الحرية لاتزال مجرّد مصطلح حقوقي لم تخرج إلى الممارسة الفعلية كسلوك وذلك شأنها شأن الكثير من المفاهيم الحقوقية التي أشعلت ثورات ولم تحرق الانتهاكات المعادية لكينونتها؛ بل ظهرت بشكل تجاوز الأخلاق الإنسانية بمسافة توصف حدودها باللا مهنية وخصوصاً الحرية الإعلامية التي لم تجد حيزاً بين أوساط حقوقها الثلاثة «حق المعرفة وحق التعبير وحق النشر». فكل حق من هذه الحقوق أخذت نصيب الأسد من الصدمات التي تبدأ من العقبات الداخلية؛ أي من سياسة النهج الإعلامي نفسه الذي رسم حدود توجُّهه بشكل ضيّق يتعمّق في الولاءات ليصبح أحد الأدوات السياسية للقوى المتصارعة في مرحلة معيّنة يفقد فيها أخلاقه ومصداقيته المهنية. وفي ظل هذه الزاوية الضيّقة التي حصر الإعلام نفسه فيها يكون الحديث عن الانتهاكات بتوصيف أو بالأصح بتحجيم الخسائر من الجهات المتصارعة، أما الحديث عن الانتهاكات من واقع حقوقي يتطلّب معايير الإنصاف؛ لأن الأخلاق المهنية غير منضبطة في ظل المفهوم البرجوازي لحرية الإعلام، فمصطلح «حرية» لكي يكون مطلباً يجب أن يتحرّر من أن يكون وسيلة دعاية وترويج للأيديولوجيات المتصارعة. فالحرية الإعلامية بلا عنوان لأنها غير مستقرة المفهوم بممارسة حقيقية تنبع من سلوك الصحافة وتتجسّد بمبدأ حقيقي هو الإيمان بالحرية الشخصية التي تنبثق منها قيم حرية الفكر وحرية التعبير عن الرأي، أما انعدام السلوكيات الكفيلة بإظهار وحماية الحرية في ظل الولاءات والتبعية لن تجعل الحديث عن حرية الإعلام أمراً منصفاً ولو برزت انتهاكات. ربما هذا منظوري الشخصي، أو بالأصح قناعتي من جانب فلسفي يحترم المصطلحات بكونها سلوكيات وليست مجرد شعارات مفرغة المصداقية تستمد قوتها فقط من تشريع وضعي. بقايا حبر أحتاج إلى وطن.. يطمن رعشة حبري بأن سطوري معصومة الحرية..!!. [email protected]