يظل الفعل المجرّم في العلاقات الإنسانية باعثاً على الفساد في الأرض ويدفع نحو الاستعلاء والاستكبار والعنصرية التي تلحق الضرر بالكيان الإنساني الذي ينال كلّية من مكارم الأخلاق ويحوّل المجتمع العالمي إلى مجرّد غابة فيها من الوحوش الضارية التي تأكل لحوم بعضها بعضاً، غابة لا يسود فيها سوى عنصر القوة الغاشمة التي تمحي أثر المبادئ والقيم الروحية وتقضي على المفاهيم الإنسانية. ولعل المشهد اليوم في اليمن يقدّم صورة للغوغائية والعبثية والفجور الذي لم يسبق له مثيل في استهداف الإنسانية والقضاء على مكارم الأخلاق وقيم الأخوّة والتسامح، فقد قدّم تحالف الشيطان الذي ينفذ الأجندة الصهيوأمريكية على قدسية التراب اليمني نموذجاً للاستعلاء والكبر والفجور الذي لن ينسى في تاريخ الإنسانية مهما كانت المعالجات التي يمكن اتخاذها فيما بعد، لأن الوحشية التي نالت من كرامة إنسان اليمن لا يمكن أن تمحى من ذاكرة الشعب اليمني الذي يرفض التدخل في الشؤون الداخلية للغير، وسيظل جرح الكرامة والإنسانية محطة للاستغلال الذي سينعكس على المنطقة بالدمار. إن الإمعان في الوحشية والتباهي باستخدام القوة على البسطاء من الناس الذين لا يمتلكون السلاح المضاد؛ لا يُعد بطولة ولا يمثّل رجولة ولا يقدّم سوى الخزي والعار الذي سيلاحق كل من وافقوا على تدمير اليمن تحت مظلّة العاصفة الإجرامية؛ لأن أنين الأطفال والنساء والشيوخ والفقراء الذي فقدوا أبسط مقوّمات الحياة التي تسد الرفق بسبب جنون أصحاب البذخ الذين لا يعرفون غير الإسراف في حياتهم حتى في قتل البسطاء من الناس في يمن الإيمان والحكمة إرضاءً لقوى الاستعباد والاستعلاء العنصري سيظل حيّاً في تاريخ الإنسانية ولن يزول مهما كانت المعالجات التي تغذّيها قوى الاستكبار العنصري والعدوان الهمجي. إن إنسان اليمن على مر التاريخ منذ قبل ثلاث آلاف قرن قبل ميلاد المسيح ينشد العدالة والتسامح وبناء الحضارة الإنسانية ولا يحمل حقداً على أحد مالم يتعرّض لكرامته وإنسانيته وأرضه وعرضه ودمه، لأن التعرُّض لكل ذلك فاجعة لا تزول من ذاكرته إلا باستعادة الكرامة ورد الاعتبار والعدل في القصاص الذي هو من جنس العمل. ومن أجل ذلك ندعو المغرّر بهم الذين ينفّذون عاصفة الإجرام إلى ضرورة الكف عن الوحشية والفجور لأنكم تقتلون أصلكم وعروبتكم وإسلامكم خدمة لعدو الإنسانية وليس أمام اليمنيين الأحرار إلا الوصول إلى يوم إعلان الوحدة العربية أملهم المنشود بإذن الله.