والمخلصة لوطن الثاني والعشرين من مايو 1990م هي التي تنال القبول الشعبي وتبلغ درجة الرضا والقناعة, لأنها تجسيد عملي لمفهوم الولاء الوطني الذي لا ينسجم مع التبعية بأي حال من الأحوال, وأمام هذه الحقيقة ذات البيان الواضح تقف الحوارات الوطنية بهيبة وإجلال لقدسية السيادة اليمنية وعظمة الوحدة الوطنية لتنسى كل الخلافات وتمحو آثارها الكارثية، وتصفي العقول والأذهان من رواسب الحقد والكراهية ومخلفات الأزمة الكارثية ليبدأ اليمنيون كافة بناء مرحلة جديدة من الحياة السياسية تقوم على الشراكة الوطنية الواسعة يكون الجميع تحت هيمنة وسيادة الدستور والقانون. إن الاستمرار في التمترس خلف الأحقاد الشخصية والأوهام المناطقية والقروية والمذهبية لن يزيد الشعب إلا نفوراً من القوى أو العناصر أو الأشخاص الذين يسيرون في هذا الاتجاه, ومن أجل ذلك ينبغي أن يدرك الجميع أن إخلاص النوايا والكف عن الأحقاد والضغائن ونبش الماضي وإحياء نار الفتنة هو البداية العملية لإعادة إعمار الدولة اليمنية الواحدة والقادرة والمقتدرة, وأن الاتجاه صوب الاعتماد على الذات وعدم الركون على الغير هو البداية التي تفتح الطريق صوب الإرادة الشعبية الواحدة والموحدة التي تنشد العزة والكرامة في ظل يمن واحد وموحد وقادر ومقتدر متحرر في قراره وإرادته, فاعل ومؤثر في العلاقات الدولية وقادر على إحداث التوازن في العلاقات الدولية ويرعى المصالح المشتركة للانسانية كافة. إن التفكير الأحادي والانفرادي لايعبّر عن البعد الاستراتيجي في بناء الدولة اليمنية بقدر مايعبّر عن الانزواء والعزلة وعدم القدرة على بناء الدولة اليمنية الفاعلة والمؤثرة في العلاقات الدولية التي تتسم سياساتها بالهدوء والعقلانية وتحترم ثوابت العلاقات الدولية وتستخدم لغة العقل والحكمة وقوة المنطق بعيداً عن استدعاء العداوات وجلب الأحقاد, لأن الإيمان بالتعاون والتبادل في مجال المنافع المشتركة والحفاظ على الأخوة الانسانية من الأمور التي تجعل العالم يكن الاحترام ويبادلنا الخير بالخير تحقيقاً لروح الأخوة الانسانية التي أكدها جوهر الإسلام الحنيف. إن التفكير الجماعي في البناء والإعمار بات اليوم من أولويات الحياة السياسية المستنيرة ويكفي خروجاً على ثوابت الوطن, لأن الإصرار على الاستبداد السياسي مهلكة, لأن فيه هيمنة واستعلاء وتعنت وصلف، واليمنيون لايقبلون بذلك مطلقاً والفرصة متاحة أمام كافة المكونات السياسية أن تعي الدرس وتعود إلى الرشد السياسي من أجل إنقاذ اليمن وإخراجه من الأزمات المتلاحقة بإذن الله.