حلم اللقب يتواصل: أنس جابر تُحجز مكانها في ربع نهائي رولان غاروس    قرارات البنك المركزي لإجبار الحوثي على السماح بتصدير النفط    تعرف على قائمة قادة منتخب المانيا في يورو 2024    7000 ريال فقط مهر العروس في قرية يمنية: خطوة نحو تيسير الزواج أم تحدي للتقاليد؟    "حرمان خمسين قرية من الماء: الحوثيون يوقفون مشروع مياه أهلي في إب"    انتقالي حضرموت يرفض استقدام قوات أخرى لا تخضع لسيطرة النخبة    فيديو صادم يهز اليمن.. تعذيب 7 شباب يمنيين من قبل الجيش العماني بطريقة وحشية ورميهم في الصحراء    فضيحة: شركات أمريكية وإسرائيلية تعمل بدعم حوثي في مناطق الصراع اليمنية!    أرواح بريئة تُزهق.. القتلة في قبضة الأمن بشبوة وتعز وعدن    مسلحو الحوثي يقتحمون مرفقًا حكوميًا في إب ويختطفون موظفًا    حرب وشيكة في الجوف..استنفار قبلي ينذر بانفجار الوضع عسكرياً ضد الحوثيين    المجلس الانتقالي يبذل جهود مكثفة لرفع المعاناة عن شعب الجنوب    الدبابات الغربية تتحول إلى "دمى حديدية" بحديقة النصر الروسية    عن ماهي الدولة وإستعادة الدولة الجنوبية    الوضع متوتر وتوقعات بثورة غضب ...مليشيا الحوثي تقتحم قرى في البيضاء وتختطف زعيم قبلي    إنجاز عالمي تاريخي يمني : شاب يفوز ببطولة في السويد    رفض فئة 200 ريال يمني في عدن: لعبة القط والفأر بين محلات الصرافة والمواطنين    صحفي يكشف المستور: كيف حول الحوثيون الاقتصاد اليمني إلى لعبة في أيديهم؟    حرب غزة.. المالديف تحظر دخول الإسرائيليين أراضيها    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    بحضور نائب الوزير افتتاح الدورة التدريبية لتدريب المدربين حول المخاطر والمشاركة المجتمعية ومرض الكوليرا    - الصحفي السقلدي يكشف عن قرارات التعيين والغائها لمناصب في عدن حسب المزاج واستغرب ان القرارات تصدر من جهة وتلغى من جهة اخرى    شرح كيف يتم افشال المخطط    بدء دورة تدريبية في مجال التربية الحيوانية بمنطقة بور    "أوبك+" تتفق على تمديد خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و439 منذ 7 أكتوبر    ولي العهد الكويتي الجديد يؤدي اليمين الدستورية    رصد تدين أوامر الإعدام الحوثية وتطالب الأمم المتحدة بالتدخل لإيقاف المحاكمات الجماعية    الملايين بالعملة الصعبة دخل القنصليات يلتهمها أحمد بن مبارك لأربع سنوات ماضية    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    أولى جلسة محاكمة قاتل ومغتصب الطفلة ''شمس'' بعدن    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستقلال ثمرة كفاح كل اليمنيين
باحثون وشخصيات سياسية وأكاديمية
نشر في الجمهورية يوم 01 - 12 - 2006

اليمنيون ضربوا أروع أمثلة الصمود في وجه الاستعمار والرجعية وفي وحدة المصير والهدف المشترك
الوضع السياسي ليمن ماقبل الثورة كان باطلاً وغير شرعي..وال 30 من نوفمبر خلاصة تراكمات نضالية - لقاءات/ سعيد المعمري...مثّل استقلال الوطني في ال30 من نوفمبر 67م حصيلة نهائية لنضالات الشعب اليمني الذي لم يكن لينال حقه في الحرية والاستقلال لولا واحدية الثورة اليمنية منذ بدء انطلاقتها ولولا ذلك التناغم القائم بين مختلف الفئات والتيارات التي عملت جنباً إلى جنب من أجل يوم الخلاص بدءاً بالانتفاضات الشعبية ثم ظهور دور حركة التنوير وكذا قيام الحركة الوطنية ومن ثم تنظيم الضباط الأحرار الذي عجّل بقيام ثورة ال 26 من سبتمبر 1962م والتي مثلت حينها خلفية رئيسية لتهيئة الظروف لتفجير ثورة ال 14 من أكتوبر 1963م وهو مايعكس بجلاء تلازم الثورة اليمنية الواحدة من الأهداف والمسار حتى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة.
عن الاستقلال باعتباره منجزاً تاريخياً لكل اليمنيين أجرت الصحيفة الاستطلاع التالي:
عدم شرعية الإمامة والاستعمار
بداية تحدث..الأستاذ أحمد محمد الحربي..«باحث»..حيث قال:
لم تكن أسرة بيت حميد الدين، موفقه باغتصاب، سلطة الحكم عن طريق الوراثة فالإمام أحمد اغتصب الإمامة بالوراثة عن أبيه، ولم يكتف بذلك فأصدر مرسوماً جعل من ابنه «البدر» ولياً لعهده..وبذلك أخُرجت أسرة بيت حميد الدين الإمامة عن حكمتها وجعلتها ملكية وراثية فكانت إمامتها من وجهة النظر الفقهية والمذهبية..باطلة، قولاً وفعلاً وتشريعاً لأن الإمامة لاتورث والملكية غير مقر بها في الفقه أيضاً..هذا جانب أما الجانب الآخر..فقد سعت أسرة بيت حميد الدين لإغلاق رياح التغيير أمام اليمن في وقت لم يعد فيه للخلافة موقع في عصر مابعد الحرب العالمية الثانية التي أقرت نتائجها بحق الشعوب في تقرير مصيرها واختيار أنظمتها السياسية وحكامها..ولأن إمامة أسرة بيت حميد الدين باطلة قولاً وفعلاً وتشريعاً فقد ضاعفت سياستها في حكم البلاد شدة بطلان شرعيتها لتبدأ عبر سياسة نظام الحكم الفردي الأسري الكهنوتي بمحاولة وأد بواعث، التنوير الثقافي من أجل التغيير..وإذا كان الوضع السياسي لليمن في الشطر الشمالي، باطلاً وغير شرعياً فإن الوضع السياسي في مناطق الشطر الجنوبي من الوطن هو الآخر وضع غير شرعي وغير مقبول وغير معترف به من الشعب..ففي عدن..كانت بريطانيا العظمى تحتل الأرض وتهيمن على كل صغيرة وكبيرة في هذا الجزء من السياسة إلى الاقتصاد إلى إدارة شؤون الحكم والمجتمع..وخارج عدن كان الوضع السياسي تحت قبضة مجموعة من الأسر الأمراء والسلاطين الذين يتولون الحكم في اماراتهم وسلطناتهم أما بالوراثة أو بالغلبة..وكانت هي الأخرى أوضاعاً سياسية غير شرعية وغير مقبولة..لأنها أوضاع تتمثل بالاحتلال الأجنبي والحكم الأسري الوراثي وهي أوضاع ولدّت في الواقع حراكاً ثقافياً للتنوير من أجل التغيير لمصلحة الوطن والشعب.
وإذا عرفنا ان نتائج الحرب العالمية الثانية التي هي ولادة فعل وأطماع الاستعمار القديم..فإن نتائج الحرب تلك لم تكن لصالح قوى الاستعمار القديم فقد كانت تلك الحرب إيذاناً بنهاية ثقافة الاستعمار القديم وجبروته.. وبداية عهد جديد..تداخلت فيه عوامل التحرر من الاستعمار إلى جانب عوامل التحرر من القهر والاستبداد وحكم التخلف والانغلاق لتشهد اليمن، حركة تنوير، وتثوير كان أبطالها الأول «المناضل» الكبير أحمد محمد نعمان في الشمال والمناضل الكبير محمد علي لقمان في عدن ورفاق دربيهما النضالي، الكثر على امتداد الساحة اليمنية.
شتان بين الحركتين
ومقابل حركة التنوير، والتثوير الثقافي والاجتماعي اليمني برزت حركة تضامن وتحالف أنجلو سلاطيني كهنوتي على امتداد اليمن..لمواجهة رياح الاصلاح والتحرر والتغيير وشتان بين الحركتين..الأولى تمتلك شرعية الفعل والحركة والهدف والثانية فاقدة لشرعية البقاء والاستمرار في ساحة المواجهة بين أطراف الصراع.. ذهبت حركة التنوير والتغيير من أجل الوطن والشعب توسع نطاق دائرة حركتها وتأثيرها في المجتمع بدءاً بالدعوة إلى الاصلاح..والتحرر من الاحتلال الأجنبي مروراً بالدعوة إلى التغيير والثورة على فاقدي الشرعية ومغتصبي السلطة..وطُرد المحتل الأجنبي وذهبت أطراف مواجهة الاصلاح والتغيير وطُرد المحتل إلى توثيق روابط التحالف بين أطرافها ليذهب كل طرف منها باتجاه من أجل وأد حركة التغيير ودعاة الشرعية..فذهبت أسرة بيت حميد الدين تستميل المد الوطني والانخراط في التيار القومي العربي والمد التحرري لعلها تجد العون والمدد واضفاء ولو بعض الشرعية لنظام حكمها الآيل للسقوط..وذهبت بريطانيا، تدعم وجودها بعد فشل سياسة فرق تسد وسياسة الحماية لأمراء وسلاطين المشيخات والامارات باتجاه خلق كيان سياسي جديد لها لإضفاء شرعية احتلالها والتمترس خلف هذا الكيان الذي اسمته اتحاد الجنوب العربي..ولايخفى على فطين ان التحالف الانجلو سلاطيني الكهنوتي من أجل وأد حركة التغيير والتحرير الوطني وقطع دائرة تأثيرها على الشعب عمل كل بطريقته على السماح بنشاط معارض للآخر شريطة، أن لايصل تأثيراته ودوره إلى درجة المواجهة الفعلية فسمحت بريطانيا بنشاط محدود للمعارضة ضد نظام الحكم الإمامي لبيت حميد الدين على أن لايتجاوز حدود المطالبة بالإصلاح الإداري والاقتصادي كما سمح بعض حكام السلطنات لحركة المعارضة بالمرور في مناطقها بل ودعم بعضها مادياً على أن لا تتجاوز حركتها دور الكلام إلى الفعل..وعمل نظام حكم بيت حميد الدين نفس الأمر فسمح بنشاط القوى المعارضة ضد الاستعمار البريطاني ووجوده في عدن..واحتضن جوانب من نشاطها على أن لاتتجاوز حركتها، دور الكلام إلى الفعل المباشر، بطرد الاستعمار البريطاني وتحقيق التحرر الكامل للأرض من سيطرته.
وجاءت فترات، تعكس طبيعة التحالف بين أطراف القوى الحاكمة، غير الشرعية في مساندة نشاط المعارضة الداعية للإصلاح والتغيير والتحرر من الوجود الأجنبي في اليمن..إذ ذهبت بريطانيا في عدن باتجاه مضايقة المعارضة لنظام حكم بيت حميد الدين، توجتها بإجراءات إدارية صارمة واعتبار نشاطهم المعارض غير مرغوب فيه..بل وحتى أشخاصهم غير مرغوب به وعليهم ترك وطنهم والذهاب إلى مواقع أخرى لممارسة نشاطهم ضد حكم الإمامة الحميدية في اليمن.
وفعل الإمام أحمد «الأمر عينه» فالشخصيات السياسية والعسكرية المعارضة لسياسات الاستعمار البريطاني في عدن ومحمياتها..الذين تم احتضانهم من قبل لم يعد مرغوب نشاطهم ووجودهم في تعز أو في غيرها من المناطق التي تقع تحت دائرة نفوذ حكمه وعليهم ترك اليمن إلى بلاد أخرى.
فهم قواعد اللعبة
وكان على أطراف حركة التنوير والتثوير اليمنية أن تستوعب طبيعة التحالف المعادي لنشاطها وقواعد اللعبة السياسية لأطراف منازلتها وأن تستفيد من طبيعة الظروف والمتغيرات السياسية في النظام العالمي وأن تعيد ترتيب بنائها وأدوارها وتحدد أشكال وأساليب نضالاتها من بين مجموعة من البدائل والأفضليات..وتهيء نفسها للقيام برسالتها النضالية..وهذا ماتم..فطرد الوجود الأجنبي من اليمن يحتل المرتبة الأولى من بين البدائل والأفضليات في إطار المتغيرات الدولية حيث بدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها مبدأ عالمي التوجه وذو مشروعية دولية..الا أن امكانية تحقيق ذلك في ظل أوضاع وظروف اجتماعية واقتصادية محلية صعبة وشديدة التعقيد تجعل من هذا الخيار يحتل المرتبة الثانية من الأهمية في الحركة والفعل لما يتمتع به قوى الاحتلال الأجنبي من قدرات على المناورة والالتفاف والتلون ويجعل من خيار الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي في ظل نظام بيت حميد الدين في ظل المتغيرات الدولية.
يتراجع من حيث الأهمية من المرتبة الثانية بالنسبة لجميع اليمنيين ومن المرتبة الأولى بالنسبة للبعض إلى المرتبة الثالثة ويصبح خيار التغيير بالثورة لا، الإصلاح يحتل المرتبة الأولى بعد فشل خيار الاصلاح من داخل نظام حكم بيت حميد الدين.
خيار هام
وفي إطار مايمثله هذا الخيار من أهمية لخدمة خيار طرد الوجود الأجنبي مع بقاء الخيارات الأخرى عاملة في الميدان..بدأت اعتمالات التنوير، تتجه نحو التغيير لا الإصلاح وأنشأت تنظيمات فعّلت لهذا الغرض سياسية وعسكرية وكان للأحزاب السياسية ذات الانتماء القومي وغير القومي تأثيرها في حركة التنوير المتصاعد باتجاه التغيير واستطاعت الوصول إلى صفوف القوات المسلحة..ونشأ في عام 1961م تنظيم الضباط الأحرار الذي ضم بين صفوفه ضباطاً ذوي انتماءات حزبية لكل من حركة القوميين العرب وحزب البعث العربي الاشتراكي وطلب منهم أن يتخلوا عن انتماءاتهم الحزبية كي يصبحوا أعضاء في التنظيم الذي يعد نفسه للتغيير في اليمن..وكان لأطراف في الحركة الوطنية صلات بالتنظيم العسكري من أجل التغيير وأخذ خيار التغيير بالانقلاب العسكري لاسقاط الحكم الإمامي الكهنوتي يعتمل في الواقع..كان ماسمي بتنظيم الضباط الأحرار على علاقة بالقوى الوطنية والسياسية الفاعلة في البلاد..وكان الجميع يدرك أثناء الإعداد والانطلاق لحركة التغيير القادمة..إن قيام ثورة في اليمن لاسقاط نظام حكم بيت حميد الدين..سيواجه صعوبات جمة فبعض الأنظمة العربية لن تكون سعيدة بقيام ثورة في اليمن، تنهي نظام الحكم الفردي والأسري والوراثي كما أن أنظمة دولية لن تكون قابلة بوجود ثورة في اليمن وبالذات بريطانيا التي تحتل عدن جوهرة اليمن، وثغرها الباسم ويمتد نفوذها، السياسي والإداري إلى بقية أجزاء جنوب الوطن..إذ سيكون قيام ثورة في شمال اليمن يعني من أول وهلة لها مناهضة وجودها ونفوذها وتذليلاً لصعوبة الموقف كان على القوى الفاعلة للتغيير، أن توجد نوعاً من التوازن في صراع القوى..وكانت الجمهورية العربية المتحدة أو مصر عبدالناصر واحدة من قوى التوازن والداعم للثورة وكان الاتصال بها.
الإعداد للتغيير
ولكي لاتكون احتمالات المخاوف،عامل معطل للتغيير كان الإعداد للتغيير، والقيام به يوم 26 سبتمبر 1962م وتفادي البيان الأول للثورة إثارة هواجس الخوف والتخوف عند الآخرين مركزاً على الوضع الداخلي لليمن المعروف بالمملكة المتوكلية اليمنية وإستناداً إلى الشرعية الدولية محدداً أهداف الثورة القضاء على النظام الفردي المطلق والقضاء على النفوذ الأجنبي، انهاء الحكم الملكي وإقامة حكم جمهوري ديمقراطي إسلامي، أساسه العدالة الاجتماعية في دولة موحدة تمثل إرادة الشعب وتحقق مطالبه الأساسية العامة للجمهورية العربية اليمنية وحرص البيان على تقسيم أهداف الثورة وسياستها في المجال الداخلي والمجال القومي العربي، وفي المجال الدولي حيث ورد في المجال الدولي مقاومة الاستعمار والتدخل الأجنبي بجميع أشكاله وهو هدف أقرته الشرعية الدولية..وفقاً لمبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها.
الا أن الاستعمار البريطاني الجاثم على جزء من الأرض اليمنية ناصب ثورة 26 سبتمبر 1962م العداء من أول بيان لها وأخذت بريطانيا على عاتقها مسئولية اسقاط النظام الجمهوري اليمني والظهور بمظهر المتقيد بالشرعية الدولية، ومبدأ تقرير الشعوب لمصيرها..مكثفة على هذا المبدأ بالعمل على أكثر من جبهة ومستوى..منها السعي الحثيث لإضفاء الشرعية على وجودها المغتصب والمحتل لعدن بإعلان ماأسمته بالكتاب الأبيض، والانسحاب من عدن..وبمقابل هذا الإعلان الذي اهتزت له قناعات بعض القوى السياسية اليمنية..لوأد احتمالات التغيير المنشود في اليمن أيدت بعض تلك القوى السياسات الجديدة القديمة لبريطانيا ووقفت في وجه المناوئين لها في اليمن.
وأكدت بريطانيا على أهمية وجودها وبقائها في اليمن مع الالتزام بالشرعية الدولية بالتحرك الواسع النطاق على إقامة حكومة موحدة لعدن ومحمياتها الشرقية والغربية وأعدت العدة لذلك وأعلنت قيام حكومة الاتحاد الجنوب العربي كرد فعل مضاد على قيام الثورة في شمال اليمن ثم التنسيق مع حلفائها في اليمن وخارج اليمن لإسقاط النظام الجمهوري، ومباشرة العمل معها لتحقيق ذلك.
أدركت معظم القوى السياسية مغازي، اللعبة السياسية الجديدة لحكومة صاحبة الجلالة ملكة بريطانيا العظمى، وأستوعبت خطورتها على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في اليمن فعملت على تحديد موقفها منها والقيام بدورها في تعبئة قوى الشعب لمواجهة المخاطر المحدقة بالوطن والشعب اليمني وهب الناس من كل المناطق يحملون السلاح دفاعاً عن النظام الجمهوري الذي شكل منعطفاً تاريخياً عظيم الأهمية للشعب اليمني وكشرت بريطانيا عن أنيابها، وأستعرضت عظمة التاج البريطاني.. وأسدها العجوز وتمادت في سياساتها غير المعلنة للبقاء في اليمن.
وكان الرد على تآمراتها وسياساتها المعادية للشعب ومقدراته والتي أرادت عبرها إنشاء كيان سياسي في جنوب الوطن تمهيداً لتسليمه لوريث شرعي يلبي لها مطامعها ومطامحها إعلان، الثورة المسلحة على الاستعمار البريطاني يوم 14 أكتوبر 1963م من جبال ردفان التي تواصلت لتعم كل مناطق الجنوب ويمتد لهيبها إلى معسكرات قواتها المحصنة، ولما لم تجد سبيلاً يكرس وجودها ويعترف بشرعية احتلالها ونفوذها عمدت إلى قطع طريق الثورة المسلحة التي قادتها الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل.
إلى إعلان الثورة المضادة للثورة كبديل لابد منه لاكتساب الشرعية اللاحقة لهيمنتها وفشلت الثورة المضادة للثورة وسقطت مناطق حكومة الاتحاد المصطنعة منطقة بعد أخرى وحوصرت القوات البريطانية في مناطق تواجدها المحددة بالقاعدة العسكرية في عدن وطالت رصاصات الفدائيين وزخات بنادقهم ورشاشاتهم وقنابلهم قادتها وجنودها وأوكار استخباراتها.
وحاصرت وفودها ولجانها جماهير الشعب بمواقفها، ومسيراتها الحاشدة عند كل زيارة وقرار تتخذه لتكشف عدوانية بريطانيا وزيف إدعاءاتها باحترام حق الشعوب في تقرير مصيرها وفقاً للقرارات الشرعية الدولية وقوانينها.
اعتراف بشرعية الثورة
لقد استطاعت ثورة 14 أكتوبر 1963م بدعم ومساندة ثورة 26 سبتمبر 1962م وحركة التحرر الوطني العربية والعالمية ومصر عبدالناصر..إجبار بريطانيا العظمى على الاعتراف بالثورة وقدرتها وشرعية تمثيلها للإدارة الشعبية..وأدلى وزير الخارجية البريطاني «المستر بروان» في مجلس العموم البريطاني بياناً جاء فيه أن المباحثات حول الاستقلال وتسليم السيادة والسلطة في الجنوب اليمني بين حكومة بريطانيا بوصفها الدولة المستعمرة وبين الجبهة القومية كممثلة للشعب ستبدأ في جنيف بسويسرا في 20 نوفمبر 1967م وأن القوات البريطانية المتواجدة في أجزاء من هذه المنطقة..ستنسحب نهائياً في نهاية شهر نوفمبر 1967م وأن الوفد البريطاني في المحادثات سيكون برئاسة: اللورد «شاكلتن» وقال «بروان» بإنه توجد مسائل ضرورية من الأفضل أن تسوّى قبل أن يصبح الجنوب اليمني مستقلاً وإذا لم تنته المفاوضات حول هذه المسائل قبل الاستقلال فليس هناك مانع من أن تستمر المفاوضات بين دولتين مستقلتين..وأصدرت الجبهة القومية بياناً حول انسحاب القوات البريطانية جاء فيه أن النضال الشاق الذي خاضه شعبنا أجبر الاستعمار البريطاني وأرغمه على الجلاء عن كل مناطق الجنوب وهو الجلاء الذي سيتم نهائياً في نهاية نوفمبر 1967م وأن الجبهة تؤكد عزمها وتصميمها على مواصلة السير بجماهير الشعب ومعها في طريق الثورة الشاملة طريق بناء المجتمع الجديد.
محادثات صعبة
وفي جنيف جلست بريطانيا مع ممثلي الشعب والثورة وكانت محادثات صعبة فبريطانيا التي عرف عنها انها تمنح الاستقلال لمستعمراتها كما يقال ولاتنتزع مستعمراتها منها استقلالها..وجدت نفسها لأول مرة في تاريخها الطويل والعريق انها أمام طرف يمثل إرادة شعب ينتزع منها استقلاله وحريته بقوة السلاح وبالتحام الجماهير معه وجدت نفسها أمام وفد عصي على المساومة ينتزع منها جوهرته الثمينة الغالية التي لاتريد التفريط بها.. ثم وجدت بريطانيا نفسها انها أمام طرف لايجيد حمل السلاح وحده بل يجيد إدارة السلاح بالعقل ويجيد مخاطبة العقل والضمير والوجدان يعرف مايريد ويدرك أهمية وقيمة وعظمة ترابه الوطني ومساحة الأرض التي عليها ترابه ومياهه وبحاره وسماءه فكانت لحظة صعبة وحرجة لبريطانيا وكان التسليم بالاستقلال والتوقيع على وثيقة الاستقلال وحدود الأرض وأطوالها وعرضها وجزرها وبحارها.
يوم العرس الجماهيري
كان يوم 30 نوفمبر 1967م عرساً جماهيرياً وشعبياً عظيماً للاستقلال السياسي ويوم انطلاقة كبرى صوب المستقبل صوب البناء الاقتصادي والاجتماعي كان يوماً لإعلان ليس الاستقلال السياسي وحسب بل وبداية المشروع البنائي، لمجتمع جديد.. الا أن عوامل داخلية وخارجية تكالبت في وجه المشروع البنائي الثقافي والاقتصادي والاجتماعي وأعاقته من المسار المنشود، الذي كانت تتطلع إليه جماهير الثورة والشعب فتعثرت خطوات مسيرته بين مد وجزر بين متطلع نحو يمن حر ديمقراطي موحد وشعب سعيد، وبين ولادة غير مكتملة النمو ليصطدم التطلع الأوسع رؤية والأعمق وعياً بقصر النظر وأحلام العجرفة واصطياد الآخرين بؤس الواقع وخطورة مايهدف إليه عمق التطلع فضربوا حصاراً على الاستقلال وسدوا منافذ الحركة والفعل أمام التطور الاقتصادي والاجتماعي للشعب اليمني ليضيق بالاستقلال ويرتد على الثورة ولكنه الشعب الذي انتصر لحريته سعى وبكل السبل للانتصار لأهدافه في الديمقراطية والوحدة والتنمية وسيواصل مساره نحو المجد التاريخي المنشود..فتحية لمناضلي الثورة وأبطال الاستقلال في عيد الاستقلال وعرس الحرية الدائم.
تتويج لنضالات الشعب اليمني
د/محمد صالح قباطي..عضو مجلس النواب يرى أن ال 30 من نوفمبر محصلة نهائية لنضالات الشعب اليمني على امتداد الأرض اليمنية ويؤكد بالقول: من الطبيعي أن يكون ال 30 من نوفمبر عيد الاستقلال الوطني هو تتويج لنضالات الشعب اليمني منذ قيام ثورة 26 سبتمبر وثورة 14 أكتوبر المجيدتين.. والتي تكللت بالنجاح من خلال دحر الاستعمار البريطاني من جزء غالي من الوطن وتحقيق الاستقلال الوطني..لذا يعتبر ال 30 من نوفمبر هو يوم تاريخي بالنسبة لليمن..حيث قدمت تضحيات كثيرة من أجل هذا اليوم العظيم والتي شاركت فيه مختلف الفئات الوطنية والاجتماعية من الشعب اليمني..في النضال ضد الاستعمار وحتى الانتصار في هذا اليوم التاريخي..ولذلك..أقدر أقول بأن ال 30 من نوفمبر..هو في الأساس يمثل حصيلة نهائية لهذا النضال الطويل والصبور الذي خاضه الشعب اليمني من أجل تحقيق هذا الاستقلال الوطني..اضافة إلى ذلك يمكنا القول هنا بأن هذا الحدث كما تعلمون هو مناسبة تاريخية حيث كان قد تحقق في هذا اليوم بالذات التوقيع على اتفاقية الوحدة بين الشطرين آنذاك..كما تم التوقيع في مثل هذا اليوم ايضاً على إعادة تحقيق وحدة الوطن.
وعلى هذا الأساس..أنا أرى بأن هذا اليوم يعتبر نقطة تحول تاريخي في مسار الشعب اليمني.
يوم تاريخي
وبالنسبة لما مثله هذا الحدث على المستوى القومي العربي يقول د/محمد قباطي: حقيقة ال30 من نوفمبر هو كان يوماً تاريخياً ليس لليمن فحسب وانما للأمة العربية عامة لأنه جاء أثناء تلك الفترة كرد صارخ للانتكاسات التي حدثت على صعيد الوطن العربي..لأن في هذا اليوم كان هناك يتولد في اليمن ألم كبير جراء مايحدث في الأمة العربية..وبالتالي كان له ومن خلال نضالات الشعب اليمني أن يحقق نجاحه بانتصار الثورة وقيام الاستقلال الوطني في اليمن ولذلك..أقدر أقول بأن هذا الحدث كان كرد فعلي وقوي على تلك الانتكاسات التي شهدتها الأمة العربية آنذاك.. بالقدر الذي مثل ال 30 من نوفمبر في تلك الحقبة التاريخية انتصاراً على المستوى الوطني، وكذلك القومي العربي.
خلاصة لتراكمات نضالية
وعن الاستقلال الوطني باعتباره ثمرة تاريخية لنضالات اليمنيين يتحدث د/عبدالباري عبدالله دغيش عضو مجلس النواب عن هذا الجانب فيقول: الاستقلال الوطني..تحقق في ال 30 من نوفمبر 1967م وهذا كان قدراً لنضالات الشعب اليمني..وخلاصة لتراكمات نضالية كمية امتدت طوال فترة الاحتلال البريطاني للشطر الجنوبي من الوطن والتي بدأت في عام 1839م.
وحقيقة لم تخمد المقاومة رغم أن الاحتلال كان في 19 يناير أي قبل 128 عاماً ولكن المقاومة ووسائل التعبير..والرفض للاحتلال كانت موجودة على الدوام حيث هناك انتفاضات سبقت في فترة الثلاثينات..والأربعينات،والخمسينات، اضافة إلى نضالات العمال ونضالات الطلبه ونضالات كل الفصائل التي وجدت أساساً في الساحة..أضف إلى ذلك شكل اندلاع ثورة 26 سبتمبر في عام 62م خلفية رئيسية في دعم ثورة الجنوب..والتي اندلعت في 14 أكتوبر عام 63م من على جبال ردفان الشماء وهنا أكد بأن الأمر كان متلازماً إذ لايمكن النظر إلى الثورة اليمنية الا بمنظار توحدها وتلازم مسارها إذ تحقق الاستقلال بعد مرور أكثر من 4 سنوات من الكفاح المسلح غير أن الكفاح المسلح لم يكن وحده..بل هناك نضالات أخرى مشهود بها لكافة الفصائل وكافة الشخصيات الوطنية..والنضالية في الجنوب حينها في عدن التي احتضنت الأحرار اليمنيين وكذا احتضنت الشخصيات المستنيرة إذن أقدر أقول..بأن النضال لم يكن مقتصراً على النضال المسلح إنما أمتد ليشمل كل مجالات النضال الثقافي والتنويري والذي لعب ايضاً دوراً في اذكاء روح الوطنية لدى الناس.
لايمكن حصر الأمر بالكفاح المسلح
ويضيف د/عبدالباري دغيش في هذا الصدد: حقيقة أي نجاح كان لأي تجربة نضالية كانت لايمكن حصر هذا الأمر بالكفاح المسلح فقط انما الناس الذين ساندوا ايضاً المناضلين وكذا الناس الذين ساعدوا الفدائيين والناس الذين ساهموا في الصحافة اليمنية..فضلاً عن هذا هو حركة النضال العربي التي كانت على مستوى الوطن العربي..والتي كانت تمثلها ثورة يوليو 52م والتي كانت تشكل الداعم للتوجهات التحررية الموجودة في المنطقة حينها، والتي لايمكن اغفالها وبالتالي نحن نتذكر ايضاً قول الزعيم/جمال عبدالناصر حينما زار اليمن وخطابه التاريخي المشهور..على بريطانيا أن تأخذ عصاها وترحل عن الجنوب.
الاستقلال شكل لبنة لإعادة وحدة الوطن
ولذلك شكل الاستقلال الوطني ايضاً لبنة من لبنات البناء لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية وإعادة الجسم اليمني الواحد إلى التلاحم في ظل ثورة نهضوية وتنموية نقطف ثمارها حتى هذه اللحظة.. بقدر أننا نتذكر في هذه اللحظات الشهداء الذين سقوا بدمائهم تربة هذا الوطن من أجل أن نتمتع حقيقة وأن نعيش هذه اللحظات الغامرة بالفرحة لتحقيق هذا الاستقلال كما ينبغي ايضاً أن نتوجه بالدعاء لأولئك الناس الذين قضوا في سبيل تحرير هذا الوطن وفي سبيل تقدمه..ووحدته وتمنيته وفي إرساء التجربة الديمقراطية التي ننعم بها في هذا الوطن..رغماً عن أي شيء..الا أن قافلة التنمية..وقافلة التقدم هي السائرة إن شاء الله.
تجسيد روح الثورة الواحدة
ومن جانبه تحدث الأستاذ/محمد أحمد عبدالولي الرميمه «أكاديمي» عن مرحلة الكفاح المسلح..وماشهدته آنذاك من تعاضد أبناء الشمال والجنوب في جبهة واحدة..وكيف يجسد ذلك واحدية الثورة اليمنية..وكذا عن أبرز صور الدعم الذي كان يقدم من الجبهة في شمال الوطن للفدائيين في جنوب الوطن.. حيث قال: جميع القوى الوطنية الوحدوية كانت تكثف متى نشاطها وتستهدف الوضع في الشمال كنقطة البداية لتحرير الجنوب من دنس الاستعمار الانجليزي ومع ذلك فقد كانت هذه الحركة تتصدى للمشاريع الاستعمارية وتقف في وجه عملائه وكان في مقدمة هذه القوى المؤتمر العمالي الأكثر قوة وفعالية ويرتكز على قاعدة شعبية قوية في المنطقة وكانت الطبقة المثقفة تأتي في المرتبة الثانية حيث كانت تضم الكثير من المتعلمين وبعض رجال القبائل الذين يعيشون في الأرياف وهذه الطبقة كانت لها آراء مختلفة متباينة وكذلك لم تصمد فترة طويلة بل انقسمت إلى تيارات وأحزاب صغيرة خرجت بعضها عن ولائها للأهداف المرسومة لجميع القوى الوطنية وبذلك زرعت بذرة الانقسام داخل هذه الطبقة نتيجة ولائها لقوى خارج الدولة اليمنية سواءً تلك التي تقع تحت الحكم الإمامي أو تلك التي تقع تحت نير الاستعمار البريطاني في الجنوب ورغم هذا الانقسام والتصدع الذي أصاب الطبقة المثقفة والتي كان من المفروض أن تقف في وجه المخطط الاستعماري المتمثل في بعض التيارات الانفصالية مثل الجمعية العدنية الحزب الدستوري الذي كان يطالب بالحكم الذاتي لعدن فقط أثناء هذه الفترة كان المد القومي العربي في أشده بقيادة مصر العربية التي سارعت لانقاذ الثورة اليمنية ودعمتها بالمال والسلاح ونسقت مع الاتحاد السوفيتي لمد يد العون لرجال الثورة بالشمال وكذلك وضع اللبنة الأولى للثورة في الجنوب واختيار مدينة تعز لتكون نقطة لتجمع ابناء الجنوب ولكي ينطلقون منها إلى الجنوب كانت مدينة تعز مركز تدريب لأبناء الجنوب وتسليحهم كان يتم في تعز حتى يتمكنوا من الانطلاق لتحرير الجنوب كما أن الجنوبيين كانت لهم قيادة خاصة بهم في تعز حيث يتلقون من خلالها الدعم من مصر والاتحاد السوفيتي كما عين لهم وزيراً لشئون الجنوب آنذاك..وعلى هذا السياق أود القول..بأنه حدثت الانتفاضة الريفية الأولى عام 1954م عندما قام الثوار بسلسلة هجمات دمروا خلالها قوة مرتزقة تابعة للاستعمار البريطاني وكانت تسمى «بالقوات العشائرية المجندة» وفي عام 1957م قام رجال القبائل المزودين بالسلاح والمال من اليمن الشمالي بمهاجمة بيحان ويافع وكانت أقوى ضربة للبريطانيين وأخطرها حيث أن عدد المقاتلين زاد بشكل كبير نتيجة تجمعهم في مدينة تعز وكانوا مسلحين أفضل تسليح نتيجة للدعم الشمالي «سواءً بالرجال أو بالمال أو بالسلاح» وكان هذا أكبر دعم لأبناء الجنوب وثورتهم من أبناء الشمال وكان ذلك يجسد روح الثورة بين الشمال والجنوب وكانت الثورة الريفية قد شكلت جبهة عريضة وخطراً كبيراً في الضالع والفضلي وسيطروا حينها في ردفان على الطريق الوحيد المؤدي إلى الضالع لكن هذه الانتفاضة ونتيجة لإيقاف الدعم عنها من قبل الشمال أخمدت واحتواها النظام الاستعماري وذلك نتيجة للخلاف بين النظام المصري والنظام الإمامي نتيجة تخوف النظام الإمامي من ظهور حركة الثورة العربية في مصر والذي قربت بأجله في عام 1962م عندما قامت ثورة 26 سبتمبر.
مسيرات مؤيدة للثورة
عند سماع أبناء الجنوب بقيام ثورة 26 سبتمبر في الشمال قامت مسيرات في 28 سبتمبر تؤيد قيام الثورة في الشمال وتدعو إلى توحيد الشمال والجنوب وهذا أصبح شعاراً عملياً لقادة التحرر في الجنوب كما قام المؤتمر العمالي بإرسال أربعة من قادة المؤتمر العمالي الذين هم من الشمال أصلاً والذين شكوا واحدية الثورة إلى شمال اليمن لاستلام أعمال ومهام وزارية في الحكومة الجديدة في الشمال حينها أدرك البريطانيون بمدى الخطر الذي تشكله قيام الجمهورية الوليدة وارتباطها بحركة المد الثوري القومي والأممي على سيطرتهم على الجنوب وردوا على قيام الثورة بالتآمر عليها وسجن العديد من انصارها الموجودين في عدن منهم زعيم المؤتمر العمالي ونائبه كما منع تعليق العديد من الصور للرئيس السلال ،جمال عبدالناصر كرد فعل كما أن الاستعمار البريطاني دعم عدداً من عملائه وبعض الرجعيين في الشمال لشن هجوم مسلح على الشمال كان هذا الهجوم المسلح على الشمال آواخر 1962م الأمر الذي ادى إلى اتخاذ موقف نهائي لقادة الجمهورية الوليدة وذلك بدعم حركة تحرير الجنوب رداً على دعم البريطانيين للملكيين في فبراير 1962م بعدها كان الدعم الناصري والجمهوري الجديد لحركة تحرير الجنوب وبالرغم من الكر والفر بين الملكيين والجمهوريين حتى أوائل 1964م أصبح معروفاً لدى القادة الشماليين بأن الدعم للجنوب سيكون على جانب كبير من الأهمية وبسبب وضع المنظمات السياسية المسيطرة وهي حزب الشعب الاشتراكي والمؤتمر العمالي العدني واللذين تواجدا في عدن فقط بسبب نقص في خبرتهما وعدم قدرتهما على تعبئة الجماهير بالشكل المطلوب وعدم قدرتهم على تسديد ضربات موجعة للبريطانيين في الداخل وضمن هذه الظروف برزت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل وتسلم هذا التنظيم مقاليد الأمور والمبادرة وكانت تشكيلات الجبهة من عدة أطياف ومنهم من شارك في المعارك الأولى للدفاع عن الجمهورية كما كان جزءاً منها يمثل حركة القوميين العرب التي اسست في الخمسينات.
ويضيف الأستاذ/محمد الرميمة..فيقول:
رغم أن الجبهة القومية كانت منقسمة حول عدة مواقف من البداية الا أنها كانت في نظر المراقبين والعالم موحدة وذلك اعطاها زخماً كبيراً.. حيث كانت بيانات الجبهة القومية السياسية في السنوات الأولى تظهر موقفاً سياسياً مميزاً وكان اساس بروزها وانتصارها هما عنصرا الكفاح المسلح والتعبئة في داخل المناطق الجنوبية.
ولذلك لقد خلقت ثورة 26 سبتمبر الظروف الملائمة للانتفاضة الثورية في الجنوب وجاءت في وقت حاسم كانت فيه القوى المرجعية تحاول عزل قوات التحرير العربية خاصة بعد انفصال سورية عن مصر عام 1961م الا انها عجزت عن فعل ذلك وكما سبق فإن الجبهة القومية اعلنت عن نفسها كذلك من صنعاء وعن النضال المسلح ومن عام 1964م بدأت المعارك المسلحة تأخذ طريقها إلى كل منطقة في الجنوب بمافي ذلك عدن..حيث كان يتم التدريب على الأسلحة المتنوعة ليل نهار خاصة في مدينة تعز حيث كان التجمع هناك بصورة رئيسية وتدفقت الأسلحة وانتشرت المعركة على طول البلاد وعرضها وكانت جميع الفصائل الوطنية في المعركة من الشمال والجنوب بعدتها وعتادها ماعدا قلة من القادة السياسيين الذين كانوا يناورون الانجليز مناورة على اساس الخيار السلمي ولكن في الأخير كانت قوة النضال والمعركة هي الأقوى لطرد المستعمر والمستبد واعوانهما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.