نحن من نعلّمهم كيف تكون الإساءة. نحن من نسمح لهم أن يتحدثوا عنه بتلك الطريقة. نحن من ننسف كل ما يمت إلى شخصيته وتعامله ونضاله وتضحيته وصبره وكفاحه. نحن.. نحن.. نحن.. نحن من نفعل كل هذا ثم نلوم غيرنا على كل هذا الفساد والتعدي والاستهزاء، لكن دون أن ننتبه لهذا أو بالأحرى نقرّ به، ونحمّل من يفعلون ذلك وحدهم نتيجة هذا. وكل ذلك لسبب واحد هو أننا بتعاملنا شوّهنا الدين والإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والفاتحين، كيف نتحدث عن سيرته المليئة بالصدق والحب والتعايش والسلام، ثم نقتل بعضنا بعضاً، بدون ذنب أو حرمة، لو كنا نكنّ له ذرة حب أو انتماء، لكنا تعلّمنا فقط من تعامله مع اليهودي الذي كان يضع الأذى أمام باب بيته، وعندما لم يجده صباح يوم من الأيام، افتقده وذهب لزيارته، فكان كل هذا الحب والتعاطف سبباً في دخوله الإسلام، لأنه علّمه بتصرف واحد معنى الرسالة الذي أُرسل بها، إنها رسالة محبّة وتسامح ورحمة وخير، ونحن نتعامل مع بعضنا حتى على المستوى الحياتي والوطني، كما لا يمكن أن يتعامل اليهود مع الفلسطينيين، بالعكس اليهود أكثر رأفة منا مع بعضنا، في مرحلة وزمن تحول كل واحد منا إلى مجرد شاة تستعد للموت في أية لحظة، وفي أي مكان، بانفجار أو رصاصة طائشة، بدون اعتراف بأية حرمة للدم الذي يهتز له عرش الرحمن. كان المسلمون يُدخلون الناس في الإسلام من خلال أخلاقهم وتعاملهم، ولوقت قريب في دول أوروبا وأفريقيا، واليوم بتنا مثالاً فخرياً للإسلام وللرسول صلى الله عليه وسلم، يكفي ما يحدث في مرافقنا الحكومية، من غش ورشوة وفساد، وحتى على المستوى الأسري، من يحرمون أخواتهم من حقهنّ في الميراث، فقط لأنها امرأة، قد يدفعها الخجل من قول أعطني حقي، والرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم، من أوصى بالنساء وهو يحتضر، ووصفهن بالقوارير، وأعطاهن من الحقوق ما لم تحظ النساء به في مختلف العصور والأزمان، في كل مناحي الحياة، حتى من الناحية الصحية والنفسية والاجتماعية. واليوم يذهب المسلم إلى بلاد غير المسلمين في أوروبا وأمريكا واستراليا للعلاج أو للعمل، فيجد ما يندى له جبينه، من حرصهم على الصدق والأمانة والدقة والاتقان في العمل، وإعطاء الحقوق لأصحابها، وتشجيع المواهب والطموحات، والبناء والعطاء وحب الوطن، وإن كانوا مفكّكين اجتماعياً وأسرياً، لكن على الأقل ملتزمين بكل تلك القيم والمبادئ والأخلاق والإنسانية. ونحن نمارس كل شيء، وبكل جحود وعنجهية ونكران لما علّمنا إياه رسولنا الحبيب، وديننا الحنيف، ونلومهم على ما يفعلوه، ونذكر الرسول فقط عندما يسيئون إليه، حاسبوا أنفسكم رجاءً قبل أن تُحاسبوا، وقبل محاسبتكم للناس، فنحن لا نحصد إلا ما زرعنا.