم الحركات التحرّرية والديمقراطية في البلدان العربية. فما الذي اتخذته الحكومات العربية منذ مارس إلى الآن لترجمة هذا القرار العربي المشترك، هل بدأ التنسيق الجاد والعمل المشترك لمحاربة ومحاصرة الإرهاب وعناصره، أم كأن شيئاً لم يكن..؟!. لم يحدث شيء على الإطلاق، وكل ما تم أن بعض الحكومات العربية اتخذت قرارات أحادية اعتبرت فيها جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم «القاعدة» وغيرهما من الجماعات الدينية المسلّحة جماعات إرهابية.. وكفى، فهل بهذه القرارات التي اتخذتها بعض الدول ولم تتخذها الدول الأخرى سيتم تنمية العمل العربي المشترك لمكافحة الإرهاب..؟!.. مؤشر الإرهاب الدولي للعام 2014م يبيّن الخطورة البالغة لمستوى الإرهاب الذي يجتاح الدول العربية ويزداد نشاطاً كل يوم، حيث احتلت «العراقسورياالصومال» المراتب الأولى تباعاً، ومن ثم جاءت اليمن ومصر ولبنان وليبيا من الدول العربية الأكثر نشاطاً وتضرّراً من الإرهاب. هذا المؤشر الدولي الذي يوضح التنامي اللا محدود للإرهاب «تضرّراً ونشاطاً» في البلدان العربية يكشف عن غياب الاستراتيجيات التي تتبعها الحكومات العربية في مكافحة الإرهاب والحد من نشاطاته المتصاعدة. كما يؤكد أن الدول العربية تحوّلت إلى بؤر لتجمُّع الإرهابيين وبشكل يهدّد أمن واستقرار تلك الدول والمنطقة برمّتها، ولا تكاد دولة عربية إلا وللإرهاب صولاته وجولاته فيها؛ وإن بدا أقل نشاطاً في بعض الدول العربية إلا أن هذا لا يعني خلوها من الخلايا الإرهابية. مؤشر الإرهاب الدولي يدق ناقوس الخطر؛ ليس في الدول العربية الأكثر نشاطاً وتضرُّراً من الإرهاب وإنما أيضاً في مختلف الدول العربية، وهذا يستدعي تفعيل العمل العربي لمكافحة الإرهاب بكل الصدق والمسؤولية، وعدم الاكتفاء بإدراج جماعات أو كيانات معيّنة في قائمة الإرهاب؛ كونه لا يمكن حصر الإرهاب في جماعات معينة، كما لا يمكن القضاء عليه بعيداً عن التعاون العربي المشترك وبعيداً عن البدء الفوري في اتخاذ إجراءات حازمة وحاسمة ضد الدول الراعية والممولة للإرهابيين، إضافة إلى وضع حدٍّ للخطاب الديني المتطرّف وملاحقة وتتبع عناصره وإيقاف نشاطاتهم أينما كانوا. فهل تدرك الدول العربية الخطورة البالغة التي أصبح الإرهاب يشكّلها ليس على أمنها وحسب وإنما على وجودها وبقائها..؟!.