قد تنطلي بعض الأقاويل على البعض من البسطاء الذين لايهتمون بأكثر من احتياجات الحياة اليومية، ولكن تلك الأقاويل والادعاءات أياً كانت لايمكن أن تغادر التاريخ ولايمكن أن تُمحى من ذاكرة الشعوب الكلية على الاطلاق، ولذلك يجب أن تدرك القوى السياسية أنها في محل التداول السلبي والإيجابي وكما تدين تُدان، الأمر الذي ينبغي معه الحرص على عدم سن السنن السيئة، لأن من سنّ سُنة سيئة لاشك أن تلك السيئة سيكتوي بنارها ويلعق بهتانها من ابتدعها ولن يطول الوقت على انقلاب السحر على الساحر ،لأن مابُني على باطل يظل باطلاً لامحالة. لقد حذّرنا من ابتداع الأفعال المجرمة التي سببها الأقوال غير المسئولة وقلنا منذ بداية الأزمة إن الفجور في القول يولّد فجوراً في الفعل ،ولكن لم تكن بعض القوى السياسية تلقي بالاً للنصح واستمرأت الفجور في القول والفعل الذي كلّف النسيج الاجتماعي الكثير وكلّف الوطن ثمناً باهظاً نحتاج إلى عشرات الأعوام لإعادة تأهيله ووضعه في مكانه الصحيح، بل تسببت تلك السنن في انفلات زمام الأمور وسرت في جسد الوطن كما تسري النار في الهشيم، فاستفاق الوطن على جراح غائرة. إن ذلك الركام المأساوي قد أحدث شرخاً عميقاً في جسد الوطن يحتاج من العقلاء والحكماء والنبلاء في كل القوى السياسية إلى وقف تداعياته وردم فجوته الخطيرة، ولايتم ذلك إلا من خلال الكف عن الممارسات المخلة بالوحدة الوطنية وعدم الاعتداء على ثوابت الدين والوطن والإنسانية والاعتراف بحق الآخر في الحياة دون تمييز أو عنصرية والكف عن الممارسات المثيرة للفتنة والاعتداء على تاريخ الوطن وأهله والاتجاه نحو الاعتراف بالأخطاء والعمل على معالجتها بروح المسئولية الوطنية وعدم السماح بتكرار تلك الأخطاء ووضع حد لمن يمارسون النكاية بالوطن وإنجازاته وعدم السماح بطمس معالم التاريخ. لقد أصبح الشعب اليوم أكثر تحسّساً من أبسط الممارسات العدوانية ،ولذلك لا تجوز المجازفة بالنسيج الاجتماعي والسياسي من أجل إرضاء ضعفاء النفوس المصابين بجنون العظمة التي دمرت النسيج الاجتماعي ولاتدرك غير ذاتها المجنونة، ومن أجل ذلك نكرر دعواتنا للقوى الوطنية ولكل الخيرين والشرفاء لوقف تداعيات التدهور ومنع تكرار الأخطاء ومعالجة الآثار السلبية، لأن الفرصة مازالت متاحة لتذكّر أواصر القربى وإنهاء الشتات بإذن الله.