صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المناضل أبوبكر شفيق - أول محافظ لعدن عقب الاستقلال الوطني:
120شهيداً سقطوا في شاطئ صيرة عندما وطئت أقدام المستعمر أرض الوطن
نشر في الجمهورية يوم 15 - 10 - 2010

القيادات الثورية تدربت في معسكر صالة بتعز ومنه انطلقت لخوض الكفاح ضد المستعمر
المناضل أبوبكر علي شفيق من مواليد 1933م (77)عاماً..بدأ النضال ضد الاحتلال البريطاني لعدن قبل قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر، في إطار ما سميت حينها ب(الجبهة الناصرية) التي بادرت إلى تنفيذ عمليات عسكرية شجاعة ضد الأهداف العسكرية البريطانية...
وبعد قيام الثورة السبتمبرية وانطلاق شرارة ثورة 14أكتوبر كانت الجبهة الناصرية إحدى الفصائل التي تكونت منها الجبهة القومية..توجه أبوبكر شفيق إلى تعز للتدريب في معسكر صالة ضمن مجموعة من المناضلين القياديين الذين تدربوا تدريباً خاصاً بالقادة العسكريين، وأوكلت له مهمة العمل الفدائي العسكري لجبهة عدن، وطلب منه تقديم برنامج عمل لطبيعة العمل العسكري في مستعمرة عدن فقام بوضع البرنامج وسلمه للأعضاء القياديين المتواجدين في تعز أمثال قحطان الشعبي ، محمد الصماتي، طه أحمد مقبل ، وعلي السلامي، وكان ضمن برنامجه قصف الإذاعة الخاصة بالقوات البريطانية ونادي ضباط البحرية وكذا قصف المطار العسكري وغيرها من الأهداف..قام بتنفيذ عدد من العمليات العسكرية الجريئة، وشارك زملاءه في العديد من العمليات الأخرى.
تعرض للاعتقال مرات عديدة ومورست ضده أساليب من التعذيب الجسدي والنفسي ومنها إقدام القائمين على السجن بوضع طاقية وبدلة المحكوم عليهم بالإعدام على رأسه ووضعه في زنزانة انفرادية لإرعابه بعد أن عجزوا عن الحصول منه على أية معلومات عن الأعمال الفدائية التي قام بها والحصول على أسماء زملائه الفدائيين .وفي آخر اعتقال له مكث في معتقل سجن المنصورة حتى إعلان رحيل آخر جندي بريطاني من عدن يوم الثلاثين من نوفمبر67م..ونظراً لدوره المشهود عين أول محافظ لمحافظة عدن في أول حكومة تم تشكيلها بُعيد الاستقلال الوطني، إلا أن فترة توليه لهذا المنصب لم تتجاوز الأربعة الأشهر فقط نظراً لعدم إيمانه بالنظرية الماركسية اللينينية التي انتهجها الرفاق حينها...ذلك ما عرفناه منه لدى زيارتنا له في منزله بمديرية المعلا محافظة عدن وأجرينا معه حواراً صريحاً وشفافا..حواراً وثق جوانب هامة من النضال الطويل ضد المستعمر البريطاني ...حيث بدأ حديثه قائلاً:
إن ثورة 14أكتوبر المجيدة بكل قيمها المعنوية وموروثاتها وخلفياتها التاريخية، إنما هي تتويج لمسلسل من الحركات التحررية والانتفاضات المسلحة الغاضبة والرافضة للاحتلال في كل المناطق بجنوب الوطن.
ويواصل المناضل أبوبكر شفيق قائلاً:لقد شهدت المناطق الريفية في جنوب الوطن المحتل سلسلة من الانتفاضات المسلحة ابتداءً من انتفاضة بن عبدات في حضرموت عام 1938م وتلتها انتفاضات أخرى في حضرموت مروراً بالانتفاضات المسلحة في فترة الأربعينيات في كلٍ من :الواحدي،بيحان، الصبيحة،والفضلي، فيما شهدت فترة الخمسينيات انتفاضة الحواشب ودثينة ويافع وردفان.
19يناير ملحمة بطولية
أما عدن فإن المقاومة الشعبية فيها لم تهدأ ولم تستكئن منذ أن وطئت أقدام المستعمر البريطاني جنوب الوطن في 19يناير 1939م ذلكم اليوم المشهود الذي خاض فيه اليمنيون ملحمة بطولية نادرة فواجهوا جنود الغزو بصدورهم العارية وبأسلحتهم البدائية ومعظمها السلاح الأبيض معركة اشترك فيها الأهالي والمشائخ والجنود والعلماء وعلى رأسهم السيد علوي بن زين العيدروس ومعظمهم كانوا من قبيلة العزيبة، وسقط الشهداء والجرحى من المجاهدين ومنهم شيخ العزبية راجح بن عزب، وكذلك الشيخ علي السلامي شيخ آل سلام وأكثر «120» شهيداً سقطوا في شاطئ صيرة التي احتلته القوات البريطانية بقيادة القبطان «هينس» ولولا عدم التكافؤ بالأسلحة لكان للمقاومة اليمنية شأن آخر، وتوالت الأدلة والشواهد على القيم التحررية المترسخة في صدور اليمنيين في المدينة والريف، وقد انكسرت عدد الحركات التحررية عند بوابة عدن الجبلية إذ استشهد عندها قائد حملة ردفان الشيخ الحجيلي، كما انكسرت الحملات الأخرى عند سور الناشري وهو من ضمن التحصينات العسكرية الممتد من مؤخرة مبنى سينما شهناز وحتى محطة العاقل شرق جبل حديد، ومن ثم توالت الأعمال الرافضة للهيمنة الاستعمارية التي تزعمها عدد من الشخصيات الوطنية ومنهم الشيخ عتيق بن علي الرفاعي في كرتير، والشريف حسن الرفاعي أحد كبار رجال الأعمال في عدن والحديدة وجدة والسودان وبلدان شرق أفريقيا الذي أفسد خطة السلطات البريطانية لجمع توقيعات الأعيان في عدن لفصل عدن عن إدارة الهند وربطها مباشرة بلندن، أما السيد علوي بن زين العيدروس قاضي القضاة حينها فقد رفض أمر السلطات في المصافحة والركوع للملك أدوارد السابع الذي زار عدن باعتبار هذا الأمر مهيناً وخارجاً عن فرائض الإسلام، كما رفض الشيخ عتيق بن علي الرفاعي الحضور والسلام على الملك، وتعرض لمكيدة ومؤامرة السلطة البريطانية.. وفي العام 1943م استقبل أعيان عدن القادة والزعماء الفلسطينيين العائدين من منفاهم في جزيرة «سيشيل»، واستضافتهم وإيوائهم في مساكن المرحوم أحمد علي شماخ في كرتير فكان ذلك تحدياً واضحاً ضد الاستعمار البريطاني، وفي العام 1939م أقدمت السلطان البريطانية على اعتقال عدد من الشخصيات الوطنية بعد معرفتها بتواصلهم بألمانيا، وتعاطفها معهم بداية الحرب العالمية الثانية أملاً في الحصول على دعم معنوي وسياسي لتحقيق الخلاص من الوجود البريطاني الاستعماري.
انتفاضة الشيخ عثمان
ومن صور المقاومة في عدن انتفاضة الشيخ عثمان اعتراضاً على سجن القاضي عمر شرف الدين فدارت معركة في شوارع الشيخ عثمان سقط فيها الشهداء والجرحى في ملحمة بطولية ظلت عدن تتذكرها طويلاً، وصورة أخرى من صور المقاومة اليمنية في عدن تلكم الانتفاضة العارمة في كل أرجاء عدن ضد جمع اليهود من كل أرجاء اليمن وإرسالهم إلى فلسطين، وقد استجلبت السلطات البريطانية قوات عسكرية بريطانية من معسكرات فايد والإسماعيلية والسويس في مصر لقمع الانتفاضة.
الخمسينيات مخاضات وإرهاصات
ويواصل المناضل أبوبكر شفيق الحديث عن محطات النضال الوطني ضد المستعمر فيقول: أما فترة الخمسينيات فقد شهدت مخاضاً وإرهاصات وفعاليات وطنية بصورها السياسية والنقابية والطلابية محلياً إلى جانب التفاعل والتضامن مع قضايا الأمتين العربية والإسلامية وحركات التحرير العالمية وتأسيس التنظيمات السياسية والنوادي والتكتلات، وتسجيل المواقف التضامنية المتفاعلة مع الثورات والحركات الوطنية على الساحتين اليمنية والعربية، واختصار نشير إليها كعناوين وفقرات مختصرة وهي:
تكوين رابطة أبناء الجنوب العربي عام 1950م.
التفاعل والتأثر القومي والتحريري الذي أحدثه قيام ثورة 23يوليو 1952م والذي تكونت على أثره تيارات ناصرية ورياح تحررية في الساحة العربية والأفريقية والآسيوية وغيرها وبلغت محبة الشعب اليمني للزعيم عبدالناصر حداً كبيراً، فقد سكن الزعيم ناصر في قلوب ونفوس الجماهير صغيرهم وكبيرهم.
وفي عام 1956م شهدت عدن مسيرات جماهيرية حاشدة مؤيدة لقرار الثورة المصرية في تأميم قناة السويس وانتصار ثورة يوليو على العدوان الثلاثي، وفي نفس العام 56م عقد مؤتمر عدن للنفايات وتغير اسمه عام 58م إلى المؤتمر العمالي، وسبق ذلك تأسيس نادي الشباب الثقافي الواجهة الأمامية لحركة القوميين العرب، وكذا تفاعل الجماهير اليمنية في جنوب الوطن وشماله مع حركة الثلايا ضد الطاغية أحمد حميد الدين عام 1955م وفي عام 1954م بدأت الحركة الطلابية في تنظيم نفسها وقيام الإضرابات الطلابية واستشهاد الطالب قاسم هلال تزامناً مع قيام الإضرابات العمالية كان بعضها لانتزاع الحقوق العمالية المعيشية، وبعضها ضد سياسة تهجير وتسفير العمال اليمنيين، وبعضها امتناعاً عن تحميل وتفريغ بواخر أمريكية تضامناً مع الباخرة المصرية كليوباترا التي امتنع عمال موانئ أمريكية من التعامل معها.
جاء الفرج بقيام ثورة سبتمبر
ويمضي الأستاذ المناضل أبوبكر شفيق متحدثاً عن نضال الحركة الوطنية في مستعمرة عدن قائلاً:الإرشادات إلى تأسيس وتكوين التنظيمات أو التكتلات لاتعبر عن ذلك الزخم العظيم سياسياً ونقابياً وطلابياً الذي تحدثت عنه صحف العالم والإذاعات والمراقبون،وكانت فترة الخمسينيات من الأهمية التاريخية التي تستحق أن يفرد تاريخ فعالياتها بشكل متأنٍِ ومركزَّ وكانت السمة الناصرية هي الطابع التي اصطبغت بها سياسياً وتحررياً معظم التكتلات والتشكيلات بمختلف أسمائها وصفاتها،وضمن النضالات المختلفة كانت القناعات والطموحات أعظم من ذلك وترسخ الإيمان بأنه لم يعد للشعب اليمني إلا خيار الكفاح المسلح،وجاء الفرج العظيم بقيام ثورة 26 سبتمبر 62م والتي مثلت لثورة 14 أكتوبر عمقاً استراتيجياً وسنداً مصيرياً مشتركاً يضمن الدعم والتلاحم المشترك بالإمكانيات والعنصر البشري، وكانت ثورة 23 يوليو ومصر عبدالناصر قد بادرت دون تلكؤ أو تباطؤ أو تثاقل من نشر جناحيها الحانتين على سبتمبر وأكتوبر وجاء الدعم العسكري والمادي من القيادة العربية المصرية ومن ثورة سبتمبر المجيدة،وتم تجميع وتوحيد التشكيلات والتنظيمات السرية،التي هيئات نفسها للقيام بأعباء الكفاح المسلح،ومن ضمنها الجبهة الناصرية التي بادرت إلى تنفيذ عمليات عسكرية جريئة وشجاعة ضد أهداف عسكرية بريطانية ومنها عملية ضد تجمع لعملاء من الجاليات الوثنية،وكان ذلك قبل قيام سبتمبر وأكتوبر،وقبل قنبلة المطار التي نقدر قيمتها وأثرها ومنفذها المناضل خليفة عبدالله حسن خليفة ومجموعته الاستكشافية، ولولا ظروف طارئة واعتراضية لنفذت بقية أهداف العملية باستخدام رشاشات وقذائف مورتر كما علمت من شقيقة المرحوم طه عبدالله حسن خليفة.
الناصرية .. مثل ومبادئ تحررية
ويواصل أبوبكر شفيق الحديث موضحاً حقيقة الأدوار الجماعية في ما سمي بالتنظيم الناصري قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر فيقول:تجدر الإشارة إلى أن الناصرية لم تكن أيديولوجية ولم تأت،بمدلول نظري أو برنامج أو هرم تنظيمي،أو أن للناصرية مرجعية مركزية عليا في القاهرة.. وأجنحة متفرعة عنها وفروع في الساحة العربية أو حيثما يتواجد المريدون والمتبركون بالطريقة الناصرية،بل إنها مجموعة للمثل والمبادىء والمواقف المتسمة بالإباء والتحرر والمبادرات القوية والجريئة غير المتباطئة بل إنها توصف أيضاً بأنها بلورة وتجسيد ورشحات لمقومات شخصية الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وصفات الغيرة واسترداد عزتها والنخوة والرجولة والشهامة، فهام به أحرار العالم والشعوب المتطلعة للتحرر واسترداد عزتها وحقوقها، حتى أن حركات التغيير الوطنية والقومية في بعض البلدان العربية ومنها ثورة 26 سبتمبر المجيدة المتلهفة لتحقيق الوحدة العربية الشاملة،كانت تتحدد هويتها على أنها ناصرية عندما تتسم تلك الحركة بالعزم والحسم وبالخطاب الوجداني الذي يبدو وكأنه ينبعث من قلب وأعماق المستمع نفسه وليس من المذياع .. لتلك الأسباب كانت الجماعات والأفراد التي شرعت تؤطر نفسها في تشكيلات أو تجمعات أو تنظيمات استعداداً لمرحلة جادة للثورة والفداء والتحرر كانت تلك الجماعات تضفي على أطرها وتجمعاتها اسم الناصرية فظهر عدد معروف من تلك الأطر وتلك التنظيمات بذلك الاسم.
في هذا الخضم أو عند البدايات الأولى للمخاض العظيم اختارت مجموعتنا اسم الناصرية تشبثاً وتشرفاً بتلك المثل والمبادىء والمواقف سالفة الذكر.. مع ماكان يملأ قلوبنا وصدورنا،إن المدلول والمنهج والصبغة هي التي من الله بها علينا وليس سواها مِلة أو ملاذ أو حصناً أمام الغزو الفكري الشيوعي العالمي وهرطقته وسفسطته وكفره الصريح والبواح بالخالق وبكل ما أنزل من السماء، وإنطلاقاً من ذلك كان أيضاً حوارنا وتفاهمنا وعلاقاتنا مع العديد من القيادات .. للعمل منذ تلك البدايات المبكرة على عدم ترك الفرصة للأيديولوجيات الحمراء وغيرها من الاستفراد في الساحة بعقول الشباب والمعادن والعناصر الخامة والانحراف بها بعيداً عن هوية الشعب وصبغته وأخلاقياته الإسلامية، ومهما كان الانبهار والتقدير لشخصية الرئيس جمال عبدالناصر ،فلقد كان كأي فرد من بني البشر غير المعصومين.. كما أننا لانغض النظر عن الأشراك الخداعية التي نصبت له من جانب الاستخبارات العالمية.
واسترسالاً في التوضيح فإنني ضمن مجموعة الجبهة الناصرية أو التنظيم الناصري أو ما كانت تسميته أحياناً باسم «منظمة الشباب العربي» أو حركة الطليعة العربية الإسلامية تغييراً للأسماء وتغييراً لأرقام وأنواع الحروف المطبعية وآلات الطباعة بالنسبة للبيانات والمنشورات وكان ذلك من منطلق احترازي قانوني وبناءً على نصيحة أحد العناصر المناضلة المتعاونة وهو شخص قانوني.. وكان أبرز المؤسسين إضافة إلى شخصي المتحدث معكم الإخوة:سعيد عمر عكبري،أحمد هبة الله علي،محمد علي حيدرة، محمد أحمد شماخ، الشهيد خالد عبدالله قاسم «خالد هندي» وعبدالرحمن فارع، وهناك ممن كانوا على مقربة ورديفاً مناصراً وفاعلاً في بعض المهمات أمثال:علي الشيخ سعيد العراقي،علي صالح علي بيضاني،محمد عبدالله الطيطي ،عبدالله أحمد الحمزي، صلاح الدين عبدالرحمن دبعي،أسعد بن أسعد طاهر، حسين شيخ العزيبي،عبدالله بن عبدالله حسين،عبده شعبي، خالد محمد سعيد المفلحي،وكنا على علاقة حميمة وتفاهم مع قيادات وطنية أمثال: عبدالله علي عبيد،عبده خليل سليمان،محمد سالم باوزير،علي أحمد ناصر السلامي، سيف أحمد الضالعي،محمد سالم باسندوة،كما تعاون معنا كل من الإخوة عبدالقادر الفروي ،د. سالم عبدالخالق السعدي،د.خالد علي قاسم القصاب، عبده خليدي،كما كان يقف معنا بصورة تضامنية أدبية الأخ محمد قائد سيف القباطي،وقبل ثورة 26 سبتمبر كان القائد العسكري لمنطقة الشيخ سعيد بباب المندب المقدم محمد وابل قد أبدى استعداده لتمويننا بما نحتاجه من الضروريات الخفيفة من الأسلحة والمتفجرات بعد أن كان التنسيق جارياً بين كلٍ من أبوبكر شفيق، محمد غالب الدلالي، عبدالملك بن محمد وابل، كما تولى الإخوة:
سعيد عكبري، ومحمد علي حيدرة بالاتصال والتنسيق مع كلٍ من الإخوة قائد لواء إب المقدم أحمد الكبسي ونائبه المقدم محمد بن محمد الشعيبي للحصول على أسلحة خفيفة ومتفجرات، وتم الحصول على قنابل يدوية، كما امتدت دائرة اتصالاتنا إلى صنعاء بواسطة المقدم محمد قائد سيف ومعرفة الأخ الكاتب محمد فارع الشيباني لمقابلة المشير عبدالله السلال واستدعيت أنا شخصياً فتوجهت إلى صنعاء، إلا أن عناصر حركة القوميين العرب قد أجهضت اللقاء، وبدلاً من مقابلة المشير السلال فقد أحالني الأخ محمد قائد سيف لمقابلة الأخ عبدالغني علي وزير المالية حينها تقريباً ولما كان الحديث من جانب الأخ عبدالغني يحوم حول أي مساعدة مالية يمكن تقديمها رفضت ذلك العرض موضحاً أنني لم أتوجه إلى صنعاء سوى لغرض معرفة مدى الاستعداد لدعم نشاطنا العسكري الذي بدأنا به عملياً وميدانياً وحاجتنا هي التقنيات ولا بأس أن يكون المال تبعاً لذلك فيما بعد، واستأذنت في الانصراف لترتيب عودتي جواً إلى تعز ثم إلى عدن، كما وسعنا حوارنا مع بعض الإخوة في حوطة لحج والوهط بهدف التوسع التنظيمي وحشد الرجال ومنهم الإخوة فضل صالح البان وأبوبكر علي عيدروس السقاف وآخرين لاتسعفني الذاكرة بأسمائهم.
عملية «الفلفل على الجرح»
وفيما يخص العمليات الفدائية التي قام بها أوشارك في تنفيذها يقول أبوبكر علي شفيق: كانت أول عملية فدائية قمت في تنفيذها والتي أطلقنا عليها اسم «فلفل على الجرح» وكانت رداً على التمادي والاستهتار من قبل طوائف الهندوس والفرس والهنود المسيحيين عندما قرروا إنه من حقهم المشاركة في التخطيط لمستقبل عدن دون مراعاة واحترام للمشاعر الوطنية والقومية والإسلامية للشعب اليمني، فقمت أنا ومعي الإخوة أحمد هبة الله وعبدالرحمن فارع ومحمد علي حيدرة وعلي بن الشيخ سعيد العراقي وهاجمنا المجتمعين برئاسة وزير الأشغال الهندوكي «جوشي» في منزله على شاطئ صيرة فرميت عليهم بقنبلة يدوية محلية الصنع والحقتها بطلقات مسدس عيار 9 مم فحال جذع شجرة في حديقة المنزل فلم تصل القنبلة إلى المجتمعين وعادت الشظايا لتصيبني بعدة إصابات وأدى الانفجار إلى تحطم الكثير من زجاج النوافذ للمنزل والمنازل المجاورة وتم اسعافي ولاتزال إحدى الشظايا في فخذي حتى اليوم.
نسف قارب بحري للقوات البريطانية
أما العملية الثانية فقد قمنا بزرع عبوة ناسفة كبيرة تحت قارب بحري عسكري من قوارب الدورية تابع للقوات البريطانية في رصيف الإنزال البحري أمام بوابة جبل حديد، وكانت هذه العملية من نصيب الشهيد «خالد هندي» الذي أصر عليها، وكنت أنا برفقته وأحمد هبة الله وعبدالرحمن فارع ومحمد علي حيدرة فقمنا بإنزال خالد هندي مع العبوة فزحف بالعبوة ووضعها تحت القارب فأخذنا خالد هندي وتوجهنا إلى قرن أبو عيون وهو منعطف قرب محكمة صيرة وبدأنا في احتساب الدقائق والثواني وعند اقتراب عقرب الساعة من 12,00منتصف الليل ولحظتها دوى انفجار هز الأرض من تحتنا فوثب بعضنا على بعض عناقاً وقهقهة ودموعاً وعلمنا في صباح اليوم التالي بإن القارب قد تحول إلى كتلة محترقة وإلى جزئيات متناثرة.
إعطاب المدافع البريطانية
أما العملية الثالثة فقد قمنا بها على معسكر العزاب الذي يضم أيضاً قسم لصيانة المعدات والأسلحة الثقيلة، وقد نفذ العملية المرحوم محمد علي حيدرة بقنبلة يدوية محلية الصنع فأتلفت مجموعة من المواد والتجهيزات الإدارية والمكتبية وأحدثت ندوباً وثقوباً في عنابر الجنود وخلفت حالة من الرعب، كما كان الشهيد خالد هندي الذي يعمل مع القوات البريطانية في صيانة المعدات العسكرية كان هو وبعض زملائه يقومون بإتلاف الأجزاء الدقيقة في قلب قطع المدفعية الثقيلة وغيرها وكان غالباً مايتم إعادة بعض قطع المدفعية وغيرها من المعسكرات البريطانية في ردفان بعد اكتشاف عدم جاهزيتها، والحديث عن الشهيد خالد هندي يطول فهو رجل المواقف الصعبة ونادر الشجاعة والبطولة والفداء «رحمه الله».
وهناك عمليات فدائية اضطررنا إلى وقفها لأسباب عدة في فترة عمليات الجبهة الناصرية قبل أن نتولى قيادة جبهة عدن في فترة الجبهة القومية وثورة 14 أكتوبر ومنها: تأجيل اختطاف مدير سجن عدن المركزي ومعاقبته جلداً بمجموع كل الضربات التي جلد بها مجموعة من الوطنيين في السجن بعد تجريدهم من ملابسهم وكذا وقف عملية نسف مبنى المجلس التشريعي.
قنبلة المطار
تعرضتُ للاعتقال بعد حادث قنبلة المطار وتم نقلي من مركز الشرطة بعدن إلى زنجبار بأبين وبعد فترة إلى معتقل في أحور ثم أعادونا إلى معتقل في مدينة الشعب وأطلق سراحنا على دفعات وكنا «58» معتقلاً، وقد عانينا كثيراً وخاصة في سجن زنجبار.. ويواصل المناضل أبوبكر علي شفيق:
تعز حصن المناضلين
توجهنا إلى تعز للتدريب في معسكر صالة الخاص بالمظليين المصريين وضمن التدريب الخاص كانت هناك محاضرات في منازل الضباط المصريين فكنت أنا ومحمد علي هيثم «رحمه الله» وأخ آخر معروف باسم سالم ثومه، وكانت التدريب الذي تلقيناه على مستوى القادة، وكان هناك آخرون في معسكر صالة ومنهم المناضل الجسور عبدالكريم عبدالله سلام القباطي وغيره من المناضلين الذي هبوا منذ البدايات الأولى، وحينها طلب مني تقديم برنامج لطبيعة العمل الفدائي العسكري لجبهة عدن التي أوكلت إلي فوضعت برنامجاً مطولاً سُلم للأعضاء القياديين بواسطة كلٍ من الإخوة قحطان الشعبي، ومحمد علي الصماتي، وطه أحمد مقبل، وعلي السلامي، كما كان في المكتب الإخوة العقيد أحمد مهدي المنتصر، والأخ السيد ناصر السقاف، وسالم زين، وحميد الشعبي وآخرون من الحركيين مثل عبدالقادر أحمد سعيد، وكان ضمن البرنامج خطة لضرب مبنى الإذاعة البريطانية ومبنى إذاعة عدن ونادي ضباط البحرية والتعامل مع أي رد فعل من الضباط البريطانيين الساكنين على التلال المطلة على بندر جديد وميناء التواهي وأرصفة البينو والابكاري ورصيف السياح ونتيجة لاعتقالي مبكراً فقد تمت العمليات وأنا في المعتقل.
قصفنا المطار العسكري بصاروخين
وعودة للحديث عن العمليات الفدائية التي توليت الإعداد لها وقيادتها ميدانياً وأهمها: عملية ضرب المطار الحربي بخور مكسر بصاروخين «بلاند زيت» ونفذها فريقان من عناصرنا رحمهم الله جميعاً:
الفريق الأول كان مطلوباً عوض أحمد سعيد، وملقم الصاروخ خالد هندي، والفريق الثاني كان المصوّب حسن علي الزغير «بدر» وملقم الصاروخ صلاح الدين عبدالرحمن دبعي، وتولى قيادة السيارة الأخ علي صالح علي، وكان التصويب إلى عنابر الطائرات وإلى الطائرات الرابضة بجانبها وكانت العملية مشهداً مثيراً وعلى الطبيعة كمشهد سينمائي وانطلقت على إثرنا طائرة أو طائرتين هيلوكبتر وهي تطلق بالونات الإضاءة، وهناك محاولة ثانية وثالثة لضرب المطار من موقع ميدان سباق الخيول إلا أن وصول شخص في المحاولة الثانية وشخص ثانٍ في المحاولة الثالثة جعلنا نؤجل العمليتين، وكان الشخصان من المتحركين بشكل عفوي وكانت العناصر المكلفة منهم بعض عناصر العملية الأولى مضافاً إليها الإخوة عبدالله محمد هيثم وعبدالعزيز عبدالله سلام وفضل محسن وعلي عوض، وتواتر إرجاء بعض الأهداف والعمليات لأسباب طارئة لا إرادية ولكن تم تنفيذها في أوقات لاحقة، وتلاحقت العمليات الفدائية ضد المطار العسكري وكان أضخمها تلك التي تم فيها إطلاق قذائف الهاون عبر مواسير صناعية وتفجير زمني موحد وعبر شبكة أساسية من الفتائل والأسلاك المرتبطة والموصلة إلى العدد الضخم من القذائف.
وهذا النوع التكتيكي والمتقدم والذي نفذه قادة وعناصر العمل الفدائي قد جاء متأخراً بعد اعتقالنا، إلا أن دورنا الأساسي والمبكر كان في الإعداد وتجهيز ذلك.
إحراق مطابع الصحف العميلة للاستعمار
كما نفذنا عمليات إحراق المطابع العميلة للاستعمار بعد إنذارها مراراً دون جدوى حيث نفذنا عمليتين في توقيت واحد لكل من صحيفة الكفاح وصحيفة اليقظة وتفاصيل الإعداد ومسار العمليتين وما واكبها يطول شرحها.. وحرصنا على عدم المساس بأي شخص ممن كانوا متواجدين في المطبعتين، وأحرقنا بالكامل، وعند مطبعة اليقظة قام الأطفال بالتمعن في أشكال الفدائيين الملثمين وأشكال الرشاشات من نوع «لانكستر» الإنجليزية، وفي اليوم التالي قام الأطفال أثناء لعبهم بتمثيل حركات الفدائيين بعد أن صنعوا لأنفسهم دمى من الخشب شبيهة برشاشات الفدائيين، وكان شرف التنفيذ لتلك العمليتين هو من نصيب الإخوة عوض أحمد سعيدي، محمد عوض حصامة عولقي، فضل محسن أحمد ناجي، علي الهمامي، محمد أحمد باشماخ، محمد حامد خدابخش، وقد سبق ذلك قيام خلية استطلاعية مكونة من الإخوة محسن وطني وخالد هندي، وكان ضمن التكتيك الذي اتبعناه أن منفذي العمليات يجب أن لا يكونوا من سكان الحي أو من المعروفين في الحي.
قصف نادي الضباط والمجلس التشريعي
وهناك عملية نادي ضباط الطيران قرب معسكر أبو عبيدة بخور مكسر وكان النادي يزخر بالرواد والموسيقى صاخبة، فرميت عليهم قنبلتان يدويتان قام بذلك الإخوة أحمد هبة الله، عبدالله الخامري، ومحمد أحمد باشماخ.
وأما عملية المجلس التشريعي فقد تم قصف المبنى بصاروخ «بلاند زيت» من موقع البنوك تحسباً من وقوع الصاروخ على منطقة سكنية ونفذها: عبدالرب علي مصطفى، عبدالرحمن فارع، ومحضرين السيارة أتذكر منهم فاروق مكاوي.. وهناك عمليات متفرقة متتابعة في شارع مدرم بالمعلا وطريق كالتكس والحسوة والبريقة وأماكن أخرى..
سجنت وتعرضت للتعذيب الجسدي والنفسي ولن أنثني
تطرقتم في سياق الحديث إلى قضية اعتقالكم على خلفية قنبلة المطار ونقلكم إلى سجن زنجبار ثم إلى أحور ومن ثم العودة إلى معتقل مدينة الشعب بعدن والإفراج عنكم ولم تذكروا حادثة اعتقالكم قبل العام 1967م فهل تحدثونا عن ذلك؟
باختصار شديد ودون التطرف لبعض الجوانب رغم أهميتها فقد قام ضباط بريطانيون حوالي «17»ضابطاً و«150»من البوليس المسلح ومصفحتان وطائرة هيلو كبتر بمحاصرة بلوك 8 بالكامل حيث كنت استخدم مسكناً صغيراً، وبعد الحصار اتجهوا إلى المنزل وركلوا الباب بشدة مصوبين أسلحتهم، وأوضح الضابط البريطاني «هاري بيري» بأنهم يبحثون عني وآخرين وعن مواسير وصواريخ البازوكا ورشاشات ومتفجرات وكانت تلك الأنواع موجودة إلى ما قبل يوم واحد من المداهمة، وكنت قد طلبت من كل الإخوة سرعة نقل تلك الأسلحة إلى أماكن أخرى متفرقة، والمهم أن الضابط البريطاني وجنوده دخلوا إلى المنزل وفتشوه تفتيشاً دقيقاً ولم يجدوا سوى صفيحة معدنية «تنك» وبداخله رماد لأوراق محترقة فعرف أننا أحرقنا وثائق مهمة فاغترف بيده من تلك الأوراق المحترقة ثم رمى بها بصورة هستيرية حزينة وغاضبة وكان في المنزل ساعة المداهمة الإخوة الشهيد عوض سعيدي الذي أفلت من الاعتقال بخروجه من الباب الخلفي أما الأخ الثاني فهو الفقيد أحمد عبده طاهر العريقي فاعتقل معي، وأخذوني إلى الشقة الأساسية التي كنت أسكنها في المنصورة مع أسرتي وفتشوها بدقة ولم يجدوا شيئاً وتم نقلي إلى شرطة كريتر وفي اليوم التالي نقلوني إلى سجن عدن المركزي بأمر رسمي من وزير الداخلية الاتحادي، ولما اطلع مدير السجن «الشوذري» أبدى حقده وغضبه وقال كان المفروض الأمر بالذهاب بك إلى غرفة الانتظار التابعة للمشنقة، وبعد فترة قصيرة في سجن عدن أخذت إلى قسم الجهاز السري وتم التحقيق معي في قضية «جوشي» المذكورة سلفاً وعن نوع عملية نسف المجلس التشريعي التي كان مزمعاً تنفيذها وعن عمليات المطار والمطابع ونادي ضباط الطيران، ولم يحصلوا مني على حرف واحد سوى التتويه، وبعد فترة من التعذيب الجسدي والنفسي تم نقلي إلى رأس مربط ومن ثم إلى سجن عدن وهناك حرمنا من النوم ومن أبسط الغذاء والدواء والنظافة، وبعد عام كامل أخذت من سجن عدن إلى معتقل المنصورة ومن ثم إلى رأس مربط والعودة إلى سجن المنصورة حتى الأيام الأخيرة التي كانت القوات البريطانية تتجمع للرحيل من جنوب الوطن مجبرة ومطرودة منهية عهداً طويلاً لاستعمار حاقد وماكر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.