ليس هناك من حيرة تسكنني على مدى هذا العمر الذي لا أدري أهو الذي يتلبسني أم أنا التي أتلبسه وأعاني لؤم الزمن والعتب؟ زمن لا أدري أهو الذي فرض عليّ أن أخوض غمار شوكه أم أنا التي خضت سراديب وخزه وخفايا مخالبه وأنينه والتعب؟ لا.. سأعود لحيرتي ولا أحبذ الخوض في تفاصيل زمن أهوج.. زمن كل تمتماته جنون ومجون وغضب..دعونا منه.. وأعود لحيرتي ولزمني المغزول على أهداب الحبيبة تعز.. حبيبة حيرت بشعاع ضوئها كل الأزمنة والأمكنة والحقب.على المدى الطويل ما استطاع الكهان والسحرة وحارقو الأبخرة هتك نورها ومنارات علمها ووهجها بكل جبروتهم وغيهم والصخب.فليس هناك من حيرة تسكنني سوى كل هذا الشغف لمدينة أشعلت بندى بسمتها الساحرة كل معلقات الهوى ودواوين الشعر والفلاسفة والأدب.تعز.. ليست فاتنة وحسب بل حين يمتد إليها الخطر، وحين يريد منها العادون الظفر .تنفض عنها حسنها.. وتشعل في أبنائها معاني التضحية والفداء لثرى الأرض وبرها والسماء.. حتى صارت صانعة الأمجاد ووبيبة الثورات ..ويشهد لها التاريخ وكل حكايات العرب.. أيا تعز.. اعزفيني على قيثارة حلمك كفجر ندي..إشعلي الأحلام على قوافي أشجاني.. وانثري عطرك بين تلافيف شرياني..تعز.. يا قبلة الآمال ويا مزار شدوي والنغم من أول الحلم حتى منتهى المعجزات.. كم أنت حبيبة.. وقريبة ..وحميمية.. وسرمدية الشغف والأمنيات..كم أنت بهية.. وندية وتنسجين لك من خيوط الروح متكأً حتى أقاصي الوله وكل التمتمات.. كلما ظننت أني كبرت وفطمتني الأيام عن نبضك الآسر، تشدني إليك نكهة الطفولة وعبق نهاراتك المغزولة بمشاقر صبر وبنات الجبل الأكثر دهشة.. وكلما ظننت أنني كبرت ،أعود في تجلياتك لأول البدء والمبتدأ ..احترت جداً.. كيف أبدأ فيك حبري ومداد كلمي.. وكيف لا أجد من عينيك مهرباً ومنتهى..تعز.. تسكنني منك لهفة ووله عاشق لا يبرح السكنى في وريد من يهواه.. تأسرينني حد الثمالة.. تشاركينني خفقا لا يتمتم إلا بهثيم سمائك.. ومعارج سحبك.. ومسارب غيمك ..وليلك التعزي الذي يعلق بين مسامات المهجة وسماوات المقل..وأنا كطفلة مازلت أحبو على مشارف وجهك الملائكي الذي لا ولن يخفت بهاءه مهما حاولت الأيام أن تصلب عليه قباحاتها..ومهما حاول الأزلام تدنيس طهرك..أحاول أن أجد حلا لشفرات سحر وجمال يأسر حتى قلوب الجبابرة لكنهم حينما يتعلقون برائحة حسنك يتحولون لشعراء ويكتبون فيك آيات الحسن الذي لا ينضب.تظلين جميلة وفاتنة ولن تشيخي يا سرمدية الصبا.. علميني كيف أجد منك وإليك وفيك ملاذا ومهربا.. علميني كيف امتزج في شرايينك أكثر وأكثر.. وكيف تصبحين في مجرى وريدي كمس، لا أريد أن أشفى منه أو أبرأ أبداً..لا يسعني سوى عينيك.. ولا يحتويني غير ليلك ونجمك وغيمك ونسيمات فجرك الفواح عطراً، كأنه آت من رياحين الفراديس. تعز.. أحبك. .وكفى.. [email protected] رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر