لم تكن “تعز”المدينة الحالمة وناسها الطيّبون تحمل في يوم ما مشروعاً طائفياً أو مناطقياً أو غيره، فقضيتها الأساسية هي الوطن. لطالما كانت تعز حضناً دافئاً لكل أبناء المحافظات الأخرى؛ لم يشعر القاطنون فيها بأي تمييز من سكانها الأصليين كما يحدث في بعض المحافظات الأخرى؛ ليس هناك من شيء يشغل أبناء تعز أكثر من حلمهم بالبحث عن وطن موحّد ومستقر ومسالم تسوده المواطنة المتساوية؛ لا فرق فيه بين تعزي أو عدني أو صنعاني أو ذماري أو شبواني أو أبي أو أبيني أو صعدي أو ضالعي أو...إلخ، وطن كبير يحكمه القانون فقط، لا الانتماءات المناطقية والقبلية المقيتة، هل هذا الحلم كثير عليها??... اليوم تدفع تعز ثمن أحلامها، الجميع يحمّلها مالا تطيق، والبعض يطالبها وآخرون يتهمونها.. لا بأس. فهذا هو قدرها الذي ستواجهه بمزيد من التسامح والمحبّة. هكذا هي الأخت الكبرى، يتوجّب عليها أن تقوم بكل الواجبات المنزلية، وعليها أيضاً إن تتحمّل مسؤولية أي فوضى أو عبث يحدثه الأطفال. تدرك تعز هذا الأمر جيداً، وعليها اليوم أن تتحمّل مسؤولية كونها البنت الكبرى لليمن؛ لكن ينبغي أيضاً أن يدرك أولئك الذين يتهمونها اليوم بالتخاذل والجبن والتآمر، إن هذه المحافظة حينما كان أبناؤها يقتلون بوحشية في الساحات لم تطالب أحداً بأكثر من الدعاء، وعندما أحرق شبابها في ساحة الحرية بتلك الوحشية لم توجّه أصابع الاتهام إلى المحافظات الجنوبية لمجرد أن أبرز منفّذي الجريمة كان ضابط الحرس الجمهوري “سند” المنتمي إلى محافظة أبين الذي قاد جنوده لاقتحام الساحة وقتل من فيها ثم كُوفئ بعد ذلك بترقيته إلى منصب رئيس العمليات في قوات الاحتياط أو ما كان يُعرف سابقاً ب«الحرس الجمهوري». اليوم تهدّد مليشيات الحوثي العفاشية بإحراق تعز؛ لأن أبناءها يرفضون الجرائم النازية التي تحدث في عدن، وفي المقابل يتوعّد بعض المتعصّبين هناك أبناء تعز بالويل والثبور، فقط لأنهم لم يحملوا السلاح في وجه الميلشيات التي أشعلت الحرائق في كل مكان..!!. ستظل تعز هي الأكثر صدقاً ونبلاً والأكثر قدرة على التضحية والأكثر جدارة بالحياة.