أرق في تعز يطول بي الارق كحُمّى الوادي المتصدع، ها أنذا أتصدع كمدينة مهجورة، وأغتسل بخطيئتي لأنام. هدم كمن يهدم جبلاً ليبني كوخاً من القش، ذلك حال اليمنيين منذ اكتووا بكذبة الفأر. جحيم الموت الذي انتصر في عيد الوحدة الرابع؛ ليس عادياً كإخوته، كان قاتلاً متمرساً أكثر مما ينبغي، فتح الجحيم على مصراعيه دون أن يكترث. فأر الفأر الذي هدم سدهم .. هدم معبدهم أيضاً، فانقطعت علاقتهم بالسماء والأرض. هذيان تُثخن ذاكرتي بهذيانٍ نسويٍ صارخ، وأدخل أنوثتهن كعطرٍ خافت، لا يُبدي من زينتهن وأنوثتهن إلا القليل، ليتني حصا تجمهر في شغفهن، وأطال اختلاس النظر إلى أجسادهن الباعثة للحياة. تذكُّر أن نتذكرهم يعني أنهم منسيون، وأن ننساهم يعني أن لعبة الفجور السياسي أوشكت على الافول .. إنه القدر الذي اختاره الشهداء ليعيشوا بقية حياتهم بعد أرواحهم .. سلامٌ لأرواحنا التي تموت كل يوم. وحدة في تعز .. وحيداً كبئرٍ معطلة، ولا أستطيع أن أخمش قلبها بأصابعي المتشظيةٍ كنبوءتها المغتسلة بالعدم .. أظنها حتى اللحظة، فاقدةً للوعي، وغير قادرةٍ على تذَكُّر وجهي الذي تمرغ في شوارعها طويلاً. تخطٍ متخطياً أقدامي المطلة على أبدها الكسيح، أبحث عن مغارةٍ سكنتها فيها، قبل نهدين ونصف، وما زلت أدين لصاحبها بقصيدةٍ مؤجلة . إغراء تعز .. مدينةٌ تغريني الآن بنسيانها، سأتكئ على جبلها المطل على سُرَّتي، وأقفز إلى مدينةٍ أخرى، تُسقيني أنوثتها ونبيذها، بكأسٍ واحد. زيارة في الزيارة القادمة سأصطحب مدينة أخرى .. لأتمكن من البقاء فيها ليومين إضافيين. [email protected]