كنا نعتقد أن الأزمة السياسية التي تعصف باليمن الأرض والإنسان، التاريخ والجغرافيا، في طريقها إلى الانفراج، وإن الصراع المحتدم منذ أربع سنوات بين الإخوة الأعداء شركاء الوطن قد وصل إلى نهايته، وحان الوقت ليتناسى الجميع عداواتهم وخصوماتهم ويلتفوا حول الوطن قبل أن يتسرب من بين أيديهم، ولن يستطيعوا له طلباً فيصبحوا عليه نادمين. نقول ذلك من منطلق أنه مهما تباينت الآراء وتقاطعت المصالح واختلفت التوجهات واحتدمت الخلافات فكلها تؤدي إلى طريق واحد، وكلهم يجمعهم قاسم مشترك هو الحفاظ على الوطن وأمنه واستقراره ومصالح شعبه، خصوصاً بعد توقيع اتفاق السلم والشراكة؛ لأن المتعارف عليه في كل الدنيا أن الأحزاب والقوى السياسية هي جزء من الشعب وليس العكس، ولهذا حين تتصارع فيما بينها يكون ذلك من أجل مصالح الوطن العليا، وفي سبيل رفاهية الشعب وتحقيق كل طموحاته وآماله وتطلعاته. وحين نقول صراع الأحزاب نقصد هنا: صراع الأفكار والآراء والبرامج واستعراض القدرات والكفاءات والتنافس في تقديم الأفضل ومن لديه الخبرة والعمل بشكل أسرع لتحسين حياة المواطن وتوفير متطلباته الأساسية وفي مقدمتها الأمن والاستقرار وتوفير فرص عمل وتأمين حصوله على لقمة عيش كريمة وطريق يسير عليه ومدرسة يتعلم بها ومشفى يتعالج به. وهذا يعني أن كل ما تقوم به الأحزاب والقوى السياسية يجب أن يصب في مصلحة الوطن، وغايته خدمة المواطن أولاً وأخيراً.. وهذا النوع من الصراع الجميل والمشوق لا مكان له فوق الساحة اليمنية، ولم يدرج بعد في أجندة الأحزاب والقوى السياسية والتي لديها صراعها الخاص بها، لنرى تفوح منه رائحة الدم والدخان، وتعلو فيه أصوات القذائف وأزيز الرصاص، فالصراع المعتمد لدى الأحزاب والقوى السياسية حتى اللحظة هو الصراع المدمر والذي لا يجر سوى الويلات والمآسي، ويكون فيه الغلبة للأقوى وليس للأفضل. ولهذا كان اعتقادنا بقرب انتهاء الأزمة وانقشاعها عن سماء وطننا الحبيب خاطئاً جداً؛ لأن الحقيقة بكل أبعادها تؤكد أننا لازلنا في ألف باء الأزمة.