قد تبدأ الثورات بمطالب شرعية وتنتهي بالإجهاض، أو تختم مسارها بنتائج ( خدجية ) . وفي ظل الثورات يبدو المستبدون بأنهم الوطنيون ولابسوا ثوب المظلوم، ولكن لا أخطر على الثورة من الانقسام الداخلي للصف الثوري ولا أشد قهراً من القاعدة الشعبية والجماهيرية التي تجعل أصابعها في أذان الوعي، وتستغشي بثياب التواري عن معرفة الحقائق وعدم التفريق بين الوطنيين وأدعياء الوطنية. فيما سبق كان الحوثيون أحد مكونات ثورة فبراير التي أرادت تغيير الواقع اليمني وتصحيح المسار وأراد بها الحوثيون من جهتهم رفع واقع الظلم عليهم في الحروب الستة، وبقدر ماكان التعاطف الشعبي الكبير معهم ضد المظالم التي وقعت عليهم، أصبحت الآن ردة الفعل ضدهم أكبر بسبب وقوعهم في ذات الممارسات اللا إنسانية وانتقالهم من مظلوم مجرد إلى متلبس بثوب الظالم. وليس غريباً حدوث التحالفات في خندق الأهداف المشتركة فإذا انفض المولد عادت الأضداد لتتخندق مستأثرة بهدفها الأوحد. والواضح المستخلص من عتامة الوضع أن الإفرازات تأخذ في التمدد على مساحة الكيان اليمني غير منبهة إلى الفروق الجذرية والمطالب المطروحة. مايقوله الحوثيون إعلامياً يخالف الوقائع على الأرض ومايتعاملون به يتجه نحو واجهة تؤسس للتمايز السلبي الطبقي ، والحاملون وزر مايقع على الوطن غير استثنائيين كما أن خارطة التمدد غير اسستثنائية، والتصريحات الخافتة من القوى السياسية الداخلية والخارجية لاتضاهي الشعارات المدججة بالسلاح، والفاعل الداعم ليس ضميراً مستتراً بل هو من كشف كلمات المرور، وفتح بوابة المؤسسة العسكرية لتخطيط طريق العبور وتسهيله. تُظهر نتائج خط سير القوى السياسية تشعبات جزئية لاتجمعها نقاط الاتفاق والحوارات القائمة المتعددة لم تتمخض عنها سوى الدخول في متاهات أكثر وأبعاد مشروطة، وتمدد الحوثيين في محافظات عدة ليس بخبرتهم الذاتية ولا قوتهم التي بنوها في زمن قصير، بل هي خطط فساد النظام السابق الذي بنى بقاءه على هذه القوة الموالية لشخصه ونظامه، أما خبرته السياسية فلم نجد في محتواها أدنى نقاط البناء الوطني والإنساني، وإنما خبرة الحفاظ على البقاء وإزاحة الخصوم أكانوا وطنيين أم غيرهم فيمن يقفون أمام مشاريعه وأهدافه . كل الممارسات التي يقوم بها الحوثيون هي الصفحة الأخيرة من كتاب الثورة وبإرادتهم، أرادوها أن تكون كذلك، صفحة أخيرة تتسق مع مفهومهم - إجهاض لمحاولة الاستقرار وتجاوز للقيم الإنسانية والوطنية. [email protected]