الغريب من تصاريف القدر هو أن نجد أناساً كانت سجلاّتهم نظيفة وفي مقدمة الوطنيين الذين نذورا حياتهم من أجل عزّة وشموخ الوطن اليمني الكبير والواحد والموحّد، وأمام المغريات نجده سقط سقوطاً مريعاً من خلال تنازله عن شرف التاريخ الذي كان الحفاظ عليه، والاستمرار بالتمسّك به وعدم التفريط فيه مهما كانت المغريات الزائلة سيجعله تاجاً على رؤوس من ينتمون إلى تلك الرموز، وأمام إغراءات وهمية وتمزيقية حوّلت فعله الكبير إلى تقزيم وجعلت منه وصمة عار تلاحق الذوات في الحياة والممات. إننا اليوم أمام أفعال يعتقد أصحابها ممن اعتقدنا فيهم الوفاء والكبرياء والشموخ ولا يقبلون بالتشظي، أن تلك الأفعال مجرد نكاية لزيد أو عبيد من الناس ولم يدرك أن ذلك الفعل نكاية بالوطن اليمني الكبير، بل للأسف إن تلك الأقوال والأفعال المشينة والمسيئة لشرف التاريخ ناتجة عن تدليس وتغرير وكذب، لأن سند الأفعال المنتقدة والذريعة للتنازل عن شرف التاريخ قانونية وموثّقة وموجودة ولا مجال لإنكارها، وهنا تظهر المأساة الحقيقية عندما يقع الإنسان الشريف والنزيه ضحية التدليس الذي فاحت روائحه المزكّمة للأنوف باتجاه أفعال وأقوال تضر بالمصلحة الوطنية العليا وتؤثر سلباً على بناء الدولة اليمنية. إن صناعة التاريخ والألق والمجد العظيم يحتاج إلى صبر الرجال وعزيمة الأوفياء وهمّة الأقوياء وبأس الحكماء وإيمان الأتقياء، بمعنى أن صناعة المجد لا تأتي بمقود العاطفة الأنانية والعصبية الجاهوية والحمية الجاهلية والنزعة العنصرية المحققة لتدمير البلاد والعباد والرافضة للمشروع النهضوي الأكبر والمروّجة للمشروع الأصغر الذي يقبل الخنوع ولا يمتلك الطموح، ولا يحظى بالشموخ ويرضخ للتبعية والانكسار. إن ما يحدث اليوم من الأقوال والأفعال وإن كانت جائرة إلا أنها ستجعل صُنّاع المجد والألق اليماني والطامحين لتحقيق المشروع القومي الأكبر أكثر قدرة على الحركة، لأنهم وحدهم الذين يحظون بالقبول الجماهيري الشعبي. أما من سقطوا في مستنقع التبعية والارتهان، فإن الشعب اليمني الحر من أقصاه إلى إقصاءه لا يقبلهم وسيكون الشعب الصخرة التي تتحطّم عليها مؤامرات التشرذم والتقزيم، وسيبقى العظماء هم الأكثر فاعلية بإذن الله.