أين هو المواطن العادي واحتياجاته من كل ما يحصل في البلد؟! للأسف غير موجود وإن وجد فليس سوى مجرد ديكور لتجميل وتزويق خطابات وأحاديث المسئولين الذين ثبُت أن المواطن واحتياجاته تأتي في أسفل قائمة أولوياتهم بل لا نبالغ إن قُلنا بأنهم لا يفكرون به أصلاً، فلم نلمس حتى الآن أن مسئولينا يحرصون على تلبية احتياجات الناس قدر حرصهم على الخوض في غمار الصراعات والخلافات السياسية والاسترسال في أمور لا تنفع الوطن ولا المواطن في شيء. فهل من مصلحة الوطن والمواطن تأجيج الخلافات والتباينات السياسية وإذكاء الصراعات المذهبية والطائفية في ظل الأوضاع الراهنة التي يعيشها البلد؟! وهل من مصلحة الوطن والمواطن الآن تأجيج الخلاف والصراع بين الإصلاحيين والحوثيين؟! وهل من مصلحة الوطن والمواطن إشعال نيران الفتنة المناطقية بين شمال الوطن وجنوبه والحديث بلغة الاستعلاء والاستقواء ونكأ جراح حرب 94م التي لا نزال نعاني آثارها وتداعياتها الكارثية حتى اليوم؟! احتياجات الناس الأساسية في الفترة الراهنة تتمثل في الماء والكهرباء والشعور بالأمن والأمان وتوفير الاحتياجات المعيشية بأسعار معقولة تتناسب مع دخولهم والواقع المعيش والظروف الاقتصادية والاجتماعية حتى يستطيعوا العيش بكرامة، هذه هي الاحتياجات الضرورية التي ينتظرها الناس، فما هو الجديد في مستوى توفر هذه الخدمات بالشكل الذي يمكن اعتباره إنجازاً تحقق للمواطن؟! للأسف لا شيء، فلم نشهد أي تحسن في هذه الأمور، فلا تزال أزمتا المياه والكهرباء على حالهما ولا يزال الأمن والأمان مفقوداً ولا يزال الناس يتكبدون أوضاعاً معيشية صعبة تحت رحمة التجار المستغلين. أغلب المسئولين في بلادنا مجرد ظاهرة صوتية “يقولون ما لا يفعلون”، كلهم ومع بداية تقلدهم المسئولية يخدروننا بالوعود والآمال بأن مهمتهم الأساسية وشغلهم الشاغل يتمثل في خدمة الوطن والمواطن، غير أن كل هذه الوعود التي تشدقوا بها سرعان ما تتلاشى مع الوقت وتصبح مجرد كلام لا يسمن ولا يغني من جوع، وهذا الأمر ينطبق على الجميع حتى أولئك الذين كُنا نظن وبعض الظن ليس إثماً أنهم قادرون على إحداث الفارق لنكتشف لاحقاً أنهم من نفس النوعية الرديئة التي ينتمي إليها جُل مسئولينا، ولا يختلفون كثيراً عمن سبقوهم في نفس مواقع المسئولية سوى بالاسم فقط. فالمسئول من هؤلاء يبدأ مهامه بنشاط كبير أو هكذا يُخيل لنا إلا أنه سرعان ما يحيط به المتزلفون والانتهازيون الذين يحولونه إلى ألعوبة بأيديهم يحركونه كيفما شاءوا، فيصورون له بأنه « فلتة زمانه» والمنقذ الذي جادت به السماء للنهوض بالأوضاع من حالة التدهور التي وصلت إليه ، كما يزينون له بأن كل ما يقوم به يخدم المجتمع والناس، بينما في الحقيقة لا يخدم سوى مصالح البطانة المحيطة به ويشبع رغباتهم ونزواتهم الاستغلالية، وكل من يحاولون توجيه النصح إلى هذا المسئول وإعادته إلى المسار الصحيح يصبحون من المغضوب عليهم، منبوذين لا يعيرهم أي اهتمام ولا تلقى نصائحهم آذاناً صاغية لديه. إن أكثر ما يزعج مسئولينا في هذا البلد هو أن يكونوا محل نقد سواء بالحق أو بالباطل، فالمسئول من هؤلاء ما إن يتعرض للنقد وبدلاً من أن يعمل على تلافي أخطائه وتصحيح عمله وأدائه ،نجده يحرص كل الحرص على استرضاء منتقديه، وقد يكون الأمر مقبولاً لو أن مسئولينا يقابلون منتقديهم بالشكر والتقدير،لأنهم ينبهونهم لأخطائهم ومكامن القصور والخلل في أعمالهم، ولكن الحقيقة ليس إلا خوفاً منهم ومن انتقاداتهم فيعملون على استرضائهم وإخراسهم ومنحهم منزلة وقدراً أكبر مما يستحقونه خاصة لو كان المنتقدون ذوي أهداف ابتزازية بحتة. [email protected]