الإهداء إلى الفنان أيوب طارش وروح الفضول غنى أيوب طارش للحب والشوق والفراق وحن كما تحن العيس معبراً عن الآخرين بروحه الفنية وروح الشاعر الفضول.. الشعراء والفنانون متميزون لأنهم قادرون على التعبير عن الناس في الأنات والآهات و الفرح والسرور والشوق و الفراق .. فمن يعبر عنهم عندما يحزنون؟. الألم والسعادة والفرح والحزن والفراق واللقاء هي حياة الإنسان وهي قضايا الفن والأدب... والفنان والشاعر وحده من يجيد نزع المشاعر وتحويلها إلى كلمات وألحان .. ولهذا يطرب الناس لها, يبكون ويضحكون، يفرحون ويحزنون مع الكلمات والألحان لأنها تدق على أوتار القلوب وتلامس حافة الأفئدة حزناً أو فرحاً على أكبدة المحبين.. وهي موهبة عجيبة مثلها مثل خلق الإنسان واختلاف الألسن والصور, فالكلمات هي الكلمات والصوت هو الصوت .. والفرق أن لدى الفنان رنة سرية ونغمة روحية تغوص في أحزان وأتراح الناس فتهتز لها طرباً أو تدمع لها حزناً تماماً مثل خرير الماء وخضرة الزرع وتفتح الورد وصفير العصافير وحنين الرعد وغروب الشمس وشروق الصباح.... كلها قصائد يقف وراءها خالق الكون والجمال .. نعم لقد ظل أيوب طارش يغني مع الطير ودمعة الغروب وضحكة الشروق ليعبر عن مشاعر الناس.. كل يوم كانت هناك قصة خاصة يتلقاها أحدهم ويمكث بجانب صوت أيوب فرحاً أو حزناً يسمعه بشعور مختلف أكثر شفافية وإحساساً .. كان لحن أيوب وصوته آية من جمال خاصة لبيئة اليمن وتعز تحديداً مع كلمات الشاعر«الفضول» فالتقى اللحن والصوت والكلمات وكأنها أزهار وسنابل وجداول ماء نابعة من تربة ذبحان ووادي العجب وقرى الأعبوس و المعافر وشماريخ سامع والصلو وجبل حبشي ومشاقر صبر وهضاب شرعب وقيعان التعزية وماوية وفل التهائم وماوراء هذه الوديان لتصل إلى اليمن الكبير ,بل وكأنها أشجان وأحزان منزوعة من أفئدة المحبين وأنين المفارقين وأشجان المشتاقين لقلوبهم الطائرة وأفئدتهم المسافرة.. وما الحب والشوق ياصاحبي سوى بعض من أفئدتنا تهاجر خارج أجسادنا ليغزونا الاغتراب ويسكننا الحنين. الآن لم يمت أيوب ونسأل له عافية وعمراً مديداً... لقد مات بعضه وهربت أيامه ليبقى بلا أيام ... ماتت زوجته وشريكة حياته، وأراه حزيناً بدون نغم يواسيه أو يغني أشجانه وكأني أراه حاملاً على كاهله ألحانه وحطام الأيام، متحسساً زوايا المكان ورياحين وأزهار البيت وكأنها ستتفتق بالماضي الذي لا يحن لأحد. أمشي بريحاني وألحاني واسأل عنك أفواج النسيم واضم كل الزهر أشمك فيه واحضن كل ريم لقد غنى كل هذه السنوات للناس لكنه اليوم لا يجد سوى صدى صوته يرتد بوحشة الفراق وسواد الغسق، وهذه غصة الأديب والفنان عندما تهاجمه الأيام الغادرة ولا يجد من يواسيه بلغته ولا من يكتب له العزاء بريشة الشاعر والفنان، فيتراكم النحيب ويتجه بصره إلى جهة الغروب ليمسك بتلابيب شمس الأصيل الدامعة لعله يعيد بعضه المدفون تحت الثرى وأيامه الغاربات مع الراحلين، تاركة مكاناً شاغراً وصوراً من الذكريات، وما أقسى الذكريات لفنان وشاعر يجد نفسه وحيداً دون أيامه بعيداً عن النفس والنفَس...دون أن يجد من يواسيه سوى صفير ريح يلعب بسراج ذاوٍ في ليلة ممطرة مصحوبة بعواء ذئب ونباح كلب ليرتد الصدى موحشاً. ولى وخلاني لوحدي أبات في أحضان سهدي واعيش بين الناس وحدي [email protected]