رغم الغبن الذي وقع على النبي الكريم يوسف عليه السلام من إخوته، إلا أنه ساعة مقدرته على إنزال العقوبة بهم تحدّث عن ظلمهم له باللغة الأرقى حين قال «من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين أخوتي»، ولم يقل: من بعد أن تآمر عليّ إخوتي العملاء الأوغاد ووو.. وكان بإمكانه قول وفعل ما يشاء.. لكنه الرقي الإنساني حتى في التعبير عن الظلم. أعاد سبب الخصومة إلى الشيطان وليس إلى خلل في عقولهم، رغم أن الشيطان وهواجسه تستثمر العقول المتبلدة عن رؤية الحقيقة والصواب.. لكنه أدب وكرم النبوة والصالحين والقلوب المفعمة بالطمأنينة واحتقار الحياة حين تمضي سنواتها هباءً منثوراً في أودية الأحقاد ومرابض الفتنة. أليس لنا في تلك الصفحة المشرقة من تأريخ الإنسانية عبرة وعظة واستلهام يتجاوز بنا مفاوز الوجع، وينسينا كدر الأيام الفانية؟، إن الخصومة واردة حتى بين إخوة البطن الواحد.. لكن التسامي وروح التسامح كفيلان بترميم كل الثقوب التي يحدثها عدوان المرء لأخيه الإنسان طالما لديه المبادرة الحقة لتجاوز ما يعطّل الحياة ويدفع بالناس إلى كوارث لا جدوى منها سوى اتساع رصيد الشياطين وهيمنتهم البليدة. [email protected] رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر