- العمل الفدائي كبّد البريطانيين الخسائر الفادحة وأجبرهم على التفاوض للانسحاب من جنوب اليمن - عدن اليوم تنعم بخيرات الثورة والوحدة ونتطلع لماهو أجمل وأفضل - التقاه / فهيم هاشم العبسي .. منذ صباه وهو يتوق إلى دور نضالي يرفع الرأس ويسر الخاطر ..كان همه الأكبر قتال المستعمر الغاشم بشتى الصور والوسائل الممكنة..اشترك في تنفيذ العديد من العمليات الفدائية أيام الكفاح المسلح وعقب الاستقلال تم تعيينه كأول محافظ لمحافظة عدن..إنه المناضل الكبير الأستاذ أبوبكر شفيق الذي كان له مع «الجمهورية» هذا اللقاء الهام. - البدايات الأولى كيف كانت البدايات الأولى لعملكم النضالي؟ البداية كانت بالنسبة لنا هي القضية الوطنية وتعلقنا بهموم الوطن أخذت حيزاً كبير من اهتمامنا وفكرنا وتركيزنا منذ أن كنا طلاباً في مدرسة بازرعة في أواخر الأربعينيات والتي قلت عنها في احدى كتاباتي للجامعة أن مدرسة بازرعة كانت بمثابة قلعة تربوية وطنية تخرج منها آلالاف من الشباب والمناضلين الذين شاركوا في الكثير من الفعاليات والاهتمامات الوطنية سواءً في حركة الأحرار اليمنيين أم فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية من الزعماء الفلسطينيين الذين كانوا في مدرسة بازرعة.فكانت القضية الوطنية في ذلك الحين تتصدر اهتماماتنا وتفاعلاتنا الوطنية رغم أننا لم نتجاوز سن المراهقة فكنا نفكر في القيام بعمليات تشبه الجنون أو الطفولة وكانت في نظرنا كأنها واجب وطني في حين كنا نقوم بجمع المال من الطلاب خلال الاستراحة المدرسية ونشتري بها سلاحاً ونقوم بعمليات مسلحة ضد قوات الاحتلال حتى أن المواقف الدينية كان لها تأثير كبير في الهاب مشاعر المواطنين بمافيها خطبه الجمعة التي كان لها أثر كبير في خروجنا مع مجموعة كبيرة من الشباب والقيام بهجوم على أفراد القوات البريطانية وقد تعرضت للاعتقال بسبب ذلك الهجوم ولكن سرعان ماتم اطلاق سراحي بسبب صغر سني.وفي أواخر الخمسينيات وصلت أعداد كبيرة من المتفجرات إلى مجموعة من الوطنيين الذي قاموا بعمليات فدائية في مواقع للخمارات التي كان يرتادها البريطانيون في المعلا.بعدها بدأنا نفكر في تكوين تنظيم يلبى طموحاتنا الوطنية فتم ذلك من دعمنا الخاص وجهودنا الذاتية ايضاً حيث قمنا بتوفير المواد الناسفة والصواعق والفتائل والأغلفة الخاصة بهذه المواد وقمنا بعمليات عسكرية فدائية متعددة وكانت الجرأة في عمليات نموذجية وبمنتهى الجرأة والتنظيم.وحتى لاينكشف التنظيم قمنا بتسميته عدة تسميات منها التنظيم الناصري وهو الإسم الصحيح واحياناً نتستر وراء أسماء أخرى حتى نتمكن من توزيع المنشورات بعد كل عملية وذلك لتتويه المخابرات البريطانية وفي حالة تم القبض على أحد من أفراد المجموعة لا تتم محاكمته على كل العمليات التي تمت وانما تنحصر محاكمته على ذلك المنشور أو آخر عملية فقط فكان من ضمن تسميات التنظيم «منظمة الشباب العربي ومنظمة الطليعة العربية الإسلامية».كان أفراد التنظيم يقومون بعملية توزيع المنشورات حيث كانت لدينا آلة نسخ «الاستنسل» على متن السيارة وكلما نفدت كمية من المنشورات نقف على حافة الطريق ونقوم بعملية نسخ منشورات جديدة إلى أن تصل إلى محافظة لحج وإلى مدينة البريقة وكان لهذه المنشورات تأثير كبير من حيث ماتحمله من معلومات مناهضة للاحتلال البريطاني. - فلفل على الجرح ماهي أبرز العمليات الفدائية التي اسهمتم في تنفيذها؟ هناك الكثير من العمليات الفدائية التي نفذت في فترات متقطعة أبرزها عملية اسمها فلفل على الجرح وهي تلخيص شديد لطبيعة قمة الصلف والاستهتار والاستخفاف الذي تمادت فيه طوائف الهندوك والفرس الزرادت والجوامتيز «الهنود المسيحيين» والتي بلغت ذروتها عندما قرروا واعلنوا في صحيفتهم الناطقة بالانجليزية أن من حقهم الترشيح والانتخاب ومن حقهم ايضاً المشاركة في التخطيط لمستقبل عدن السياسي والمصيري كل ذلك دون مراعاة واحترام المشاعر الوطنية والقومية والإسلامية لشعب يتوق للانعتاق من الاستعمار البريطاني وما ألحقه بالشعب في كافة المجالات باستثناء مايتوافق مع ديناميكية العمل الوظيفي والعمالي والخدمات واضفاء مسحة تجميل وديكور باهته عند مقارنة الحالة في عدن مع حالة القرى البدائية والفقيرة والمعدمة التي تحيط بها وتلك الجراح الغائرة والمفتوحة في قلب وصدر عدن والتي كانت بحاجة إلى البلسم الشافي والمعالجات الفذة والمتميزة.واذا بتلك الطوائف الأجنبية تدخل من جانبها على الخط وتأتي بطموحاتها المفرطة والاستفزازية لتصبها ملحاً وفلفلاً على الجروح التي كانت الدماء تغلي في عروق الوطنيين، كان ذلك التحرك أو التطفل أشبه ب «ودافه يهودي إلى حفرة».وفي احد اجتماعاتهم برئاسة وزير الأشغال الهندوكي جوشي بمنزله على شاطئ صيرة قمت بمهاجمة المجتمعين بقنبلة يدوية محلية الصنع ومسدس عيار 9 مم بمشاركة مجموعة من الزملاء المناضلين وهم الأخوة/أحمد هبة الله علي والمرحومين/ عبدالرحمن فارع ومحمد علي حيدر وعلي بن الشيخ سعيد العراقي.فعند تنفيذ العملية كان في حديقة منزل جوشي فرع لشجرة كبيرة حيث اصطدمت به القنبلة فلم تصل إلى مرماها مماتسبب ذلك في اصابتي بشظايا.. أما قوة الانفجار والموجة الانفجارية للقنبلة فقد أدت إلى تحطم الكثير من زجاج النوافذ والمكونات الزجاجية في عدد من الفلل والعمارات القريبة والبعيدة من منزل جوشي ونشرت صحيفة «فتاة الجزيرة» خبر الحادث تحت عنوان «قنبلة جوشي واحد من مليون» موضحة أن تعرض جوشي والمجتمعين لقنبلة بتلك القوة وإلى اطلاق نار يؤدي حتماً إلى هلاك مؤكد وأن النجاة من مثل هذه الحالات هي نادرة الوقوع وأن نسبتها هي واحدة من كل مليون. - العملية الثانية أما العملية الثانية فكانت في بوابة جبل حديد حيث كان الطريق الوحيد الذي يفصل بين المعلا وخور مكسر وكان طريقاً ضيقاً وقريباً من بوابة جبل حديد والبقية عبارة عن بحر وميناء إنزال عسكري بحري تستخدمه القوات البريطانية لإنزال المعدات العسكرية إلى جبل حديد وكان الهدف هو ضرب إحدى القطع البحرية بعبوة ناسفة.فكنا نشكل خليتين خلية استطلاعية وخلية دفاعية وعند وصولنا إلى موقع التنفيذ انتظرنا حتى يقوم الحارس بإكمال مشواره التراجعي بعيداً عن موقع القارب في حالة الاياب والعودة إلى بقية مواقع المرفأ فقمنا بإنزال الشهيد/خالد عبدالله قاسم الذي كان له شرف القيام بالعملية حيث تم انزاله مع العبوة تحت القارب وانسحب بعد التأكد من عدم مرور دوريات أو تحركات من وإلى المعسكرات المنتشرة في تلك المنطقة وزحف الشهيد خالد بالعبوة.ووضعها تحت القارب وانسحب وكان صوت الحارس يتردد من بعيد بالأهازيج وربما مر على أهزوجة «بالله ياطالع البيضاء بلغ سلامي على أمهيله ألا وقل لها النوم ماجاني» وأصبحت مكروف على أم سيلة» بعدها توجهنا جميعاً إلى قرن أبو عيون وهو منعطف سابق قريب من مبنى محكمة صيرة في الطريق البحري انتظاراً لسماع انفجار العبوة كدلالة على نجاح العملية ونحن نعد الثواني والدقائق وعند اقتراب عقرب الساعة من الساعة 12 في منتصف الليل في شهر رمضان وتواصل العقرب مع سلك التيار الكهربائي الموصل بين البطارية وسلك تفجير الصاعق المفجر لمواد الديناميت في تلك اللحظات طغت قوة الانفجار الذي هز الأرض من تحت أقدامنا على صوت الموجة الانفجارية الذي وصل إلى مسامعنا فيما بعد بعدة ثوان..فوثب بعضنا على بعض عناقاً وقهقهة ودموعاً وعلمنا في اليوم التالي أن القارب قد تحول إلى كتلة محترقة من هشيم وإلى جزيئات متناثرة على مساحة واسعة.كما علمنا من العناصر المرتبطة أو المحتكة بالمستوزرين والرموز المقربة من سلطات الاحتلال البريطاني أن خبراء المتفجرات الذين تفحصوا أسباب ونوع الانفجار أكدوا أن العبوة هي من صنع محلي واستخدمت فيها بطارية ساعة يد وأن الغلاف الخارجي الذي عبئت به المادة الناسفة كان من توصيلات أو موزع للمواسير المعدنية المستخدمة للمجاري وغيرها واضافوا أن الحالات تنذر بخطورة وبمتاعب وأن ذلك يعني أن الخطورة تكمن في وجود خبرة لتصنيع هذه العبوات ولو كان الأمر مقتصراً على عبوات أو متفجرات تقليدية مصنعة خارجياً لامكن مضاعفة اليقظة والجهود للتفتيش في البر والبحر والجو ضمن القدرة على السيطرة. - العملية الثالثة تحت هذه العملية الفدائية على معسكر العزاب الذي يضم ايضاً صيانة المعدات العسكرية والاسلحة الثقيلة وحالياً هو ضمن معسكر طارق وقد نفذ العملية المناضل المرحوم محمد علي حيدرة بقنبلة يدوية محلية الصنع وفي اليوم التالي علم أن القنبلة لم تسبب خسائر في الأرواح بل اتلفت كثيراً من المواد والتجهيزات الإدارية والمكتبية، اضافة إلى حالة رعب كبيرة ونظرات زائغة وحالات الشرود الذهني المصاحبة لحالة التوقع والتخوف من المجهول.لذلك كان المرحوم خالد هندي الذي عمل في المعسكر ضمن عمال الصيانة الذين قاموا بإتلاف الأجزاء الدقيقة في قلب قطع المدفعية الثقيلة للمعسكر وجعلها خارج جاهزيتها. - برنامج عمل فدائي ويواصل المناضل/أبوبكر شفيق حديثه قائلاً: وفي بداية العام 1964م انتقلنا إلى مدينة تعز للتفرغ للتدريب في معسكر صالة الخاص بالمظليين المصريين بقيادة اللواء طارق الذي كان قد كلف بالنزول من دمشق لمواجهة حركة الانفصال بين مصر وسوريا وضمن تدريب خاص تخلله محاضرات في منازل الضباط المصريين في حارة المستشفى بتعز واثناء التدريب في تعز طلب مني تقديم برنامج عمل لطبيعة العمل الفدائي العسكري لجبهة عدن التي أوكلت إليّ فوضعت برنامجاً مطولاً سُلم للأعضاء القياديين بواسطة كل من الإخوة قحطان الشعبي ، محمد علي الصماتي، طه أحمد مقبل وكان من ضمن برنامج العمل خطة لعملية ضرب مبنى الاذاعة التابعة للقوات البريطانية وكذا مبنى اذاعة عدن ونادي ضباط البحرية والتعامل مع أي رد فعل من الضباط البريطانيين الساكنين على التلال المطلة على ميناء التواهي وارصفة البينو والابكاري ورصيف «اقير الوتلش». - انكشف امرنا بعد ثلاثة أشهر من عودتي من تعز تعرضت للاعتقال بسبب وشاية من أحد الأقارب بشكل مباشر وقد شن ضباط بريطانيون يقدر عددهم بحوالي 17 ضابطاً واثنين من الضباط العرب وحوالي 15 فرداً من البوليس المسلح ببنادق B.F وخوذات فولاذية ومسيلات الدموع واثنتين من المصفحات الصغيرة «فارهايت» وطائرة هيلوكبتر وعرفت فيما بعد من الضباط البريطانيين ممن بيدهم صلاحيات التعامل ميدانياً عند اللزوم وقد تم محاصره بلوك «8» بالكامل والانتشار في الطرق المؤدية إليه أمام بوابة سجن المنصورة حيث كنت استخدم مسكناً صغيراً يملكه أحد الاصهار وبعد الحصار تم التحرك إلى حيث اقيم، ثم سمعت الضرب والركل على الباب والصراخ بفتح الباب والاستسلام فإذا بالضابط الأمني البريطاني «هاري بيري» على رأس مجموعة دلفوا إلى المسكن مصوبين أسلحتهم في كل الاتجاهات وبالتفصيل أفصح هاري بيري بأنهم جاءوا يبحثون عني وعن آخرين وعن مواسير وصواريخ البازوكاورشاشات ومتفجرات وغيرها..والحقيقة وحتى قبل يوم واحد فقط كانت كل تلك الأنواع موجودة والعديد من مخابئ الأسلحة كانت منتشرة في العديد من المساكن وفي بقالة الأخ /سعيد العكبري بالمعلا وفي ورشة الأخ/صالح محمد بما تعرف ببيوت زكو بالخساف وقد طلبتُ من كل الإخوة الذين ترددوا عليّ قبل الاعتقال بيوم واحد فقط بعدم الحديث أو الاهتمام بأي موضوع..وأن الموضوع الوحيد هو البدء بنقل ماعندنا من اسلحة وذخيرة وصواريخ إلى مخابئ أخرى ومتفرقة والسبب في ذلك هو أنني استيقظت صباح السبت مهموماً وقلقاً من حلم مزعج أو اشارة ربانية من الله اللطيف الخبير ورأيت في الحلم أنني قد وقعت ضمن دائرة واسعة من المواطنين يتعرضون للتفتيش خلف مبنى سينما هريكن» ثم انني انسحبت بحذر شديد من الحلقة والقيت بما كان في جيبي من قنابل مع صمام الأمان ولما لم تجد الحملة العسكرية شيئاً من الاسلحة..بقي على هاري بيري أن يدخل يده بين رماد وأوراق محترقة في صفيحة معدنية «تنك» وعرف أن الأوراق التي أحرقت واتلفت كانت ذات علاقة بأعمالنا وعناصرنا..فرمى بما كان قد اغترفه من رماد وأوراق محترقة بصورة هستيرية حزينه وغاضبة ويشهد الله أن الأوراق المحترقة كانت تضم أسماء لبعض عناصرنا الفدائية ممن كانوا ضمن الحملة وهم من البوليس المسلح مع ذكر نوع العمليات التي كان يفترض أن يشاركوا في تنفيذها وهؤلاء هم من أفراد البوليس الذين شاركوا في عملية اعتقالي لكنهم كانوا فدائيين لذلك عندما شاهدوني خارجاً مع هاري بيري ووجيه من الضباط البريطانيين غلي الدم في عروقهم وتبادلوا النظرات وآثروا عدم اظهار أي تصرف من شأنه كشف أمرهم..وظلوا يتابعون نتائج التحقيق معي..وتم تطمينهم بأن الموت بشرف هو الخيار..وليس الانهيار أوفضح عناصرنا ومايتعلق بجهادنا وكفاحنا. - اعترفت بحب الوطن هكذا تم نقلي إلى سجن عدن المركزي وبعد فترة قصيرة أخذت إلى قسم الجهاز السري وتم التحقيق في قضية حوشي ووضعوا أصابعهم على آثار الجراح التي اخترقتها الشظايا وعن نوع العملية التي كان مزمعاً تنفيذها لنسف المجلس التشريعي ولم يحصلوا مني على حرف واحد واعترفت بحب الوطن واعترفت لهم فقط بأنني أحب بلدي وأسعى كواحد من الشعب اليمني على تحقيق حريتنا وحرية بلادنا وبعد فترة من التعذيب الجسدي والنفسي عدت إلى السجن منهك القوى بعد أن حرمنا من النوم ومن أبسط الغذاء والدواء والنظافة حتى الأيام الأخيرة التي كانت القوات البريطانية تتجمع وتغادر الأراضي اليمنية مجبرة مطرودة في انسحابها وجلائها. - أكثر من دور للمرأة ماهو الدور الذي لعبته المرأة خلال فترة الكفاح المسلح؟ كان للمرأة دور عظيم وكبير أثناء فترات الكفاح المسلح حيث خدمت المرأة إعلامياً وتنظيمياً وجماهيرياً وشاركت في نقل الرسائل بين الفدائيين وأيوائهم فكان الفدائيون عندما يقومون بتنفيذ عملياتهم في الشوارع والدخول بمعارك معينة يلجأون إلى الاختباء في البيوت حيث كانت مجموعة كبيرة من المناضلات يقمن بترتيب ذلك وعندما تأتي القوات البريطانية يقمن المناضلات بإعطاء إشارات للفدائيين بالدخول إلى المنازل وعندما تأتي القوات البريطانية الانجليزية لاتجد أي شيء حتى أنه كان يتم السماح للفدائيين بإطلاق النار من نوافذ البيوت لذلك فالمرأة كان لها دور مشرف في الكفاح المسلح كما كان لها دور في الحركات الطلابية والمظاهرات خاصة في يوم الزحف على المجلس التشريعي في 24 سبتمبر 1962 كانت النساء مثل موج البحر في المقدمة حيث كان يعقد في المجلس التشريعي اجتماع تهدف من خلاله بريطانيا إلى ارغام المستوزرين في عدن بالموافقة على انضمامهم إلى اتحاد الجنوب العربي وهذا يعني انهم سيكونون ضمن المشيخات والسلطنات العميله أو الخاضعة للسياسة البريطانية فكان الهدف من الزحف هو الهجوم والوصول إلى مبنى المجلس التشريعي الذي يعقد فيه الاجتماع الا أن القوات البريطانية كانت أكثر استعداداً بالحراسات المشددة على محيط المجلس التشريعي وعملت الاستحكامات والأسلاك الشائكة في الوقت الذي كنا نخطط فيه لنسف المجلس التشريعي باعتباره رمزاً للوجود البريطاني ورمزاً للسياسة البريطانية المرفوضة. - مراسلة هتلر للقضاء على الانجليز إلى أي مدى أسهمت الاتحادات والجمعيات الثقافية في نشر الوعي الثوري في أوساط المواطنين؟ في البداية أود أن أشير إلى أن الحس الوطني كان موجوداً من الثلاثينات، فكانت هناك الكثير من العناصر البارزة التي كانت تعمل وتناضل من أجل الاستقلال والتحرر حيث كانوا يقومون بمراسلة هتلر قبل الحرب العالمية الثانية وكانوا يعبرون عن اعتزازهم وولائهم لألمانيا الهتلرية ويتمنون أن تساعدهم في الخلاص من الاستعمار البريطاني وكان يرد عليهم بالاستعداد فعرفت بريطانيا من خلال استخباراتها وعندما أعلنت الحرب قامت بعملية اعتقالات واسعة في صفوف هذه الشخصيات وأخذتهم إلى جزر تحت سيطرتها في المحيط الهندي وفي داخل المعسكرات البريطانية في عدن وفي الساحات الفارغة عملت أسلاكاً شائكة وجعلتهم يعيشون في الوسط وبعد مضي سنوات من الحرب أطلقت سراحهم. - التأثر بحركة التحرر العالمية أما فيما يتعلق بالتنظيمات والجمعيات والأندية الثقافية فإنه كان هناك تأثر وتفاعل جماهيري مع الثورات العربية وحركة التحرر العالمية بالاضافة إلى أن هذه التنظيمات والجمعيات الوطنية أطرت الكثير من الشخصيات، فكان لها نشاط كبير مع بداية الخمسينيات وانتفاضات مسلحة وظهرت بعد ذلك التنظيمات النقابية والجبهة الوطنية المتحدة وكان من أبرز قادتها المناضل/مصطفى رفعت وعبدالله اسماعيل والأخ/محمد عبده نعمان الحكيمي وبعدها نادي الشباب الثقافي الذي كان واجهه لحركة القوميين العرب والبعثيين فكان المواطن نفسه هو في حالة تأثر وتفاعل مع حركات التحرر العالمية وبالذات الثورات العربية. - مخاضات لذلك شهدت فترة الخمسينيات مخاضاً وارهاصات وفعاليات وطنية بصورها السياسية والنقابية والطلابية محلياً وتفاعلاً وتضامناً مع قضايا الأمتين العربية والإسلامية وقضايا التحرر العالمية، تأسست التنظيمات السياسية والنوادي والتكتلات وتسجيل المواقف التضامنية المتفاعلة مع الثورات والحركات العسكرية الوطنية على الساحتين اليمنية والعربية.حيث تكونت في العام 1950 رابطة الجنوب العربي وذلك بفعل التأثر بالزلزال المعنوي الوطني والقومي والتحرري الذي احدثه قيام ثورة 23 يوليو عام 1952م من مصر والذي تكونت على إثره تيارات وناصرية ورياح تحررية في الساحة العربية والأفريقية والآسيوية وغيرها.وفي عام 1953 تم تأسيس نادي الشباب الثقافي الواجهة الأمامية لحركة القوميين العرب وفي عام 1956م تكون مؤتمر عدن للنقابات وتغير اسمه عام 1958 إلى المؤتمر العمالي.فكانت فترة الخمسينيات من أهم المراحل التاريخية التي تستحق أن يفرد تاريخ فعالياتها بشكل متأنٍ ومركز وكانت السمة الناصرية هي الطابع الذي أصطبغت بها سياسياً وتحررياً معظم التكتلات بمختلف اسمائها وصفاتها. - خسارة البريطانيين أجبرتهم على التفاوض برأيكم ماالذي أجبر الانجليز على التفاوض من أجل الاستقلال؟ ابرز الأشياء التي أجبرت بريطانيا على التفاوض هو ضراوة المعارك وقسوتها والخسائر والنزيف البشري بين صفوفها الذين كانوا يتعرضون إلى هجمات ضارية وتحولت العمليات الفدائية إلى حرب مفتوحة ومكشوفة تستمر ساعات طويلة في احدى العمليات كانت هناك سرية بأكملها من البريطانيين في مستشفى عفارة بالشيخ عثمان وكانوا متقوقعين في مبنى المستشفى فيما المعارك مفتوحة في الشوارع فلم يستطعوا الخروج من موقعهم مماجعل السلطات البريطانية تسارع في التفاوض على سحبهم من موقعهم وفي بداية العام 1967م جاء وفد من الأمم المتحدة إلى عدن فقال أحد أعضاء الوفد «لقد كنت ضمن لجان عدة في فيتنام واجزم بقوة بأن ماشاهدته في عدن من المعارك وشراستها يفوق كثيراً ماشاهدته في فيتنام». لذلك كانت بريطانيا تأمل بأنها ستفرض على وفد الجبهة القومية الذي ذهب إلى جنيف للتفاوض على الاستقلال ستفرض عليهم شروطاً ومطالب الا أن أعضاء الوفد كانوا يقظين في ذلك بل كانوا أكثر ذكاءً إلى حد أن نوعية الأسلحة التي كان يريد البريطانيون تقديمها إلى الجيش العربي وقوات الحكومة الجديدة تم التركيز عليه.وكانت بريطانيا تطمح إلى اقامة حكومة عميلة بعد خروجها لاسيما وأنه كان توجد مجموعة من العناصر الهلامية التي راهنت بريطانيا عليها بأنها ستحقق لها شيئاً. - أوضاع بائسة كيف كانت الأوضاع الاقتصادية والسياسية لمحافظة عدن عند توليكم قيادتها بعد الاستقلال؟ توليت قيادة محافظة عدن كأول محافظ لها في ديسمبر عام 1967م وكانت الأوضاع بائسة وأكثر منها الصراع الذي كان موجوداً مابين ماتبقى من أصحاب جبهة التحرير وغيرهم ضد الجبهة القومية وايضاً مابين الجبهة القومية نفسها بسبب تحول بعض حركة القوميين العرب إلى التيار الماركسي وحددت موقفها من كل العناصر سواءً الناصرية أم الأمن أو الجيش فكانت هذه الفترة هي مرحلة انتقالية خطرة جداً وكنت أنا شخصياً في تلك الفترة عندما أقود السيارة كان المسدس في نفس اليد التي أقود فيها السيارة كوني أشعر بأنني مستهدف في أي وقت وأي مكان.بدأنا نخطط لأشياء كثيرة جداً أبرزها مشاريع النظافة والتحسين وسلامة البيئة واقامة المشاريع وغيرها بالرغم من الامكانات والظروف الصعبة في ذلك الوقت. - انجازات كبيرة لبت طموحاتنا هل أنتم راضون عما تحقق على المستوى الوطني من منجزات قائمة للعيان بفضل دولة الوحدة؟ تحققت أشياء كثيرة جداً لايمكن لأحد أن ينكرها وصرفت عليها المليارات لكن نشعر أن هذا لم يشبع طموحنا وباعتباري إنساناً مواطناً أريد كل شيء ومايتم حالياً هو التخطيط لماهو أكبر في المستقبل خاصة اذا ماقارنا عدد السكان في الماضي وماهو اليوم فإن هناك فرقاً كبيراً جداً وحتى في التوسعات العمرانية الكبيرة كل هذا يضاعف جهود الدولة ويوسع من حجم المسئولية في أن توفر كافة المستلزمات وخدمات البنية التحتية لكافة المناطق وكافة السكان على المستوى الوطني ونتمنى من قيادتنا السياسية قطع دابر المتآمرين واستئصال الفساد ومحاكمة كافة المفسدين واصلاح كافة الأوضاع الإدارية ونسأل الله التوفيق لفخامة الرئيس/علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في أن يستقطب المزيد من العناصر النظيفة والصريحة وأنا على ثقة كبيرة في أنه سيصبر على صراحتهم بصدر كبير وأنا على معرفة أن هناك عناصر أشبه بالسيوف التي أغمدت فلم يستفد منها الشعب ولا القيادة. - الانصاف مطلوب هل لكم من كلمة أخيرة في هذا اللقاء؟ في الأخير أود أن أقول لابد من التدقيق في التعامل مع المناضلين وبالذات ثوار 14 أكتوبر وأن يكونوا أسوة مع مناضلي سبتمبر والتدقيق في المعاملات التي تعاملوا بها خاصة أنه تم الاعتماد على شخصيات ليست بالمستوى المطلوب وهذه من ضمن الأشياء المؤلمة والمنغصة حين يشعر المناضل أنه ضحية ويتم التحايل عليه سواءً التحايل على الأسماء أم اعطاء بدائل للعناصر التي لم تشترك في النضال.