أظهرت دراسة ميدانية شملت سبع وزارات وخمس جهات حكومية كبيرة أن نسبة ممارسة الفساد الإداري في الوظيفة العامة في تلك الجهات بلغت 5ر42 بالمائة وأن 57 بالمائة من الموظفين يلتزمون بممارسة أخلاقيات الوظيفة العامة في الجهاز الإداري للدولة. وبناء على المؤشرات التي تم التوصل إليها،لاحظت الدراسة وجود علاقة عكسية بين أخلاقيات الوظيفة العامة والفساد الإداري وأن النزاهة والعدالة اقل الأخلاقيات الممارسه في الوظيفة العامة في حين أن الوساطة والمحسوبية أكثر محاور الفساد الإداري ممارسة. وحللت الدراسة مستوى الفساد الإداري بناء على ثمانية محاور،حيث حل محور ممارسة الوساطة في المرتبة الأولى بنسبة 3ر56 بالمائة ، يليها المحسوبية 51 بالمائة ، الابتزاز 8ر44 بالمائة ، العمولة 3ر41 بالمائة ، الاختلاس 5ر40 بالمائة ، استنفاد موارد الدولة 3ر40 بالمائة ، ممارسة الرشوة 5ر36 بالمائة وفي المرتبة الأخيرة التزوير بنسبة 29 بالمائة. في حين تم قياس مستوى ممارسة الموظفين لأخلاقيات الوظيفة العامة بناء على تسعة محاور حلت الأمانة في المرتبة الأولى بنسبة 5ر70 بالمائة ، المسئولية3ر67 بالمائة ، الالتزام بالعمل 8ر66 بالمائة ، خدمة الآخرين 62 بالمائة ، الولاء المؤسسي 8ر61 بالمائة ، الصدق 5ر57 بالمائة ، الحفاظ على الممتلكات العامة 5ر54 بالمائة ، العدالة 5ر50 بالمائة، النزاهة 8ر42 بالمائة. وهدفت الدراسة التي أعدها المعهد الوطني للعلوم الإدارية والموسومة تحت عنوان " أثر أخلاقيات الوظيفة العامة في الحد من الفساد الإداري" إلى معرفة واقع أخلاقيات الوظيفة العامة ومدى تطبيقها من قبل الموظف العام أثناء تأديته لعمله وأثر الالتزام بتلك الأخلاقيات في الحد من الفساد الإداري والكشف عن مدى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين الموظفين في مدى الالتزام بها بناء على العمر ، الجنس ، حجم الأسرة ، المستوى الإداري ، مدة الخدمة وجهة العمل. وأظهرت أن الذكور أكثر فساداً وأقل التزاما بأخلاقيات الوظيفة العامة من الإناث على مستوى جميع محاور الفساد الإداري التي شملتها الدارسة. واستنتجت الدراسة وجود علاقة عكسية ضعيفة بين مستوى ممارسة أخلاقيات الوظيفة العامة وكل من الراتب الشهري والمؤهل الدراسي..غير أن هناك علاقة عكسية قوية بين الفساد الإداري وكل من العمل والراتب الشهري والمؤهل الدراسي وسنوات الخبرة. ورغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمكافحة الفساد والحد منه ، إلا أن هذه الإجراءات لم تتمكن من القضاء على الفساد. وأرجعت الدراسة ذلك إلى ضعف فعاليتها وافتقارها للآليات والإجراءات المناسبة والشروط الضرورية لدعمها. وفيما يقود إنتشار الفساد الإداري إلى إضرار إدارية واقتصادية وسياسية واجتماعية..أشارت الدراسة إلى أن القضاء عليه يتطلب وضع إستراتيجية متكاملة لمكافحة الفساد وربطها بالإجراءات والآليات المناسبة والفاعلة والمحققة لتنفيذها. واختتمت الدراسة بتقديم عدد من التوصيات التي من شأنها كما يرى معدوها تطوير مستوى الالتزام بممارسة الأخلاقيات العامة للوظيفة والحد من الفساد الإداري. ومن أهم تلك التوصيات العمل على تعزيز القيم الأخلاقية التي حققت أعلى نسب في مقياس الأخلاقيات وهي الأمانة ، المسئولية ، خدمة الآخرين والالتزام بالعمل ، وإعطاء .الأولوية لمحاربة الفساد الإداري التي حققت أعلى نسب وهي الوساطة ، المحسوبية والابتزاز. وشددت التوصيات على ضرورة إيلاء جهات مكافحة الفساد في الدولة الأولوية لمحاربة مكونات الفساد الإداري التي حققت أعلى المقاييس والتي تبدأ بمحاربة الوساطة والمحسوبية من خلال التركيز على مراقبتها. إضافة إلى تفعيل الرقابة البرلمانية والقضائية على إعمال الإدارة العامة وآلياتها وتفعيل آليات المسائلة والمحاسبة و مراجعة القوانين والأنظمة اللائحية والإدارية وتوضيح الغموض الذي يعيق تطبيقها وتفعيلها من خلال أساليب لتطبيق قواعدها وإجراءاتها وما تتضمنه من جزاءات. وكذا قيام كافة الأجهزة الحكومية بعمل ورش عمل وندوات يشارك فيها الموظفين بكافة مستوياتهم ، يتم التركيز فيها على تعزيز القيم الأخلاقية التي حصلت على أعلى القيم في هذه الدراسة وتنمية القيم الأخلاقية التي حصلت على اقل النسب بحسب الأولوية. وأكد الباحثون ضرورة قيام كافة الأجهزة الحكومية بعمل دورات توعية بأخلاقيات الوظيفة العامة لجميع العاملين وتنفيذ دورات لتوعيتهم بمخاطر وأضرار الفساد الإداري بكل مكوناته و إجراء المعالجات القانونية وتطبيق العقوبات التي تؤدي إلى الحد منه. وركزت التوصيات على ضرورة تطبيق مبدأ الثواب لجميع الموظفين الملتزمين بأخلاقيات الوظيفة واستحداث نضام توصيف علمي للوظائف وترسيخ معايير موضوعية وعلمية واختيار القيادات الإدارية وفق الكفاءة والجودة المطلوبة..بالإضافة إلى وضع سياسة للأجور تحقق التناسب العقلاني مع المستوى المعيشي والالتزام بمعايير عادلة في توزيع الحوافز والترقيات. وكذا العمل على ترسيخ القيم والمفاهيم الاجتماعية الجيدة والعمل بجدية على التوعية بأهمية وفوائد الالتزام بأخلاقيات الوظيفة العامة ومخاطر الفساد و تعزيز مشاركة منظمات المجتمع المدني والمشاركة الشعبية في مكافحة الفساد ووضع سياسة تدريبية وفقا للاحتياجات المخططة والنوعية لتعزيز السلوك والاتجاهات الخيرة وإدارة التدريب باعتباره منظومة متكاملة . يشار إلى أن حجم عينة الدارسة بلغ 3 ألاف موظف ينتسبون إلى سبع وزارات هي التربية ، الصحة ، الخدمة المدنية ، المالية ، الإدارة المحلية ، الأوقاف ، التعليم العالي ، بالإضافة إلى مؤسسة الاتصالات والكهرباء والضرائب المعهد الوطني للعلوم الإدارية وجهاز الرقابة والمحاسبة . وتتوزع مقار العينة على ست محافظات هي أمانة العاصمة ، عدن ، تعز ، حضرموت ، إب ، الحديدة،وتتراوح نسبة الذكور 80 بالمائة من المبحوثين ، مثل منهم بدرجة موظف في الأقسام والإدارات في الجهات الحكومية المشملوة بالدراسة النسبة الأكبر بمقدار 1ر59 بالمائة يليهم رؤساء الأقسام ب 26 بالمائة وبقية النسبة لمن هم بدرجة مدير إدارة ومدير عام.