نُقطة التلاقي بين طرفي الحرب من اليمنيين في الداخل والخارج تكمن في إنحيازهم للأشخاص والانتماء لمذاهب الدين والسياسةأكثرمن ولاءهم للثوابت الوطنية المتخففة من الاختلافات المذهبية والسياسية. كان "هادي"سيفاجئ حتى خصومه إذا ماأعلن عن قبوله خارطةولدالشيخ المتفق عليهامن غالب الدول الرُباعية "أميركا، بريطانيا،الإمارات " مع موافقة خجولة للسعودية مصحوبة بتحفظات متعلقة بحماية حدودها وأمنها القومي ..أو أضعف السياسة كان سيحيلها لوفده المفاوض لإبداء ملاحظاتهم عليها تأكيداً لتجرده من المصالح ،وعدم تشبثه هو ونائبه بالبقاءعلى رأس سُلطةمغتربة صاروجودهم فيهابعدمُضي19شهراًمن الحرب مجرد حبرعلى ورق هدفه الإقتيات من دماء وجثث اليمنيين .. في الأخيرستتخذ السعودية بهم أوبغيرهم ،القرارالذي تراه في مصلحتها.. فالضيف - في العرف اليمني- على رأي المُضيف . لنأخذ في الحسبان عجزدولة"هادي"عن تكوين جيش وطني يفترض أن يأتمرلسلسلة منتظمة من الآوامرالعسكريةويعمل وفق استراتيجية محددة وخطط واضحةالرؤية.. بدلالة تسليمه مدن مهمة لمليشيات وكتائب مُتشددة دينياً تتلقى توجيهاتهامن أمراء وقادة لهم مرجعيات متعددة واختلافات فيما بينهم تصل حدالإقتتال ..ويتلقون تمويلات من مصادر تتعدى السعودية والإمارات كدولتين إلى جماعات وجمعيات واجهزة استخباراتية تسعى لفرض أجنداتها لتحويل الحرب إلى طائفية على غرار ماحدث ويجري في العراق والشام . وبعدما كانت مُدن مثل "تعز وعدن وحضرموت "تتميز بالثقافة والمدنية والديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية وإفساح المجال أمام خروج المرأة للعلم والعمل ، طغى عليها منذ عام ونيف المذهب السلفي بتشدده وتزمته وأحياناً تكفيره لكل ماله علاقة بالتحديث والدولة المدنية ، وبدعم صار معلناً من دولة هادي وقوات التحالف وتغاضي ،بغرض الأستخدام، من أحزب المشترك غيرآبهين بمخاطرذلك عليهم وعلى مدنية أحزابهم فالمهم في نظرهم الآن هو القضاء على "صالح"وحلفاءه كغاية تُسوغ لهم الاستعانة بالمتشددين الذين يرفعون سيف التكفير فوق أعناق من ليس معهم ،وبعدها "ما بدى بدينا عليه" وإذا اختلفوا مع واحدة منها سرعان ما يُحيلون تبعيتها للمخلوع الذي خلعهم جميعاً قبل أن تخلع هذه الحرب قلوب الجميع .. والمدهش أيضاً تلكؤ طرف صنعاء في الموافقة على خارطة"ولدالشيخ"وثمة من يعيد ذلك لأنها تنص على ضرورة تسليمهم الأسلحة للجنة يعينها هادي وانسحابهم من بعض المدن"صنعاء،تعز،الحديدة"ولأنها ستمنحهم سلطة أقل كثيراً مماهم عليهاالآن. هذه الخارطة التوافقية ، شئناأم أبينا، هي أفضل مايمكن الحصول عليه بالنظر لفترة الحرب ، وما أحدثته في الجسد اليمني والنفسية الوطنية من شروخات وإنقسامات كان من المستحيل التنبؤ بحصولها قبل تفعيل وتعبئة الشريحة الطائفية الكفيلة بتطويل أمدالصراع. أمّاتذرع هادي ومستشاريه بأنّ هذه الخارطة تسمح بالاعتراف بالحوثيين وصالح .. وإصرارهم على تطبيق القرارالأممي "2216"بصيغته الحادة فليس سوى إستغفال وتأجيج لعواطف من دأبواعلى ذَرالرماد في عيونهم، فتسهل قيادتهم ليكونوا وقوداً لهذه الحرب ، التي أثبتت الأيام أنّ لا جدوى من استمرارهاغيرمنحهم الثروة والنفوذ دونما جُهد. صالح والحوثيون منحتهم الحرب المزيد من القوة والصلابة ، ومسألة الإعتراف بهم قد حسمت قبل عام بقبولهم التفاوض معهم، وفقاً لتراتبية مخالفة للقرارالأممي إلاّ إذا كانوا يظنون أنهم كانواسيحكمون عليهم بالإعدام ويقنعونهم بتطبيق الحكم على أنفسهم بأيديهم، فذلك لعمري أمر عجيب. ولاننسى أنّ صدور القرار"2216"كان في مطلع الحرب، التي أطلق عليها "عاصفة الحزم" للدلالة على الحسم السريع ، وفِي أوج اقتناع الكثيرين ، وفيهم مستشارون أميركان بأنها ستنتهي لصالح السعودية في غضون أيام، ما يعني أنّ أمر تطبيقه كان متروكاً لعاصفة السعودية التي فشلت وغيرت إسمها بعد أسابيع مقترضة من الصومال أملاً بالعودة لم يتحقق لها طيلة ربع قرن . الخارطة ببنودها الحالية تنص على تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الجميع يرأسها شخص يتوافقون عليه يُعٓينه نائب الرئيس المتوافق عليه أيضاً بعد أنْ يصدر به قرار من الرئيس هادي ويمنحه صلاحياته لحين انتخاب رئيس جديد وإجراء الأستفتاء على الدستور في مُدة أقصاها عام .. ولن نجد مُستقبلاً صيغة أفضل من هذه تنقل الحرب من استخدام الصواريخ والقذائف إلى الاحتكام لصناديق الإنتخابات، وتُنفذالبنودالجوهريةل "2216"، وتقضي على مابدأ يتكون من صراع طائفي، بتطبيق قانون العدالة الإنتقالية وتخرج هادي من السلطة بسلاسة وكرامة ، على قاعدة المبادرة الخليجية ، كما ويدخل منها اليمنيون أجمعهم إلى السلام ، ويخرج بموجبها المتسلطون الحاليون بما لا يوغرالصدورمُستقبلاً .. خاصة إذاما التزم الجميع بإجراء الانتخابات في الموعدالمقررلها بدون اختلاق معاذيرتسمح بتمديدها،كما حصل في المبادرة الخليجية التي كمن الشيطان لهادي في تفاصيلها . هذه الخارطة هي الحل الأنسب ، لأنّه حتى لو انتصر طرف السعودية، عن طريق إضافة سلاح التجويع للأسلحة المستخدمة كما باتوا يتصورون، فسيخلق ذلك احتقانات من السهل تفجيرها مستقبلاً للانتقام ، ناهيك عن أنً ذلك سيفكك أطراف التحالفات الذين جمعتهم طبول الحرب على خصومهم فيعودون لما كانوا عليه من تشتت وتنازع يفضي إلى دورة عُنف جديدة وحرب أهلية أخرى بتحالفات قد لاتخطر على بال!