- د.ياسين عبدالعليم القباطي .. يادحباشي .. يادحباشي .. يادحباشي ....... كان النداء عالياً مستمراً وبإصرار، وكما يحس المخاطبون من مخاطب مجهول التفت إلى الصوت المرتفع فوق ضجيج الزحام في شارع الحلي والقرمش والفل والكاذي ، الشارع المزدحم بالناس ، بالباعة ، بالزبالة والبخور ، شارع المتناقضات ، الشارع الوحيد المبخر بالعود والعنبر، الشارع الوحيد الذي يشطر مدينة العطر الحوطة ، عاصمة المحافظة التي أنتمي إليها .. محافظة لحج.وهاهو أحد الظرفاء من أبناء محافظتي يناديني بإصرار يادحباشي .. لماذا ؟ لماذا يناديني دحباشي ؟ أنا ماشي بهدوء في نفس اتجاه السير ، لم أخالف المرور .. لم أضايق الآخرين .. لم استولِ على حق المشاة والسيارات العابرة في الاتجاه المعاكس .. لم أسرع .. لا استخدم آلة التنبيه المزعجة .. لم أركن سيارتي وسط الشارع لأشتري بسرعة سجائر من الدكان غير كلف بطابور السيارات خلفي، لم أرم ِعلباً فارغة، وبقايا القات في الشارع رغم وساخته .. إذاً لماذا يناديني هذا الشاب دحباشي لماذا ؟ تلفتُّ خارجي ، داخلي .. فتّشت في ثنايا ملابسي ، لا أفهمك أيها الشاب .. لماذا تناديني دحباشي ؟ فكرت كثيراً لماذا ؟آه عرفت ، رقم سيارتي ، نعم إنه رقم سيارتي يبدأ بأربعة ، إنه صادر من مدينة تعز ، فلهذا أنا في نظر أمثاله (دحباشي) .. الله يسامحك يا آدم سيف !! قصّرت في إفهامهم !! كان يمكن أن تصيغ صفات شخصيتك التي خلقتها عبقرية الفنان ، كان يمكن أن تعيد وتزيد لتجعلهم يفهمون : إن دحباش ليس الشخص الأهبل ، ولكنه الشخصية المستهبلة.الوحيد في عدن الذي فهمك يا آدم هو الدكتور/ وجدي مغارف ،الذي تضايق عندما ناداني أحدهم وكان فمه محشياً بأوراق التنبل الذي يسيل لعابه الأحمر من جانبي فمه ، الذي لا يمكن أن يغلق يا دحباشي ، فقال وجدي (يا ياسين شوف كلهم هكذا يعتدون على المال العام على الزمان والمكان ، يسرقون حياتنا ، مستقبلنا ، آمال أطفالنا، يستولون على الطريق ، على المال العام ، ينهبون الزمان والمكان ، ينغصون وحدتنا .. حبنا للوطن ، للحياة .. الدحابشة ليس لهم مكان ، دحابشة من عدن من لحج من أبين من تعز من صنعاء من حضرموت من كل مكان ، الدحبشة سلوك يا ياسين ، وليست وطناً).