نعيش هذه الايام الذكرى السابعة والثلاثين لحرب تشرين الاول (اكتوبر) التي حققت خلالها الجيوش العربية، المصرية والسورية، انتصارا عسكريا كبيرا على الدولة الاسرائيلية لم ينجح السياسيون خاصة في مصر السادات، في ترجمته الى انتصار سياسي للعرب جميعا الذين شاركوا، كل حسب دوره وامكانياته، في هذه الحرب. الرئيس المصري انور السادات تسرع في ايقاف الحرب، مثلما تسرع في الاقدام على مقامرته السياسية المتمثلة في زيارة القدسالمحتلة ومخاطبة الكنيست الاسرائيلي، ودون اي تنسيق حقيقي مع السوريين شركائه في الحرب والنصر، وادى غياب التنسيق هذا الى شق الصف العربي، وعزلة مصر بعد ذلك. بالامس نزل الى الاسواق الاسرائيلية كتاب من تأليف المؤرخ الاسرائيلي افنير كوهين كشف عن انهيار موشي دايان وزير الدفاع الاسرائيلي في حينها، لوصوله الى قناعة راسخة بان الدولة العبرية في طريقها الى الزوال، الامر الذي دفعه للتفكير، حسب الكتاب المعتمد على شهادة البروفيسور يوفال نئمان الخبير في الشؤون النووية الاسرائيلية باستخدام اسلحة نووية ضد سورية ومصر. انهيار دايان ليس بالخبر الجديد، فالقوات المسلحة المصرية والسورية فاجأت نظيرتها الاسرائيلية، واظهرت كفاءة عالية في التخطيط والتنفيذ، ولو واصلت القوات المصرية بالذات تقدمها في صحراء سيناء لما بعد الممرات لاختلف الوضع كليا، فقد دب الذعر بالوحدات العسكرية واستسلم المئات من افرادها، وشاهدنا صورهم كأسرى في حينها كما ان الكشف عن دعوة دايان لاجتماع لمجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر لمناقشة استخدام السلاح النووي ليس جديدا ايضا، فهذا الاجتماع لم يعقد، ولكن الجديد هو الكشف عن هذا الامر في مثل هذا التوقيت بالذات الذي تتصاعد فيه التهديدات الامريكية والاسرائيلية ضد ايران وسورية. لسنا من اتباع النظرية التآمرية، ولكن لا نستغرب ان يكون توقيت انزال هذا الكتاب الى الاسواق اختير بعناية فائقة، وكجزء من الحرب النفسية التي يتصاعد اوارها يوما بعد يوم ضد محور الممانعة بالتلويح بالخيار النووي في حال تعرض اسرائيل للهزيمة. واذا افترضنا ان ما ورد فيه صحيح، وان اسرائيل جهزت اسلحتها النووية لضرب سورية ومصر اثناء حرب تشرين الاول (اكتوبر)، فان هذا يضفي الكثير من الشرعية على رغبة ايران او اي دولة عربية اخرى، في امتلاك اسلحة نووية للدفاع عن نفسها، او كقوة ردع في مواجهة التهديدات والاخطار النووية الاسرائيلية. هذا الكتاب يؤكد مرة اخرى ان الخطر الوجودي الحقيقي على دول المنطقة وشعوبها يتمثل في امتلاك اسرائيل اسلحة نووية، ويدحض كل التبريرات التي تقول بان اسرائيل، كدولة ديمقراطية، لا يمكن ان تلجأ الى استخدام هذه الاسلحة تحت اي ظرف من الظروف. المأمول ان يطلع صناع القرار في واشنطن والعواصم الغربية الاخرى على المعلومات الواردة في هذا الكتاب التي تؤكد امتلاك اسرائيل اسلحة نووية اولا، ووجود نوايا حقيقية لدى قياداتها لاستخدام هذه الاسلحة في اي لحظة يمكن ان تواجه فيه اي تهديد عسكري حتى لو كان في اطار حرب محدودة، مثلما كانت عليه الحال في حرب تشرين الاول (اكتوبر) عام 1973. عن القدس العربي