أرادت الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي والسعودية من إغلاق سفاراتها أو تعليق عملها في اليمن أن ترسل رسالة ترهيبية لليمنيين مفادها إبقاء اليمن في عزلة عن العالم وتمهيداً لفرض عقوبات اقتصادية تزيد من معاناة اليمنيين، بالإضافة وهو الأهم إلى خلق حالة من التذمر والاستياء بين أوساط اليمنيين تدفعهم للانتفاضة في وجه المكونات السياسية التي تتحمل مسؤولية الوضع الذي أدى إلى إغلاق السفارات..، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى خلق صراعات بين المكونات السياسية بعضها البعض.. بررت السفارات الأجنبية هذا الفعل بتدهور الأوضاع الأمنية بعد سيطرة جماعة أنصار الله على زمام الأمور في العاصمة صنعاء..، ورغم أن الأوضاع ليست بهذه الصورة التي قالت عنها تلك الدول، إلا أنها أرادت التعبير عن رفضها للوضع السياسي القائم في اليمن بهذه الخطوة التي تهدف في الأساس إلى التنصل عن مسؤولياتها والتزاماتها تجاه اليمن خصوصاً فيما يتعلق بالدعم الاقتصادي ورعايتها للتسوية السياسية.. ظلت هذه الدول خلال الأربع السنوات الماضية تتدخل في الشأن السياسي اليمني بصورة أو بأخرى من خلال رعايتها للمبادرة الخليجية والتسوية السياسية، رغم أنها لم تسهم في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء وتحقيق أي نجاح يذكر في هذا الشأن.. وفي الوقت الذي كان يفترض بها بذل المزيد من الجهود لحلحلة الأزمة وإنجاح الحوار الجاري بين فرقاء العمل السياسي نراها تتنصل عن هذه المسؤولية وتتخذ قرار إغلاق سفاراتها وإجلاء رعاياها في مؤشر واضح إلى أن هذه الدول لا يهمها شأن اليمن واليمنيين وهذا ما يجب أن يدركه المتحاورون في موفمبيك وخاصة الذين يراهنون على الخارج لحل الأزمة اليمنية.. ورغم أننا غير مقتنعين بالمبررات التي سوقتها تلك الدول لإغلاق سفاراتها وإجلاء رعاياها، ونعلم أن هناك مغازي أخرى من وراء هذه الخطوة، إلا أن على المكونات السياسية المتحكمة بخيوط الأزمة أن تدرك أن الحل بيدها إذا نظرت بعين المسؤولية لما يحاك من مؤامرات ضد اليمن واليمنيين وتخلت عن عنادها ومكابرتها وقدمت بعض التنازلات لما فيه المصلحة الوطنية.. وبالتأكيد يجب على المكونات السياسية الاستفادة مما حدث في العراق وليبيا وغيرهما، وكيف أن الدول الغربية كانت تردد نفس المزاعم التي ترددها اليوم في اليمن من أنها مع أمن واستقرار اليمن ولن تسمح بانجرارها صوب الحروب والصراعات، فما الذي قدمته الدول الغربية للعراق وليبيا لتقدمه اليوم لليمن؟!.. على اليمنيين وفي مقدمتهم المكونات السياسية أن يدركوا المغزى والمخطط الحقيقي من إغلاق السفارات والهادف إلى دفع اليمن نحو الصراعات والعنف والفوضى والتمزق والتشرذم.. فهل تثبت المكونات السياسية أنها تمتلك إرادتها الحرة وتفوت الفرصة على كل المخططات الرامية إلى إشعال فتيل الحرب الأهلية، وأن حواراتها التي تجرى حالياً هي من أجل تحقيق المصلحة العليا لليمن وليس من أجل تحقيق مصالح حزبية ومناطقية ومذهبية؟!..