العداء العقائدي والتاريخي الذي نحمله نحن العرب لدولة إسرائيل لم يقابل بالفعل بقدر القول. إسرائيل تغرس أنيابها في قلب العالم العربي، وتستوطن بأريحية مطلقة ، وتتوسع مساحةً، وتسجل زمن تاريخها المسيطر في جسدنا بقوة أظافرها الحديدية. وانزلاق بعض الدول الخارجية والعربية في التواطؤ والدعم للجانب المعتدي.. تغييب وتعد صارخ لحقنا العربي، وإعانة لإسرائيل في فرض وجودها المتطفل في كياننا العربي. نحن نعلم أن تاريخ العداء ليس بأيدينا ولا بأيديهم لإزالته وجودياً، فهو يُعد أحد أسباب الوجود العدائي الكوني، ولكن بأيدينا استعادة حقنا وفرض وجودنا المستحق. في نشوب الحرب العربية الإسرائيلية وبما تحمله الحرب من كل الخطوات والوسائل والتبعات رجحت كفة إسرائيل ليس بما تمتلكه من سلاح متقدم، وثروة هائلة مبذولة ، ودعم متعدد الأوجه، وليس رجحان كفتها بما تمتلكه وافتقاده لدينا، فالسلاح الأقوى الذي انتصرت به إسرائيل هو السلاح العربي ونقصد به التفكك والاختلاف والعداء الداخلي العربي العربي، وزرع مكونات داخل الدولة الواحدة لتلفت النظر عن القضية الجوهرية للعرب إلى ظاهرة الجزء المحدث. في ظاهرة ملفتة للغاية أنّ بعض الدول العربية صبت جم غضبها تجاه الدول العربية الأخرى التي وقفت ضد إسرائيل وانتصرت عليها فعلياً، والخوف الإسرائيلي منها ومن وجود قوة حقيقية وحيادية للجيش الوطني فيها، وإيمان معتقد بإسرائيل كعدو. حشدت تلك الدول الساخطة ثروتها في دعم ذلك العدوان وفي محاولة تفكيك قوة دولة عربية شقيقة ( سوريا ) مثلا، وإثارة ظاهرة لمكمن الفوضى والإرهاب في ( مصر )، والضرب على وتر الطائفية والمذهبية الدينية والسياسية في ( العراق)، بل والأدهى من ذلك أن تجعل أرضها بيئة اقتصادية للاستثمار الإسرائيلي والدعم الاقتصادي وغيره وكأنها احدى المقاطعات الإسرائيلية، وتكثيف إعلامها ضدها «أي ضد الدول العربية» دون المساس بالرفيق المشترك في الاقتصاد ( إسرائيل )، والعلاقة قد تكون أعظم مما يبدو. لو افترضنا كما تفترض هذه الدول الساخطة أنه لاوجود لدول الممانعة أو العداء الفعلي لإسرائيل، وأن هذا إعلام بحت، وتضخيم بالوني فلا نستطيع أن نلغي حقيقة وجود معركة فعلية في الانتصار على إسرائيل «كحرب أكتوبر 73م » ومن هم أطرافها المنتصرون على إسرائيل؟ وأين محل الدول الساخطة ( دول الثروة منها ) ؟ وكذلك دور الدول المنتصرة المؤكد في دعم المقاومة أياً كانت ضد الوجود والتمدد الإسرائيلي. دول الممانعة يجعلها ولو مرة « دول ممانعة ومقاومة» فهل يمكن لدول الثروة باختلاف مسمياتها ولو مرة واحدة أن تكون نصف ممانعة ؟