• تنتصب أمام حكومة خالد بحّاح عديد المهام الصعبة والجسيمة التي فرضتها الأوضاع الراهنة التي تعيشها البلاد، وأولى هذه المهام إصلاح وإعادة بناء ما خربته ودمرته الأزمات السياسية المتلاحقة التي يعاني منها الوطن وآثارها الاقتصادية والاجتماعية التي فعلت فعلها السيئ في كل شيء في حياتنا.. • وأيضاً من مهامها السير بالوطن نحو الأمان والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكذا الاستقرار المعيشي للمواطن الذي يحدوه الأمل في أن تكون هذه الحكومة حكومة إنقاذ فعلية لكل ما يعانيه من أزمات، لا كما اعتاد عليه من حكومات استعراض للتصريحات والمؤتمرات الصحفية والتسويف والمماطلة والإنجازات الوهمية على الورق. • إن أجمل ما في الحكومة الحالية أنها أفردت نسبة جيدة لتمثيل الشباب في المقاعد الوزارية، كما أنها ابتعدت ولو نسبياً عن المحاصصة الحزبية وليس فيها تمثيل صريح للأحزاب والمكونات السياسية، وهو ما يجعلنا نتفاءل كثيراً بهذه الحكومة، خصوصاً الوزراء الشباب الذين لم تتلوث أيديهم بالفساد وبعيدين عن أجواء المناكفات السياسية والحزبية التي صبغت أداء الحكومة السابقة، وأيضاً يمتلكون روح الشباب والطموح لتحقيق شيء، وهو ما نلمسه في تصريحاتهم وتحركاتهم الميدانية. • أعتقد أن معالي رئيس الوزراء خالد محفوظ بحاح أصاب كثيراً في اختيار أعضاء حكومته من منطلق إدراكه بأنه هو المسئول الوحيد عن نجاح أو فشل حكومته، وإن كان هناك بعض الوزراء ليسوا بحجم المرحلة الراهنة ومتطلباتها، غير أن المقياس الحقيقي للحكومة ينبع من قوة الحكومة ككل، فمتى ما كانت قوية وقادرة على إحداث الفرق، فلا خوف من أن لا يرتقي هؤلاء الوزراء إلى مستوى المسئولية والأمانة الملقاة على عاتقهم، ففي الأول والأخير يُقاس نجاح الحكومة أو فشلها من واقع أدائها الجمعي وليس بالنجاح الفردي للوزراء. • إن أعضاء الحكومة الحالية مطالبون بأن يشذوا عن النمط الذي سارت عليه معظم الحكومات السابقة، وهو النمط المتمثل في «كثير من الكلام قليل من العمل» وعليهم أن يثبتوا كفاءتهم وجدارتهم في تحمل مسئولية المناصب التي أسندت إليهم، وأن يتحرروا من الرؤى الضيقة لصالح الرؤية الوطنية الشاملة، ويعوا جيداً أن مهمتهم الأساسية هي إخراج البلاد من دوامة المشاكل والأزمات وإعادة الحياة إلى وضعها الطبيعي، وتحقيق آمال وتطلعات أبناء الشعب الذي عانى كثيراً ولا يزال من آثار وتبعات الأزمات المتشعبة والمتعددة الجوانب والتي طالت كل مناحي الحياة. • وفي المقابل فإننا مطالبون بعدم التسرع والاستعجال في الحكم على الحكومة بالسلب أو الإيجاب؛ وأن نمنحها الفرصة والوقت الكافيين لكي تقوم بعملها وتثبت قدرتها على تنفيذ مهامها، ولندعها تعمل بسلام؛ بعيداً عن القدح أو المدح في حقها أو حق أعضائها، لأنه من المبكر جداً تقييم هذه الحكومة وهي التي لم يمضِ على تشكيلها سوى فترة بسيطة. • يجب أن يدرك الجميع أن البلاد في ظل الأوضاع السيئة التي ترزح تحتها لم تعد تحتمل المزيد من الاختلافات والصراعات، بل تتطلب أن يكون التوافق السياسي هو عنوان المرحلة الراهنة، وأن نستشعر المسئولية ونتكاتف من أجل إنجاح أعمال الحكومة، ونعمل سوياً يداً واحدة من أجل الوطن وأبنائه ونضع الوطن ومصالحه فوق كل اعتبار. • أعتقد جازماً أنه إذا ما توافرت النوايا الصادقة لدى الحكومة وعملت بجد وتحملت أمانة المسئولية التي تفرضها عليها الظروف الراهنة للبلاد، مع التفاف الجميع حولها وتذليل كافة العقبات أمامها، فإن النجاح سيكون حليفها لامحالة في تحقيق كل ما نصبوليه. • نتمنى أن يكون تفاؤلنا في محله، فلا زلنا نتمسك ببصيص الأمل، لعل وعسى نشهد ولو مرة واحدة حكومة فاعلة وقادرة على فعل شيء إيجابي لهذا الوطن وأبنائه، الذين يكادون يفقدون الأمل في صلاح البلد وفي وجود حكومة وطنية حقيقية تعمل من أجل الوطن وقادرة على تحقيق آمال المواطنين وتطلعاتهم. [email protected]